بــراغ: عادت أوروبا للانقسام بين شرق وغرب رغم الخطوات الحثيثة الجارية لتوحيد القارة العجوز. الانقسام هذه المرة لايعود لاسباب ايديولوجية اوسياسية وانما بسبب مرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) فالانتشار الحاصل لهذا المرض يأخذ الان شكلا متطابقا تقريبا مع ماكان يعرف سابقا بالستار الحديدى زمن الحرب الباردة.
فبينما ارتفع عدد المصابين بهذا المرض العام الماضي في الشطر الغربي من القارة بمقدار ثلاثين الفا يأخذ الوضع أبعادا مأساوية في شرق القارة واسيا الوسطى، ففي هذا الجزء من العالم انتقلت عدوى المرض الى مئتين وخمسين الفا وبالتالي اصبح العدد الاجمالي للمصابين بفيروس هذا المرض مليون ومئتي الف شخص.
وعلى الرغم من اندراج دول اوروبا الشرقية تحت مظلة جغرافية سياسية واحدة الا ان الاوضاع فيها تختلف الان من دولة الى اخرى ليس فقط سياسيا واقتصاديا وانما صحيا ايضا ففي استونيا مثلا كان عدد المصابين بالايدز اثني عشر شخصا قبل اربعة اعوام اما في العام الماضي فقد ارتفع الرقم الى اكثر من الف وخمس مئة في حين كان عدد المصابين بالمر ض في روسيا الاتحادية في عام 1998 نحو 11 الفا اما في العام الماضي فقد ارتفع الرقم الى اكثر من 200 الف شخص .اما في اوكرانيا المجاورة فيصل عدد المصابين الى نحو 400 الف نسمة الامر الذي يشكل نسبة واحد بالمئة من عدد سكان هذه الجمهورية .
ويعود السبب الرئيسي في التقسيم الجديد الحاصل داخل القارة الاوربية حسب منظمة الصحة العالمية الى نقص المعلومات وحملات التوعية التي تحذر الناس من خطورة هذا المرض المميت وكدليل على ذلك يتم ايراد نتائج الاستطلاع الذى اجرى في جمهورتي اذربيجان واوزبكستان وتبين منه ان ثلث عدد الفتيات في الدولتين لم يسمعن بهذا المرض .
كما يعتبر تدني مستويات المعيشة والتراجع الاخلاقي الذي سجل في دول اوروبا الشرقية امام زحف القيم المادية من عوامل تفشي هذا المرض بشكل سريع في هذه الدول وذلك لارتباط انتشاره بالدعارة من جهة وتفشي المخدرات من جهة اخرى .
وفي دليل على ان الامر بالفعل يرتبط الى حد كبير بمدى نجاح برامج التوعية والحملات الوقائية وتحسن الاوضاع المعيشية تؤكد منظمة الصحة العالمية ان بولندا وتشيكيا والمجر نجحت في تخفيض عدد المصابين بهذا المرض على خلاف بقية الدول الاوربية الشرقية وبالتالي غدت الاوضاع في الدول الثلاث الان من حيث انتشار الايدز متقاربة مع الاوضاع المسجلة في الشطر الغربي من اوروبا.