فاضل الخياط
&
&
&"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا"(1) النساء.
&يرى ابراهيم محمود في كتابه الممتع " جغرافية الملذات، الجنس في الجنة" ان المحمول الثقافي الذي استمد منه مدون التوراة قصة خلق المرأة من ضلع الرجل قد وفد اليه من اسم الهة سومرية تتمتع بمرتبة عالية في سلّم الالهة تدعى" نن تي" ومعناها في لغة العرب سيدة الضلع او سيدة الخصب لان الكلمة كما يقول محمود ابراهيم من المشترك اللفظي، الكلمة التي تحمل اكثر من معنى، ومن ثم تداخلت الدلالات مع بعضها بعضا ليصوغ لنا المنظر التوراتي قصة خلق حواء من ضلع الرجل الاعوج ، لهذا جاءت اضلاع القفص الصدري للرجل ناقصة ضلعا واحدا عن مثيله لدى النساء، الحقيقة التي ما يزال بعض منا مؤمنا به على انها مسلمة بايلوجية دون ان يلتفت الى ما يقوله علم الاحياء ما دام في جرابه علم الاموات عفوا نقصد علم الاجداد الاولين الذين ادركوا كل شيء واحاطوا من كل شيء سببا، وما علينا سوى بالرجوع الى لحظة الاكتشاف العظيم لحظة تعليم الاسماء كلها واكتمال المعرفة وغلق باب العلم.
&&&&
في تأويله لمفهوم الاعوجاج الوارد في قصة خلق حواء من ضلع مائل او اعوج او غير مستقيم حسب التعبير الهندسي، يرى الامام علي ان مفهوم عدم الاستقامة - المتعذر على التقويم كما يقول الاخباري العربي" المرأة ضلع اعوج فاذا قومته انكسر"- لا يحمل ابعادا قيمية في الحكم على المرأة وتصنيفها بمرتبة ادنى من الرجل، ويضيف الامام ان التعبير يدخل في باب المجاز الذي يحاول استحضار شيء من الحميمية في مشهد ا نحناءة الام على رضيعها، واضفاء بعض من القداسة على هذه الوضع الرحماني في اعظم لقاء ايثاري بين الجنين والام لحظة الاطعام الرباني، انه قوس قزح السماوي ينحني على الارض ويطوقها بعد موسم الاخصاب المطري، لقاء الارض بالسماء.
&يرى ابراهيم محمود في كتابه الممتع " جغرافية الملذات، الجنس في الجنة" ان المحمول الثقافي الذي استمد منه مدون التوراة قصة خلق المرأة من ضلع الرجل قد وفد اليه من اسم الهة سومرية تتمتع بمرتبة عالية في سلّم الالهة تدعى" نن تي" ومعناها في لغة العرب سيدة الضلع او سيدة الخصب لان الكلمة كما يقول محمود ابراهيم من المشترك اللفظي، الكلمة التي تحمل اكثر من معنى، ومن ثم تداخلت الدلالات مع بعضها بعضا ليصوغ لنا المنظر التوراتي قصة خلق حواء من ضلع الرجل الاعوج ، لهذا جاءت اضلاع القفص الصدري للرجل ناقصة ضلعا واحدا عن مثيله لدى النساء، الحقيقة التي ما يزال بعض منا مؤمنا به على انها مسلمة بايلوجية دون ان يلتفت الى ما يقوله علم الاحياء ما دام في جرابه علم الاموات عفوا نقصد علم الاجداد الاولين الذين ادركوا كل شيء واحاطوا من كل شيء سببا، وما علينا سوى بالرجوع الى لحظة الاكتشاف العظيم لحظة تعليم الاسماء كلها واكتمال المعرفة وغلق باب العلم.
&&&&
في تأويله لمفهوم الاعوجاج الوارد في قصة خلق حواء من ضلع مائل او اعوج او غير مستقيم حسب التعبير الهندسي، يرى الامام علي ان مفهوم عدم الاستقامة - المتعذر على التقويم كما يقول الاخباري العربي" المرأة ضلع اعوج فاذا قومته انكسر"- لا يحمل ابعادا قيمية في الحكم على المرأة وتصنيفها بمرتبة ادنى من الرجل، ويضيف الامام ان التعبير يدخل في باب المجاز الذي يحاول استحضار شيء من الحميمية في مشهد ا نحناءة الام على رضيعها، واضفاء بعض من القداسة على هذه الوضع الرحماني في اعظم لقاء ايثاري بين الجنين والام لحظة الاطعام الرباني، انه قوس قزح السماوي ينحني على الارض ويطوقها بعد موسم الاخصاب المطري، لقاء الارض بالسماء.
اول نص اورد قصة خلق المرأة من ضلع ادم كان النص التوراتي، قبل ان تتبناه لاحقا في ما يدعى الاديان الكتابية وكأن بقية الاديان لا تعرف القراءة ولا الكتابة ولا تملك مزامير ولا الواح ولا من يحزنون - في هرمها التوحيدي المتعالي الذي قسم ارث البشرية على اخوة بابل الثلاثة قبل ان يتنازعوا على الانتساب الى الكبش السماوي، ويدعي كل نسبته اليه وحق امتلاكه وحده دون الاخرين مادام لا يرث الاب احد الا الابن البكر، اما الاخ الرابع، او الخامس لا نعرف عدد الاضحيات التي تم رفعها على دكة الارث الابوي المتنازع عليه، خاصة بعد ان ذبلت عيونه ولم يجد بعد ان اختلطت عليه اليد مع الصوت سوى ان يهب ارثه لواحد من الاخوة دون سواه، ولن يعود مهما بعد ذلك ان كان الصوت صوت يعقوب واليدان يدا عيسواو العكس، ما دام الابن الذي قبض بركات الرب وميراثه هو من سيدون شريعة الاب ونصوص التاريخ، دون ان يتخلى عن ضفافه ومياهه حتى وان غطست فيها كلمة الله وقادت الى فيضانات وكوارث طبيعية.
يستنكر الامام الصادق قصة خلق المرأة من ضلع الرجل، معتبرا ان القول بها يدخل في باب الخرافات المنقولة عن الاسبقين دون تحقق او نص الهي صريح ، وحين سئل عن كيفية او حقيقة خلق المراة يجيب :- "ان الله اخذ حفنة من الطين بيمينه وكلتا يديه يمين وصنع منها ادم وبقيت فضلة من الطين صنع منها حواء " لتكون لادم الرجل زوجا من دون تاء التانيث المربوطة اخذا بشريعة النحوي العربي من ان لفظ الزوج هو السليم لغويا وان الزوجة بتاء التانيث هي من الدخيل او الخطا الشائع، اللفظ الذي استعيض عنه لاحقا بكلمة(اهل) لتظل شؤون العائلة واسماء الاناث طي الكتمان او من المحرمات التي لا يمكن باية حال تداولها او عرضها على الملأ.
&رواية الاخباري العربي عن الصادق تنسخ رواية الضلع لحساب رواية" فضلة" الطين لاحظ التفخيخ المرعب لكلمة فضلة - تنسخ قولا توراتيا لاجل خطاب عربي اسلامي، بينما تبقى المسافة بين الرجل والمراة هي هي ذاتها في المثلث الذهبي الكتابي والذي هو مجموعة المحمولات الدينية المؤسسة لعهد الله القرباني، عهد ابراهيم الذي يحرص المنظر التوحيدي ان لا يعترف باي ارث ديني او ثقافي سابق عليه، بل ان كل ما ينتمي الى عهد ما قبل ابراهيم لا يدخل الا في باب اساطير الاولين وخرافاتهم وانحرافهم عن الخط الالهي المستقيم، مع اقرار القران صراحة بانبياء كثر من قبله، لكن الارث الابراهيمي مثّل لما دعي لاحقا الاديان السماوية اكتمال الاطروحة الالهية التي يريد الله لبني البشر ان ينسوا ما سبقها تماما ويبتدأوا منها، من لحظة القربان حيث المرء وما ملك لابيه وكلاهما في النهاية ملك لله. وهي بذلك (الدعوة الابراهيمية) تمثل عهد الرب المتحرر من علائقه المادية، والمفارق للوجود البشري، العهد الذي تختفي فيه الانثى او تتم ازاحتها من المشهد القرباني، لتصبح مجرد بيدق على رقعة الدين - لاحظ اختفاء ام الذبيح تماما من مشهد الاضحية الابراهيمي - لكنه الاله الواحد لا يمكن له ان يتحرر في الخطاب التوحيدي من هيكلية نظام القبيلة البدوي في المجتمع العبري، لهذا شهدنا اليهودية في نسخة" شعب الله المختار " كان انيشتاين يقول في شيء من السخرية على هذا التابو" انا يهودي لكنني لست مختارا. تعيد الهيكلية التوراتية اعادة انتاج نفسها في الفضاء العربي الاسلامي، لتشابه المرتكزات الفكرية التي يعتمدها كلا الخطابين التوراتي والاسلامي، لذا ترسخ في المخيال الجماعي العربي الاسلامي مقولة" خير امة اخرجت للناس"، وهي في كلتا الحالين تعيد صياغة النص الديني بطرق مختلفة كأستجابة عفوية للسلوك الجماعي، المتغير دائما والخاضع لحركة التاريخ، فيقوم الدين بانتاج مصدات وكوابح تقوم بدور تنظيم الجماعة في نظام يتكفل حفظ التعاقد الاجتماعي ودوامه.
&الخطاب المسيحي( الكاثوليكي تحديدا) ينحرف كثيرا عن هذه الهيكلية، حين استدرج الرب الى دكة المذبح، بدلا من استدراج الابن البشري اليها وغرس في يديه مسامير الايثار والمحبة والتضحية التي فرضها على الاب واعفى الابناء من عبء تحملها، خلافا لخطاب ابن اور، الذي اخذ صفة المسلّمة اليقينية التي لا تقبل الدحض في الخطاب الديني التوراتي والاسلامي فيما بعد، كأن ونتحفظ كثيرا على حرف التشبيه هنا - ثمة محاولة خجولة للمصالحة بين النظام الابوي والنظام الامومي في مبدا التثليث الكاثوليكي، املتها الشروط التاريخية والاجتماعية الناتجة من تلاقح المسيحية المشرقية مع المناخ الثقافي والديني والسياسي الاغريقي او الروماني. في الخطاب التوحيدي المتعالي، ثمة اب شرس يملي على الابناء وصاياه وشرائعه، بينما في الخطاب المسيحي ثمة اب رؤوف يطل على الابناء من هامة الصليب، الاول قائم على الطاعة والموالاة بينما يقوم الثاني على العصيان والندم المتوارث من ممارسته. هذا الاختلاف يمكن عزوه الى الاختلاف في البيئة والمجتمع والهيكلية السياسية والاسطورية التي ظهرت فيها تلك الاديان او التي تم تبنيها من قبل مجتمعات اخرى متاخرا، فالمحمولات الدينية هي صدى عفوي لممارسات شعب معين وسلوكياته. كل مجتمع ينتج خطابه الديني الذي هو بحاجة اليه لاثبات مشروعية انظمته التي يتبناها، سواءً اكانت سياسية او عائلية او احتماعية الخ
&
&نجد بعض اضاءة لمنزلة المؤنث في الارث الابراهيمي كما يقول اريك فروم في كتابه "اللغة المنسية "- في حرب مردوك على الوهية تيامات " الانثى"، في النص الاسطوري " في العلا عندما" النشيد الجمهوري البابلي( السامي) الذي كان يتلى مرة كل عام على الملأ في منصة الاله الاعظم مردوك الذي منحه مجمع الالهة امكانية الخلق عبر الكلمة " ثم قال مردوك ليكن ثوب فكان ثوب " في عملية مواجهة علنية وشرسة لفعل الخلق عبر الرحم الانثوي والارضاع الذي هو خصيصة انثوية صرف والتي شحنت الوجدان الذكوري بعقد النقص والاحساس بالضعف والجدب ازاءه، ورسخ فيه كل مشاعر العداء والذعر من جبروت هذا الجسد" الالهي" الخصب حامل سر الوجود وديمومة الجنس البشري، الوضع الذي قاده الى تاليهه قبل ان يعلن الثورة عليه ويستولي على عرش الوهيته. لذلك غالبا ما تظهر ايقونة عشتار بثديين عاريين كبرهان القدرة على الانماء والعطاء، في اقدس علاقة تضحوية، امام جفاف الرجل وعقميته المتصلبة، هذا قبل ان يصار الى تحويل اكياس اللبن الرحيمة الى مهيجات جنسية من قبل سلطة الذكر الذي يحاول امتلاكها او من قبل منظري البرنوغرافيا المراهقة، الامر الذي هو ليس اكثر من صدى عنيف لحنين هائج الى طفولة ضائعة، وقبل ان يصار الى امتلاك فعل الخلق عبر اللغة / الكلام كبديل عن الحاضنة الالهية " الرحم".
&تعود بنا اسطورة " في العلا عندما" الى الانقلاب الخطير الذي حصل في تاريخ البشر حين انتقلت حيازة السلطة / الالوهية من المرأة الى الرجل وهو انقلاب متزامن مع ظهور سلطة الاقطاع والملكيات الزراعية التي صارت المرأة والاطفال رأس المال فيها والتي كانت هي المؤسس لها قبل ان يحدث الانقلاب الهائل من العبيد على سلطة الالهة الناعمة التي لا تجيد القتال او "الكون" بلغة اهل العوجة ، ووجدت السلطة الذكورية انها في حاجة الى دين مردوكي كي يضفي الشرعية على مقتنياته العائلية( الزوجة والاطفال )، حين توقف عن مطاردة وحوش الارض واصطيادها، بسبب الانجاز الذي حققته شريكته الانثى في انتاج اللحوم من خلال ترويض وحوش الارض وحيواناتها في مصنع لحوم متحركة بدلا من مطاردتها ودون الحاجة الى رماح رشيقة او حراب. انها سلطة العقل في الضد من سلطة الجسد، سلطة اصابع المغزل وحياكة الصوف في مقابل سلطة المدية.
&رواية الاخباري العربي عن الصادق تنسخ رواية الضلع لحساب رواية" فضلة" الطين لاحظ التفخيخ المرعب لكلمة فضلة - تنسخ قولا توراتيا لاجل خطاب عربي اسلامي، بينما تبقى المسافة بين الرجل والمراة هي هي ذاتها في المثلث الذهبي الكتابي والذي هو مجموعة المحمولات الدينية المؤسسة لعهد الله القرباني، عهد ابراهيم الذي يحرص المنظر التوحيدي ان لا يعترف باي ارث ديني او ثقافي سابق عليه، بل ان كل ما ينتمي الى عهد ما قبل ابراهيم لا يدخل الا في باب اساطير الاولين وخرافاتهم وانحرافهم عن الخط الالهي المستقيم، مع اقرار القران صراحة بانبياء كثر من قبله، لكن الارث الابراهيمي مثّل لما دعي لاحقا الاديان السماوية اكتمال الاطروحة الالهية التي يريد الله لبني البشر ان ينسوا ما سبقها تماما ويبتدأوا منها، من لحظة القربان حيث المرء وما ملك لابيه وكلاهما في النهاية ملك لله. وهي بذلك (الدعوة الابراهيمية) تمثل عهد الرب المتحرر من علائقه المادية، والمفارق للوجود البشري، العهد الذي تختفي فيه الانثى او تتم ازاحتها من المشهد القرباني، لتصبح مجرد بيدق على رقعة الدين - لاحظ اختفاء ام الذبيح تماما من مشهد الاضحية الابراهيمي - لكنه الاله الواحد لا يمكن له ان يتحرر في الخطاب التوحيدي من هيكلية نظام القبيلة البدوي في المجتمع العبري، لهذا شهدنا اليهودية في نسخة" شعب الله المختار " كان انيشتاين يقول في شيء من السخرية على هذا التابو" انا يهودي لكنني لست مختارا. تعيد الهيكلية التوراتية اعادة انتاج نفسها في الفضاء العربي الاسلامي، لتشابه المرتكزات الفكرية التي يعتمدها كلا الخطابين التوراتي والاسلامي، لذا ترسخ في المخيال الجماعي العربي الاسلامي مقولة" خير امة اخرجت للناس"، وهي في كلتا الحالين تعيد صياغة النص الديني بطرق مختلفة كأستجابة عفوية للسلوك الجماعي، المتغير دائما والخاضع لحركة التاريخ، فيقوم الدين بانتاج مصدات وكوابح تقوم بدور تنظيم الجماعة في نظام يتكفل حفظ التعاقد الاجتماعي ودوامه.
&الخطاب المسيحي( الكاثوليكي تحديدا) ينحرف كثيرا عن هذه الهيكلية، حين استدرج الرب الى دكة المذبح، بدلا من استدراج الابن البشري اليها وغرس في يديه مسامير الايثار والمحبة والتضحية التي فرضها على الاب واعفى الابناء من عبء تحملها، خلافا لخطاب ابن اور، الذي اخذ صفة المسلّمة اليقينية التي لا تقبل الدحض في الخطاب الديني التوراتي والاسلامي فيما بعد، كأن ونتحفظ كثيرا على حرف التشبيه هنا - ثمة محاولة خجولة للمصالحة بين النظام الابوي والنظام الامومي في مبدا التثليث الكاثوليكي، املتها الشروط التاريخية والاجتماعية الناتجة من تلاقح المسيحية المشرقية مع المناخ الثقافي والديني والسياسي الاغريقي او الروماني. في الخطاب التوحيدي المتعالي، ثمة اب شرس يملي على الابناء وصاياه وشرائعه، بينما في الخطاب المسيحي ثمة اب رؤوف يطل على الابناء من هامة الصليب، الاول قائم على الطاعة والموالاة بينما يقوم الثاني على العصيان والندم المتوارث من ممارسته. هذا الاختلاف يمكن عزوه الى الاختلاف في البيئة والمجتمع والهيكلية السياسية والاسطورية التي ظهرت فيها تلك الاديان او التي تم تبنيها من قبل مجتمعات اخرى متاخرا، فالمحمولات الدينية هي صدى عفوي لممارسات شعب معين وسلوكياته. كل مجتمع ينتج خطابه الديني الذي هو بحاجة اليه لاثبات مشروعية انظمته التي يتبناها، سواءً اكانت سياسية او عائلية او احتماعية الخ
&
&نجد بعض اضاءة لمنزلة المؤنث في الارث الابراهيمي كما يقول اريك فروم في كتابه "اللغة المنسية "- في حرب مردوك على الوهية تيامات " الانثى"، في النص الاسطوري " في العلا عندما" النشيد الجمهوري البابلي( السامي) الذي كان يتلى مرة كل عام على الملأ في منصة الاله الاعظم مردوك الذي منحه مجمع الالهة امكانية الخلق عبر الكلمة " ثم قال مردوك ليكن ثوب فكان ثوب " في عملية مواجهة علنية وشرسة لفعل الخلق عبر الرحم الانثوي والارضاع الذي هو خصيصة انثوية صرف والتي شحنت الوجدان الذكوري بعقد النقص والاحساس بالضعف والجدب ازاءه، ورسخ فيه كل مشاعر العداء والذعر من جبروت هذا الجسد" الالهي" الخصب حامل سر الوجود وديمومة الجنس البشري، الوضع الذي قاده الى تاليهه قبل ان يعلن الثورة عليه ويستولي على عرش الوهيته. لذلك غالبا ما تظهر ايقونة عشتار بثديين عاريين كبرهان القدرة على الانماء والعطاء، في اقدس علاقة تضحوية، امام جفاف الرجل وعقميته المتصلبة، هذا قبل ان يصار الى تحويل اكياس اللبن الرحيمة الى مهيجات جنسية من قبل سلطة الذكر الذي يحاول امتلاكها او من قبل منظري البرنوغرافيا المراهقة، الامر الذي هو ليس اكثر من صدى عنيف لحنين هائج الى طفولة ضائعة، وقبل ان يصار الى امتلاك فعل الخلق عبر اللغة / الكلام كبديل عن الحاضنة الالهية " الرحم".
&تعود بنا اسطورة " في العلا عندما" الى الانقلاب الخطير الذي حصل في تاريخ البشر حين انتقلت حيازة السلطة / الالوهية من المرأة الى الرجل وهو انقلاب متزامن مع ظهور سلطة الاقطاع والملكيات الزراعية التي صارت المرأة والاطفال رأس المال فيها والتي كانت هي المؤسس لها قبل ان يحدث الانقلاب الهائل من العبيد على سلطة الالهة الناعمة التي لا تجيد القتال او "الكون" بلغة اهل العوجة ، ووجدت السلطة الذكورية انها في حاجة الى دين مردوكي كي يضفي الشرعية على مقتنياته العائلية( الزوجة والاطفال )، حين توقف عن مطاردة وحوش الارض واصطيادها، بسبب الانجاز الذي حققته شريكته الانثى في انتاج اللحوم من خلال ترويض وحوش الارض وحيواناتها في مصنع لحوم متحركة بدلا من مطاردتها ودون الحاجة الى رماح رشيقة او حراب. انها سلطة العقل في الضد من سلطة الجسد، سلطة اصابع المغزل وحياكة الصوف في مقابل سلطة المدية.
قامت الاديان الانثوية على المبدأ الحسي الذي يعتمد العين كحاسة معرفية اولى بامتياز، اذا سلمنا ان المعرفة الحسية سابقة على المعرفة الذهنية او الاستدلالية العقلية، مما قاد المذ كر وهو يشاهد فعل الولادة العجيب الى الخضوع المطلق لقداسة الجسد الانثوي، في حين اعتمدت الاديان الذكورية قدرة الرجل في صناعة الكلام كفعل خلق، الكلام الذي ظل حريصا على اقتنائه هو وحده وجعل من كلام المؤنث " عورة" لا يحق لها كشفها امام الغرباء فتعطلت لديها القدرة على انتاج الكلام او تداوله، وتم استبعاده وقمعه لينزوي في حالة تفريغ ثوري لاستعادة مجد غابر في سلطة الكاهنة وخطابها حيث يمكن ان نرى في عنصر الكاهنة بقايا صدى خافت للديانات الانثوية البائدة. يزخر الارث الابوي الثقافي والسلوكي بما يعزز ما نرمي اليه، حرص هذه السلطة على حيازة " علم الكلام" واحتكاره، يقابله حرص اشد على ان يظل المؤنث في منأى عن هذا العلم البدوي بامتياز.
مع استعادة الانثى لسلطة الكلام في المجتمعات الحديثة على اثر الانقلابات الهائلة في شرعة حقوق الانسان ومبدأ الاعتراف بالاخر الانثوي ومساواته بالرجل الاقطاعي سابقا، ومع تباشير انهيار مؤسسة العائلة كوحدة معرفية تم على ضوئها تاسيس النظام الاجتماعي، نعتقد ان العالم في عصر الشبكة الضوئية والتي تتيح لجيش الامازونيات المنهزم اعادة تنظيم وحداته القتالية حين خسر الحرب مع الرجل لعدم اجادته فنون القتال الجسدي، الفن الذي اتقنه الرجل لكثرة ممارسته او لمصاحبته لوحوش الغاب، الامر الذي يمكن التنبا على اساسه باننا موشكون على ظهور اديان جديدة تتجاوز ثنائية التأنيث والتذكير التي لا نجد لها اليوم موضعا ملحوظا في اللغات التي تهيمن على العالم وتحدد له افق تفكيره ومعتقداته.
مع استعادة الانثى لسلطة الكلام في المجتمعات الحديثة على اثر الانقلابات الهائلة في شرعة حقوق الانسان ومبدأ الاعتراف بالاخر الانثوي ومساواته بالرجل الاقطاعي سابقا، ومع تباشير انهيار مؤسسة العائلة كوحدة معرفية تم على ضوئها تاسيس النظام الاجتماعي، نعتقد ان العالم في عصر الشبكة الضوئية والتي تتيح لجيش الامازونيات المنهزم اعادة تنظيم وحداته القتالية حين خسر الحرب مع الرجل لعدم اجادته فنون القتال الجسدي، الفن الذي اتقنه الرجل لكثرة ممارسته او لمصاحبته لوحوش الغاب، الامر الذي يمكن التنبا على اساسه باننا موشكون على ظهور اديان جديدة تتجاوز ثنائية التأنيث والتذكير التي لا نجد لها اليوم موضعا ملحوظا في اللغات التي تهيمن على العالم وتحدد له افق تفكيره ومعتقداته.
المنظر التوراتي ورّط البشرية في اعتماده ثنائية ا لذكر والانثىعلى مفهوم السابق واللاحق، الاول هوالاصل والسيد بينما الثاني هو الفرع او التابع او العبد، اعتمادا او تبريرا لاقطاعية الرجل وسلطته، واهمية التوراة تكمن في هذه الناحية بالذات، لان ظهورها يعد بمثابة قطيعة معرفية وتأسيس لمعرفة اخرى ونظام جديد مستفيدة من الارث الكتابي الرافديني، او اعادة تدوينه بدلا من مفردة سرقته كما يذهب ادونيس لان النظام المعرفي البشري كان دائما خاضعا لخيط معرفي متصل، مثلما قام القران فيما بعد باعادة تدوين الارث الكتابي بعهديه القديم والجديد ولكن بما يلائم البيئة الجديدة التي ينتمي اليها.
لم تتمكن الاديان اللاحقة من الخروج من الاسر التوراتي بل ظلت تعيد تلاوته وان بمفردات مختلفة، ذلك لان نظام الانتاج والملكية لم يكن قد طرا عليه أي تغير جوهري في النظام الراسمالي الذي يمكن وصفة بانه اقطاعية ملطفة. لكن مع عصر المعلوماتية المتنامي بسرعة هائلة، سنشهد علاقات انتاج مغايرة للانماط التي عهدتها البشرية منذ نظام الاقطاع، الامر الذي يشير الى اننا مقبلون على انقلابات هائلة في مستوى الانتاج الاقتصادي والمعرفي الذي يؤذن بانهيار ايقونان وظهور اخرى بدلا عنها، انطلاقا من حاجة الانسان الغريزية الى الجدار وبالتالي الى ما يعلق على الجدار. وما سيرافقه من انبثاق لغات جديدة ليس للتذكير والتانيث فيها موضعا او اثارة انتباه. كانت العرب تعفي كلمة "زوج" من تاء التانيث المربوطة، لا نعلم تحديدا الدوافع النفسية والاعتقاد الجماعي الذي يقود الى ممارسة لغوية كهذا، ربما نحتاج الى ان نستعين بعلوم كثيرة للوقوف على السبب الكامن وراء هذا الاستعمال الغريب اذا ما اخذنا بالاعتبار ولع العربي بالتذكير والتانيث وايمانه ان الذكر ليس كالانثى ابدا، ولا يهبط الى منزلتها، انها، بالنسبة اليه الحرث او الارض التي يطأها بحوافره وهو المحراث او السماء التي تخصب الارض بالمطر والا لظلت جرداء قاحلة او لظلت مجرد ارض يباب ذلك منذ ان اكتشف انه يحمل بين فخذيه سر الخلق ودوام النسل البشري، خلافا للاعتقاد السابق بان الانثى هي مصدر الخلق، ذلك قبل ان يتهيء للعقل البشري ادراك العلاقة الخفية بين الممارسة الجنسية والانجاب. لا نعلم تحديدا كم من الوقت امضت البشرية قبل ان تصل الى هذا الاستدلال الذي يبدو بدهيا لنا اليوم ويدركه أي طفل.
تتردد الانثى بين الضلع الاعوج او فضلة الطين دون ان يتهيء لها ان تكون اكثر من ذلك في الخطاب الديني البطرياركي، لانه ببساطة استجابة عفوية لحاجة المجتمع وطبيعته، فالمجتمع ينتج خطابه الديني بما يسد حاجته الى المشروعية التي هي سر استمراره وديمومته وليس العكس كما هو شائع لدى كثير من المشتغلين في الشأن الديني الاجتماعي. لذلك تظل الاية القرانية اعلاه والتي ليس فيها ما يشير الى افضلية جنس على اخر راقدة بين طيات المصحف لاربعة عشر قرنا اخرى حتى انهيار الباستيل العربي وقيام عصر الانوار وهو ما لايمكن تحققه بحرق او اتلاف المراحل التاريخية، الامر الذي غالبا ما يحلو لبعض من اصحاب كهف اليقين من ان حلول العالم العربي او الشرقي كلها تكمن في تحرره من الدين وكأن الدين ليس نسقا اونظاما يعتمده المجتمع ولا يمكن ازاحته قبل توفر الشروط الملائمة او البدائل التي تسد الفراغ الناجم عن غياب هيكل ضخم وهائل كالدين وحاجة البشر الغريزية اليه. لكن يحلو لاصحاب اليقين ان يروا ان الخلاص من الدين يمكن ان يتم بالطريقة ذاتها التي يتم فيها انتزاع رصاصة من ذراع مصاب، انه التخبط والعمى الذي الذي يصيب السهم لحظة انطلاقه.
سدني استراليا
التعليقات