لا شك في أن القرار الليبي الأخير المتعلق بالتوقف عن إنتاج أسلحة نووية وبفتح المواقع والمنشآت الليبية أمام المنظمات الدولية ذات الاختصاص بالكشف على حقيقة البرنامج الليبي، كان مفاجأة كبيرة، على رغم أن المعلومات التي نشرت لاحقاً بينت ان المناقشات بين ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة كانت قد بدأت منذ فترة طويلة عبر قنوات مختلفة·
وتأتي الخطوة الليبية بعد القرار الإيراني بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية في محاولة لتجنب التهديدات التي كانت تتعرض لها إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً ومن أوروبا وغيرها من الدول عموماً· وقد ساهم الاتحاد الأوروبي في إنضاج الاتفاق الذي شكل مفاجأة أيضاً لكل المتابعين والمراقبين· ومع ذلك هل هذا يعني ان الضغط الأميركي على ايران وليبيا سيتوقف؟
يخطئ من يعتقد بهذا الأمر· ويخطئ من لا يتعلم من تجارب الآخرين· فأميركا لن تكتفي بالخطوات الإيرانية والليبية، بل ستثير مجموعة من المسائل والطلبات في وجه الدولتين المعتبرتين حتى الأمس القريب في عداد الدول المارقة!
سوف يقال : هذه الخطوات لا تكفي· المطلوب تغيير في الأنظمة، في المناهج التعليمية، في السياسات والخيارات، وفي التعاطي مع حقوق الانسان، والحرية والديمقراطية حسب الوصفات الأميركية· وبالتالي ستبقى السيوف مسلطة فمن أطاع مؤخراً وأضاع سنوات أزعج خلالها أميركا لن تقفل حساباته ببساطة· وفي الوقت ذاته سوف تستغل الخطوات الليبية والايرانية للضغط على دول أخرى وقد بدأ ذلك بالفعل من خلال الضغط الذي تتعرض له سوريا الآن تحت عنوان ضرورة وقف برنامجها للتسلح النووي! وهل تملك سوريا مثل هذا البرنامج؟ وإذا امتلكته هل يحق لها ذلك في ظل التهديدات الاسرائيلية المباشرة لها وامتلاك اسرائيل أكبر ترسانة نووية في المنطقة؟
لقد جنبت ايران نفسها الآن حرباً وحصاراً وعزلاً· وأسقطت رهانات كثيرين لكنها خسرت ورقة في الصراع· وليبيا قدمت الورقة مجاناً حتى لو اعتبر البعض أنها حصلت على ضمانة بحماية نظامها وأمنها كما قال الساعدي القذافي نجل الرئيس الليبي· فلا شيء مضموناً عند الأميركيين وأبرز دليل هو ما تعرضت وتتعرض له المملكة العربية السعودية من ضغوط واتهامات وشروط توضع أمامها للتغيير· إضافة إلى ذلك هل ثمة استهداف للبرنامج النووي الاسرائيلي لنتأكد أننا فعلاً في طريقنا إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل؟
لماذا امتلكت أو تريد سوريا أن تمتلك مثل هذه الأسلحة؟ أليس لأن في اسرائيل ما يهدد كل المنطقة ويعترف به الاسرائيليون أنفسهم؟ فلماذا لا نرى ضغطاً على إسرائيل؟ وبماذا تطالب سوريا؟ هل تضع شروطاً غير قانونية أو غير منطقية أوغير مقبولة من المجتمع الدولي عندما تدعو إلى نزع كل الأسلحة في المنطقة والوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل؟
لقد أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض الأميركي سكوت ماكليلان: إن الموقف الأميركي يتمثل في مطالبة كل دول العالم بالانضمام إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والتزام قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية· وتجنب في الوقت ذاته الاشارة إلى القدرات النووية الاسرائيلية مشيراً إلى أن الاسئلة عن فتح إسرائيل منشآتها يجب أن توجه إلى الحكومة الاسرائيلية!
لماذا اكتفت أميركا بتوجيه هذه الاسئلة فقط إلى الحكومات الايرانية والليبية والسورية والكورية وغيرها؟ ولماذا توجه الاسئلة إلى اسرائيل وأجوبتها معروفة بالرفض كما أن موقف أميركا معروف بدعم الأجوبة الاسرائيلية، وتتعرض الدول الأخرى لشتى أنواع الاتهامات والتهديدات؟
أليس في ذلك ما يؤكد ان المطلوب هو تجريد العرب والمسلمين من كل أسلحتهم، وإضعافهم بالدور دولة بعد الأخرى، فتبقى اسرائيل الأقوى والمهيمنة؟
وماذا ننتظر كعرب؟ ماذا نفعل؟ كيف نسلم أوراقنا واحدة تلو الأخرى؟ وهل بالإضعاف والإكراه يستطيع أحد أن يضمن حكماً أو سلطة أو موقعاً أو مصلحة؟
إن القرارات والخطوات الانفرادية الارتجالية والمتسرعة مهما بدت مدروسة في بداية الأمر لن تؤدي إلا إلى مزيد من التفكك والعزلة والضعف·
رب قائل: لم يعد لدينا شيء نتمسك به يعزز قوتنا ووحدتنا لقد سلمنا كل شيء، وذلك لتبرير ما يجري أو للتأكيد أن ما يجري لا يسمح للعرب بتحقيق مكتسبات وفي كلتا الحالتين شيء من الواقعية ولكنه لا يعبر عن واقع الحال تماماً·
قد تسقط إسرائيل كل المواقع، قد تغير الأنظمة، قد تغير أميركا الحكام والأنظمة وتغطي اسرائيل في ممارساتها وإرهابها ولكن ماذا بشأن فلسطين؟ كيف يمكن إسقاطها قضية وشعباً وملايين داخل اسرائيل وخارجها على أرض فلسطين وفي كل العالم؟ وكيف يمكن إسقاط الحق والتاريخ والذاكرة الجماعية وضمان استقرار في المنطقة؟
لقد ثبت للجميع أنه دون حل المشكلة الفلسطينية لن يكون أمن واستقرار وهدوء وتنمية في المنطقة، كل المنطقة، وخصوصاً في اسرائيل، التي على رغم امتلاكها كل أنواع الأسلحة وفتكها بالفلســـــطينيين منــــذ 1948 وحـــتى اليوم -على الأقل- لم تتمكن من إسقاط عزيمتهم وإرادتهم بل على العكس بات الموضوع الفلسطيني ضاغطاً على الجميع، ولذلك فإن أمام العرب فرصة جدية وهي العودة إلى فلسطين، العودة إلى جوهر الصراع بموقف يشكل الحد الأدنى من التوافق على ضرورة إقرار حل شامل وعادل للقضيةالفلسطينية مما يعزز دورهم بـالمفرق والجملة فكلما حمينا موقفاً عربياً كلما وفرنا الحماية والمنعة للمواقع الأخرى· وحماية فلسطين حماية للجميع ولا تستطيع أميركا واسرائيل تجاوز هذا الواقع، فكيف عندما نرى شعب فلسطين صامداً دون أن يمتلك الحد الأدنى من مقومات الصمود ونرى اسرائيل تواجه أزمة حقيقية؟
إن العودة إلى اعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية تعيد إلى كل دولة عربية اعتبارها وشيئاً من قوتها· فقد قدم العرب كل التنازلات ولا يزالون دون أن تتقدم اسرائيل خطوة وحيدة في اتجاه السلام ودخل العرب في سياسة الخطوة خطوة التي رسمها كيسنجر ومنذ ذلك الوقت ونحن نرى استفراداً للدول العربية واستهدافاً وحصاراً وتطويقاً وإسقاطاً بطريقة أو بأخرى الواحدة تلو الأخرى حتى وصلنا إلى ما نحن عليه ولذلك فإن المواجهة الجماعية تعيق هذه السياسة وتجدد الأمل بإمكانية النجاح كما حصل في لبنان في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، لبنان الذي يريدون معاقبته لأنه خاض هذه التجربة النموذجية الناجحة·
من هنا، وبعد تطورات وتعقيدات الوضع في العراق بفعل الاحتلال الأميركي-البريطاني، وأمام الخطوات الليبية والايرانية والتهديدات المستمرة لكل الدول العربية ينبغي العودة إلى الجامع الأساس إلى فلسطين لتكون هي القضية·
أيها العرب: عودوا إلى فلسطين·
وتأتي الخطوة الليبية بعد القرار الإيراني بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية في محاولة لتجنب التهديدات التي كانت تتعرض لها إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً ومن أوروبا وغيرها من الدول عموماً· وقد ساهم الاتحاد الأوروبي في إنضاج الاتفاق الذي شكل مفاجأة أيضاً لكل المتابعين والمراقبين· ومع ذلك هل هذا يعني ان الضغط الأميركي على ايران وليبيا سيتوقف؟
يخطئ من يعتقد بهذا الأمر· ويخطئ من لا يتعلم من تجارب الآخرين· فأميركا لن تكتفي بالخطوات الإيرانية والليبية، بل ستثير مجموعة من المسائل والطلبات في وجه الدولتين المعتبرتين حتى الأمس القريب في عداد الدول المارقة!
سوف يقال : هذه الخطوات لا تكفي· المطلوب تغيير في الأنظمة، في المناهج التعليمية، في السياسات والخيارات، وفي التعاطي مع حقوق الانسان، والحرية والديمقراطية حسب الوصفات الأميركية· وبالتالي ستبقى السيوف مسلطة فمن أطاع مؤخراً وأضاع سنوات أزعج خلالها أميركا لن تقفل حساباته ببساطة· وفي الوقت ذاته سوف تستغل الخطوات الليبية والايرانية للضغط على دول أخرى وقد بدأ ذلك بالفعل من خلال الضغط الذي تتعرض له سوريا الآن تحت عنوان ضرورة وقف برنامجها للتسلح النووي! وهل تملك سوريا مثل هذا البرنامج؟ وإذا امتلكته هل يحق لها ذلك في ظل التهديدات الاسرائيلية المباشرة لها وامتلاك اسرائيل أكبر ترسانة نووية في المنطقة؟
لقد جنبت ايران نفسها الآن حرباً وحصاراً وعزلاً· وأسقطت رهانات كثيرين لكنها خسرت ورقة في الصراع· وليبيا قدمت الورقة مجاناً حتى لو اعتبر البعض أنها حصلت على ضمانة بحماية نظامها وأمنها كما قال الساعدي القذافي نجل الرئيس الليبي· فلا شيء مضموناً عند الأميركيين وأبرز دليل هو ما تعرضت وتتعرض له المملكة العربية السعودية من ضغوط واتهامات وشروط توضع أمامها للتغيير· إضافة إلى ذلك هل ثمة استهداف للبرنامج النووي الاسرائيلي لنتأكد أننا فعلاً في طريقنا إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل؟
لماذا امتلكت أو تريد سوريا أن تمتلك مثل هذه الأسلحة؟ أليس لأن في اسرائيل ما يهدد كل المنطقة ويعترف به الاسرائيليون أنفسهم؟ فلماذا لا نرى ضغطاً على إسرائيل؟ وبماذا تطالب سوريا؟ هل تضع شروطاً غير قانونية أو غير منطقية أوغير مقبولة من المجتمع الدولي عندما تدعو إلى نزع كل الأسلحة في المنطقة والوصول إلى اتفاق سلام شامل وعادل؟
لقد أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض الأميركي سكوت ماكليلان: إن الموقف الأميركي يتمثل في مطالبة كل دول العالم بالانضمام إلى معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والتزام قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية· وتجنب في الوقت ذاته الاشارة إلى القدرات النووية الاسرائيلية مشيراً إلى أن الاسئلة عن فتح إسرائيل منشآتها يجب أن توجه إلى الحكومة الاسرائيلية!
لماذا اكتفت أميركا بتوجيه هذه الاسئلة فقط إلى الحكومات الايرانية والليبية والسورية والكورية وغيرها؟ ولماذا توجه الاسئلة إلى اسرائيل وأجوبتها معروفة بالرفض كما أن موقف أميركا معروف بدعم الأجوبة الاسرائيلية، وتتعرض الدول الأخرى لشتى أنواع الاتهامات والتهديدات؟
أليس في ذلك ما يؤكد ان المطلوب هو تجريد العرب والمسلمين من كل أسلحتهم، وإضعافهم بالدور دولة بعد الأخرى، فتبقى اسرائيل الأقوى والمهيمنة؟
وماذا ننتظر كعرب؟ ماذا نفعل؟ كيف نسلم أوراقنا واحدة تلو الأخرى؟ وهل بالإضعاف والإكراه يستطيع أحد أن يضمن حكماً أو سلطة أو موقعاً أو مصلحة؟
إن القرارات والخطوات الانفرادية الارتجالية والمتسرعة مهما بدت مدروسة في بداية الأمر لن تؤدي إلا إلى مزيد من التفكك والعزلة والضعف·
رب قائل: لم يعد لدينا شيء نتمسك به يعزز قوتنا ووحدتنا لقد سلمنا كل شيء، وذلك لتبرير ما يجري أو للتأكيد أن ما يجري لا يسمح للعرب بتحقيق مكتسبات وفي كلتا الحالتين شيء من الواقعية ولكنه لا يعبر عن واقع الحال تماماً·
قد تسقط إسرائيل كل المواقع، قد تغير الأنظمة، قد تغير أميركا الحكام والأنظمة وتغطي اسرائيل في ممارساتها وإرهابها ولكن ماذا بشأن فلسطين؟ كيف يمكن إسقاطها قضية وشعباً وملايين داخل اسرائيل وخارجها على أرض فلسطين وفي كل العالم؟ وكيف يمكن إسقاط الحق والتاريخ والذاكرة الجماعية وضمان استقرار في المنطقة؟
لقد ثبت للجميع أنه دون حل المشكلة الفلسطينية لن يكون أمن واستقرار وهدوء وتنمية في المنطقة، كل المنطقة، وخصوصاً في اسرائيل، التي على رغم امتلاكها كل أنواع الأسلحة وفتكها بالفلســـــطينيين منــــذ 1948 وحـــتى اليوم -على الأقل- لم تتمكن من إسقاط عزيمتهم وإرادتهم بل على العكس بات الموضوع الفلسطيني ضاغطاً على الجميع، ولذلك فإن أمام العرب فرصة جدية وهي العودة إلى فلسطين، العودة إلى جوهر الصراع بموقف يشكل الحد الأدنى من التوافق على ضرورة إقرار حل شامل وعادل للقضيةالفلسطينية مما يعزز دورهم بـالمفرق والجملة فكلما حمينا موقفاً عربياً كلما وفرنا الحماية والمنعة للمواقع الأخرى· وحماية فلسطين حماية للجميع ولا تستطيع أميركا واسرائيل تجاوز هذا الواقع، فكيف عندما نرى شعب فلسطين صامداً دون أن يمتلك الحد الأدنى من مقومات الصمود ونرى اسرائيل تواجه أزمة حقيقية؟
إن العودة إلى اعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية تعيد إلى كل دولة عربية اعتبارها وشيئاً من قوتها· فقد قدم العرب كل التنازلات ولا يزالون دون أن تتقدم اسرائيل خطوة وحيدة في اتجاه السلام ودخل العرب في سياسة الخطوة خطوة التي رسمها كيسنجر ومنذ ذلك الوقت ونحن نرى استفراداً للدول العربية واستهدافاً وحصاراً وتطويقاً وإسقاطاً بطريقة أو بأخرى الواحدة تلو الأخرى حتى وصلنا إلى ما نحن عليه ولذلك فإن المواجهة الجماعية تعيق هذه السياسة وتجدد الأمل بإمكانية النجاح كما حصل في لبنان في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، لبنان الذي يريدون معاقبته لأنه خاض هذه التجربة النموذجية الناجحة·
من هنا، وبعد تطورات وتعقيدات الوضع في العراق بفعل الاحتلال الأميركي-البريطاني، وأمام الخطوات الليبية والايرانية والتهديدات المستمرة لكل الدول العربية ينبغي العودة إلى الجامع الأساس إلى فلسطين لتكون هي القضية·
أيها العرب: عودوا إلى فلسطين·
(الاتحاد)
التعليقات