&
القاهرة ـ نبيل شـرف الدين : عن عمر يناهز 62 عاماً، غيب الموت صباح اليوم الاحد المخرج والممثل المسرحي المصري الكبير عبدالغفار عودة، بعد صراع مرير مع المرض استمر أكثرمن عام عقب اصابته بفشل كلوي, ولأنه لم يكن يمتلك 40 ألف جنيه بعد أكثر من40 عاماً من العطاء الفني، حيث كان الفقيد قد قام بجراحة نقل كلية منذ نحو شهرين الا ان جسده لم يستجب لبقائها، فضلاً عن إجرائها بعد تدهور حالته الصحية، حيث
&لفظ أنفاسه الأخيرة في إحدى مستشفيات القاهرة. وقد لا يعلم الكثيرون أن الفنان الفقيد هو شقيق القطب الإخواني الراحل عبد القادر عودة، الذي أعدم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في أثناء المواجهة الشهيرة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين. وعودة من آخر جيل الرواد في التمثيل والإخراج المسرحي، وخلف تراثاً كبيراً من الأعمالا الفنية ذات المستوى الرفيع، عبر مسيرة عمل امتدت نحو اربعين عاما, شغل في نهايتها منصب مستشارا لوزير الثقافة المصري. وبدأ عودة مشواره الفني عام 1964 عقب تخرجه في معهد الفنون المسرحية، وعمل في وزارة الثقافة لمدة ‏42‏ عاما حتي وصل إلي درجة وكيل وزارة‏,‏ ولمدة ‏22‏ عاما انتخب عضوا بمجلس نقابة الممثلين ثم سكرتيرا عاما للنقابة ثم وكيلا لها ثم نقيبا دورتين متتاليتين‏،‏ وظل الرجل في أيامه الأخيرة طريح الفراش ينتظر من يمد له يد العون لينقذه من مرض الفشل الكلوي، لأنه لم يكن يملك نفقات علاجه، مما اضطره للانتظار شهوراً لجمع المبلغ المطلوب وبدأت القصة أو بالأحرى المأساة، حينما سقط عبدالغفار عودة مغشياً عليه في نفس يوم اختتام مهرجان الإذاعة والتليفزيون الأخير، ونقل حينئذ إلى مستشفي العجوزة‏ الحكومي, فاتضح أنه يعاني من فشل كلوي قديم وأجريت له الإسعافات اللازمة والغسيل الكلوي كل يومين‏,‏ ثم اتضح أن حالته لاتتحسن‏,‏ بل تزداد سوءا‏,‏ وقرر الأطباء ضرورة زرع كلي له وباقصي سرعة، وقرر حينئذ فاروق حسني وزير الثقافة المصري صرف مبلغ ثلاثين ألف جنيه مصري‏ (أكثر قليلاً من 5 آلاف دولار), قائلاً انه أقصي مايستطيع أن يدفعه من صندوق التنمية الفنية، وبقي مبلغ أربعين ألف جنيه لأن الجراحة تتكلف‏70‏ ألف جنيه وربما أكثر‏، فاتصلت أسرة الفنان بوزير الصحة المصري الدكتور محمد تاج الدين فوافق علي صرف المبلغ, ثم اتضح أن ذلك يقتضي إجراءات غريبة للغاية، منها ضرورة موافقة نقابة الأطباء علي الصرف‏,‏ وذهب سكرتير عام نقابة الممثلين لنقابة الأطباء للحصول على الموافقة‏,‏ فأعطاه سكرتير النقابة قائمة أوراق مطلوب استيفاؤها لكي يعطيه الموافقة، وبد كأنها عملية تعجيزية، كونها تتضمن أوراقاً لايمكن استيفاؤها إلا بعد عدة شهور، منها إجراء كشف طبي علي كل من يمت للفنان بقرابة للتأكد من أنهم لايستطيعون التبرع له بالكلي، ثم إقرار من المتبرع‏ بأنه موافق على (‏ إهداء‏)‏ الكلي دون مقابل‏، ثم توقيع الكشف الطبي الشامل على هذا المتبرع، ثم استيفاء أوراق عن حالة المريض الاجتماعية وحالته الصحية وحالته المالية في كل البنوك‏ المصرية، وغير ذلك من الإجراءات الروتينية التعسفية، ويبدو أن عودة اختار الطريق الأسهل، فتركنا إلى جوار ربه.