سراييفو -- ادى الانهيار السريع للنظام الاشتراكي في دول البلقان واوروبا الشرقية عموما الى تغييرات عميقة على الحياتين السياسية والاقتصادية فيها.
وحفل نظام الحياة في تلك الدول بالعديد من التحولات الديموقراطية وظهور الحريات العامة والغاء التأميم مما أسفر عن تفشي البطالة وانتشار الجريمة ونشؤ طبقة اثرياء استغلوا الظروف الجديدة لتحقيق ربح سريع جاء في كثير من الاحيان بطرق غير مشروعة.&
واشار تقرير لهيئة بوسنية تعنى بتجارة البترول الى "أن تجارة المواد الاستراتيجية هي الاكثر رواجا وجاذبية كالنفط الذي ادت ظروف الحروب والمقاطعة الاقتصادية الى زيادة ملحوظة في الطلب عليه في تلك المنطقة التي كانت تحصل عليه في عهد الاشتراكية من خلال عقود المقايضة التجارية لقاء تنفيذ مشاريع في دول نامية مصدرة للنفط".
وأوضح أن تلك الظروف كانت بمثابة ارض خصبة لتنامي تجارة التهريب والسوق السوداء حيث اضطرت العديد من الشركات الجديدة الخاصة التي تعني بشؤون النفط للحصول على هذه المادة بالتهريب سواء من العراق او من دول الاتحاد السوفياتي السابق ذلك ان جماعات التهريب اتصلت مع جهات في العراق لتعقد معها صفقات بتهريب النفط بالصهاريج عبر طرق وقنوات محددة في تركيا ومنها الى منطقة البلقان.
واكد ان هذه التجارة غير المشروعة قد راجت خصوصا وان العراق يقوم بتهريب نفطه وبيعه بهذا الاسلوب وبأسعار زهيدة واقل بكثير من السعر العالمي المعروف مما شجع على نمو السوق السوداء والتهريب على نطاق واسع.&وكشف تقرير جمعية مالكي شركات النفط البوسنية - الكرواتية ان شركات وهمية من دول يوغسلافيا السابقة تم تسجيلها في قبرص تقوم بالتفاوض لشراء نفط مهرب من العراق عبر الشمال (كردستان) ويجري تحويل الاموال الى الجهات العراقية عبر شركات تجارية خاصة اسستها الحكومة العراقية باسماء رجال اعمال عراقيين في قبرص او دول اخرى في المنطقة.
كما تقوم تلك الشركات (من الجانبين) بشراء مواد ومنتوجات استراتيجية للعراق خارج قائمة المواد المسموح بها اصلا ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء. واكد التقرير أن من بين الوثائق التي عثرت عليها القوات الدولية التي فتشت مؤخرا مصانع السلاح الصربية عند اكتشاف فضيحة بيع الاسلحة للعراق وثائق تشير الى عقود بين شركات وهمية يجري تحويل المبالغ والمستحقات على حسابات في بنوك خاصة في قبرص او اليونان او دول الاتحاد السوفياتي السابق.
واوضح التقرير ان تدمير العديد من محطات تكرير النفط في المنطقة وعمليات التهريب المستمرة ادت الى ظهور مشتقات من النفط ليست بالجودة المطلوبة لكنها اصبحت تلاقي رواجا في الاسواق نظرا لتدني اسعارها نسبيا مع الاسواق العالمية. وبالطبع فان جمعيات حماية البيئة بدأت تشكو هي الاخرى من التلوث الكبير الناجم عن استخدام مشتقات النفط المتدنية الجوده مما ادى الى قيام الاتحاد الاوروبي بتحذير دول المنطقة وخصوصا تلك المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي بضرورة المحافظة على مستويات الجودة في استخدام مشتقات النفط والطاقة عموما والمعمول بها في دول الاتحاد الاوروبي.
وقد ظهرت مئات الشركات التجارية الخاصة المعنية بشؤون تجارة النفط تنافس بعضها البعض ويدير بعضها زعماء مافيا التهريب والسوق السوداء والذي كان التنافس بينهم ينتهي عادة بالاغتيال على طريقة مافيا دول امريكا اللاتينية.
فعلى سبيل المثال هناك في البوسنة 30 شركة مسجلة تعني بتجارة النفط رغم ان عدد السكان لايزيد عن اربعة ملايين نسمه حيث ان غالبية تلك الشركات مرتبطة بشركات مشابهة من دول مجاورة يحصل بعضها على النفط الخام او مشتقاته من مصادر مجهولة.
وفي ظل الفوضى الامنية وغياب القوانين والانظمة الحاسمة تظل السلطات الحكومية غير راغبة او غير قادرة على مواجهة تلك الفوضى وتنظيم حركة الصادرات والواردات للمواد الاستراتيجية وعلى رأسها الطاقة.
التعليقات