يضم "محور الشر" الذي حدده الرئيس بوش، أربعة دول، هي العراق وإيران وكوريا الشمالية وليبيا، لكنه يمكن القول عن إيران أنها تقيم في داخلها محور شر مضاعف: فهي أكبر مركز للإرهاب في الشرق الأوسط، وتقوم بتطوير خيارات نووية منوعة، تقترب من تطبيقها، من خلال استثمار مبالغ ضخمة. هذا ما يحدث في دولة تمتلك مصادر نفط غنية فيما يعيش مواطنوها على حافة الجوع.
إننا نشخص، هنا في إسرائيل، بصمات أصابع إيرانية على الكثير من نشاطات التنظيمات الإرهابية. فالإيرانيون يمولون ويسلحون ويدربون تنظيم حزب الله. هناك قرابة 100 ضابط من الحرس الثوري الإيراني في لبنان، الذين يساعدون رجال حزب الله على إعداد وتنفيذ عمليات إرهابية، ويدربونهم على الاعتناء بالعشرة آلاف صاروخ التي وضعوها في خدمتهم. كما يساعد الإيرانيون عناصر حماس والجهاد الاسلامي على تنفيذ العمليات المسلحة داخل إسرائيل. وهم الذين نفذوا جرائم إرهابية، كتفجير مقر الجالية اليهودية في بوينس أيريس.
لقد أعلنت وكالة الطاقة الدولية، أن إيران تخرق شروط الرقابة التي وافقت عليها. فهي لم تبلغ عن امتلاكها لمواد نووية وعن تصنيعها وطرق تخزينها، كما أنها لا تسمح بمراقبة منشآتها النووية. كما تسمح إيران، علانية، بقتل أشخاص لا تعجبها مواقفهم أو كتبهم. لقد أعلن حكامها، قبل 13 سنة، أن الكاتب سلمان رشدي يستحق الموت، ووعدوا من يقتله بجائزة مالية قيمتها خمسة ملايين دولار، ولا يتوقفون عن الدعوة إلى المس بـ"الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة، والقضاء على "الشيطان الأصغر"، إسرائيل.
وليس هناك ما هو أسوأ من الدمج بين النظام المظلم والسلاح النووي. ويكفي تخيل ما كان سيحدث في أوروبا لو كان هتلر قد تمكن من تصنيع السلاح النووي قبل الولايات المتحدة الأميركية. إن آيات الله الذين يؤيدون أعمال القتل ويمنحون رعايتهم للتنظيمات الإرهابية ويمتلكون السلاح النووي، يشكلون خطراً رهيباً على العالم كله.
ما الذي يجب عمله لمواجهة هذا الخطر، بعد الحملة العسكرية في أفغانستان، والحرب في العراق؟ من الواضح أن قيام الغرب بشن حرب ثالثة ليس بالمسألة البسيطة. ويبدو أن الخيار البديل والصحيح، في هذه الأثناء، يكمن في توجيه تحذير جدي إلى إيران، من قبل الدول ذات الشأن (بما فيها أميركا وروسيا والاتحاد الاوروبي)، كي تتخلص من الارهاب وتوقف الجهود التي تبذلها لانتاج اسلحة الدمار الشامل.
لكن هذه الدول لا تتعامل مع إيران بمنظور واحد. فروسيا تعتقد، أو أنها كانت تعتقد حتى الآن، بأن إيران مستعدة لفرض رقابة فاعلة على منشآتها النووية وهذا، بالطبع، يختلف مع الموقف الذي حددته الوكالة الدولية للطاقة النووية، قبل عدة أيام. أما دول الاتحاد الاوروبي، بما فيها فرنسا وألمانيا، فتعتقد بأن هناك مبالغة في التهم الموجهة إلى إيران، فيما تعتقد الولايات المتحدة بأنه يجب الانتهاء أولاً من معالجة المسألتين الأفغانية والعراقية.
هذا يعني أنه لا يوجد موقف موحد إزاء إيران. وقد تمتعت إيران بنتائج هذا الانشقاق، وتتصرف بناء على الاعتقاد بأنه سيتواصل. ويمكننا، فعلاً، الاكتشاف بأن إيران تجاوزت الخطوط الحمراء، إذا ما واصلت التقدم على المسار المضاعف عبر نشر الإرهاب وتطوير أسلحة الدمار الشامل. ويتحتم على كل من يريد منع وقوع حرب أخرى، استثمار الجهود والموارد لمنع ذلك.
يجب أن يتم التوضيح لإيران، الآن، بأنه لا يمكنها مواصلة ما تفعله، لأن صبر العالم يقارب على الانتهاء، ولا يمكن الاعتقاد بأنه سيسمح لنفسه بالتعرض إلى تهديدات القتلة الإرهابيين أو من يمتلكون أسلحة الدمار الشامل. طالما كانت إيران تعتقد بأنه يمكنها التلاعب بالعالم المنشق وتعميق هذا الانشقاق طالما ستواصل الإنكار وتسريع تقدمها الخطير نحو خلق حالة غير محتملة. وهذا هو ما فعله صدام حسين، أيضاً. لقد اعتمد على الخلافات في الرأي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي نهاية الأمر قضى على كل خيار سياسي، ولم يترك أمام الولايات المتحدة إلا الخيار العسكري.
إن التحذير المشترك، المدعوم بالتهديد بفرض عقوبات اقتصادية، هو أفضل ما يمكنه إنقاذ إيران من أخطائها، وتوفير الحاجة إلى انتهاج الخيار العسكري مرة أخرى. والمطلوب، فوراً، توفر استراتيجية سياسية موحدة وقوية في سبيل التخلص من التهديد المتزايد يومياً.&
ايديعوت أحرنوت
التعليقات