&
منذ منتصف الثمانينيات الميلادية والمهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية يقام سنوياً بحضور رجال الفكر والأدب والثقافة في العالم العربي. مما شكل لبلادنا موقعاً في الخريطة الثقافية العربية. وكان أهم شيء في المهرجان يتجدد كل عام هو النشاط الفكري, الذي تراوحت قوته بين عام وآخر, واعتمدت هذه القوة على المستوى النوعي للموضوعات المطروحة وعلو قامة المشاركين في معالجتها وتحليلها. غير أن هناك شيئاً مهماً جعل هذه الندوات يعلو شأنها أو يهبط, وهو جزالة الجدل والحوار وما يستلزمانه من مناخ حرية في التعاطي والتحليل والمداخلات. وهو ما توفر بنسب متفاوتة من دورة لأخرى.
إن الفكر لا يعلو شأنه ويشع ضياؤه إلا في مناخات حرة لا تحدها القيود ولا تؤطرها الضوابط والظروف. وأجد أن مهرجان الجنادرية نجح في ذلك خلال سنوات ورسب في أخرى تبعاً لما أشرنا إليه. وهو ما اعتمد على كفاءة وجزالة ثقافة القائمين على النشاط الفكري, وما توفر لهم من صلاحيات أيضا.
إن نجاح الجنادرية يعتمد بالدرجة الأولى على الشفافية الفكرية, وعلى مستوى الانفتاح والمكاشفة التي يتمتع بها المحاضرون والمشاركون. وغير ذلك لا يمكننا أن نقيم مهرجاناً ثقافياً ناجحاً, عدا أن يكون موسماً يكرر نفسه. فلقد عرفنا على مدى التاريخ, وفي ضوء الواقع المعاش أن الفكر لا يزدهر في أجواء الضغط الثقافي أو الاجتماعي. بل ينهض عندما تتوفر الشروط الموضوعية ومنها أن يظل المثقف يفكر ويكتب ويحاور بحرية وفي طقس إبداعي.
كاتب صحافي سعودي