"إيلاف"&من موسكو: عشية الانتخابات الرئاسية في جورجيا والتي ستبدأ غداً االاحد، ترى العديد من المنظمات غير الحكومية الجورجية والروسية، والكثيرون من المراقبين، أن الفرصة الأكبر للنجاح في الانتخابات الجورجية ستكون من نصيب زعيم حزبا "الحركة القومية" ومرشح التحالف السياسي "وأحد الزعماء الذين نظموا "الانقلاب السلمي" في جورجيا ميخائيل ساكاشفيلي. ويركز ساكاشفيلي خلال الأيام الأخيرة على أن جورجيا مستعدة للصداقة والتعاون مع روسيا إذا ما التزمت باحترام استقلالها وسيادتها. وفي المقابل يطرح عدة بدائل بقوله "نحن نريد توطيد أواصر الصداقة مع روسيا، ولكن عليها أن تفهم جيدا أنا لدينا الكثير من البدائل الأخرى مثل أوكرانيا وأذربيجان وأرمينيا وتركيا".
ويسعى ساكاشفيلي إلى عدم استفزاز المشاعر القومية في جورجيا بالتركيز على عزمه، في حالة توليه منصب الرئاسة، إقامة علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والانضمام إلى المنظمات والهيئات الدولية وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي، ويركز هجومه الحاد على قادة الجمهوريات الثلاث التي تعارض السلطات في "تبليسي" وعلى رأسها رئيس جمهورية أجاريا ذات الحكم الذاتي في إطار جورجيا أصلان أباشيدزه.
وفي تهديد واضح، وقبل أن يتولى ساكاشفيلي رئاسة جورجيا، أعلن بأن "أجاريا ليست ملكية خاصة, وإذا كان هناك من يحاول فصل هذه الجمهورية عن جورجيا، فأنا أجهز له غرفة من أربعة جدران" وفي سياق هجومه قال ساكاشفيلي بأن الرئيس الجورجي السابق "شفاردنادزه دمر ما يمكن تدميره ولم يعد هناك ما تبقى لكي يدمره الآخرون. ونحن عازمون بما فيه الكفاية على توحيد أراضي جورجيا، وعدم السماح بأي خطوات انفصالية".
المرشح الثاني الذي ينافس ساكاشفيلي على منصب الرئاسة في جورجيا هو زعيم الحركة السياسية "دافيد سترايتل" روين ليبارتيلياني. إضافة إلى كل من رئيس اتحاد المحامين الجورجيين كارتلوس جاريباشفيلي، ورئيس الحركة السياسية "مدزليفيلي" زوراب كليخساشفيلي، ورئيس المنظمة غير الحكومية "جمعية المعاقين" ظاظا سيخاروليدزه، وحاكم إقليم إميرتي السابق تيموراز شاشياشفيلي. وكان 15 شخصا تقدموا للمنافسة على منصب الرئاسة، إلا أن ثمانية منهم لم يتمكنوا من جمع التوقيعات اللازمة للتسجيل، والتي يصل عددها إلى 50 ألف توقيع. وقامت اللجنة المركزية للانتخابات في جورجيا برفض ترشيح رئيس الاستخبارات الجورجية السابق إيجور جيورجادزه بسبب مخالفته لقوانين الانتخابات المذكورة في الدستور الجورجي، لأنه عاش خلال العامين الأخيرين خارج حدود جورجيا. وجيورجادزه مطلوب من قبل أجهزة الامن الجورجية بتهمة تدبير محاولة اغتيال الرئيس الجورجي السابق إدوارد شيفادرنادزه عام 1995.
وعشية الانتخابات قررت اللجنة المركزية توزيع حوالي ثلاثة ملايين استمارة انتخابية على جميع اللجان الموجودة على الأراضي الجورجية، بما في ذلك الجمهوريات الثلاث المعارضة للسلطات الجديدة في تبليسي. وكما ذكرت اللجنة المركزية للانتخابات فسوف يقوم 500 مراقب من عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا واليابان والصين وتركيا بمراقبة الانتخابات. إضافة إلى 90 مراقبا من بلدان رابطة الدول المستقلة، منهم 36 من روسيا. وسيغطي الانتخابات 950 صحفيا أجنبيا، إلى جانب وسائل الإعلام المحلية.
وعلى الرغم من إجراء الانتخابات الرئاسية في جورجيا أثناء عطلات أعياد رأس السنة الميلادية فإن الرأي العام الروسي والأوروبي، وفي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في حالة من التوقع والانتظار، وإن كان الجميع يعرفون أن الفائز في هذه الانتخابات سيكون ميخائيل ساكاشفيلي أحد زعماء الثلاثي المعارض (ساكاشفيلي,بوردجانادزه ,جفانيا). وإلى جانب القلق الذي يعم الرأي العام، تنظر الدوائر السياسية الرسمية وغير الرسمية في أوروبا وروسيا ورابطة الدول المستقلة باهتمام شديد لما يمكن أن تسفر عنه هذه الانتخابات ليس فقط بالنسبة لنتائجها، وإنما للآثار المترتبة على النتائج، وخاصة في مجال العلاقات الجيوسياسية الدولية بين القوى الكبرى، وإمكانية اندلاع صراع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب، وروسيا من جانب آخر.
ويسعى ساكاشفيلي إلى عدم استفزاز المشاعر القومية في جورجيا بالتركيز على عزمه، في حالة توليه منصب الرئاسة، إقامة علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والانضمام إلى المنظمات والهيئات الدولية وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي، ويركز هجومه الحاد على قادة الجمهوريات الثلاث التي تعارض السلطات في "تبليسي" وعلى رأسها رئيس جمهورية أجاريا ذات الحكم الذاتي في إطار جورجيا أصلان أباشيدزه.
وفي تهديد واضح، وقبل أن يتولى ساكاشفيلي رئاسة جورجيا، أعلن بأن "أجاريا ليست ملكية خاصة, وإذا كان هناك من يحاول فصل هذه الجمهورية عن جورجيا، فأنا أجهز له غرفة من أربعة جدران" وفي سياق هجومه قال ساكاشفيلي بأن الرئيس الجورجي السابق "شفاردنادزه دمر ما يمكن تدميره ولم يعد هناك ما تبقى لكي يدمره الآخرون. ونحن عازمون بما فيه الكفاية على توحيد أراضي جورجيا، وعدم السماح بأي خطوات انفصالية".
المرشح الثاني الذي ينافس ساكاشفيلي على منصب الرئاسة في جورجيا هو زعيم الحركة السياسية "دافيد سترايتل" روين ليبارتيلياني. إضافة إلى كل من رئيس اتحاد المحامين الجورجيين كارتلوس جاريباشفيلي، ورئيس الحركة السياسية "مدزليفيلي" زوراب كليخساشفيلي، ورئيس المنظمة غير الحكومية "جمعية المعاقين" ظاظا سيخاروليدزه، وحاكم إقليم إميرتي السابق تيموراز شاشياشفيلي. وكان 15 شخصا تقدموا للمنافسة على منصب الرئاسة، إلا أن ثمانية منهم لم يتمكنوا من جمع التوقيعات اللازمة للتسجيل، والتي يصل عددها إلى 50 ألف توقيع. وقامت اللجنة المركزية للانتخابات في جورجيا برفض ترشيح رئيس الاستخبارات الجورجية السابق إيجور جيورجادزه بسبب مخالفته لقوانين الانتخابات المذكورة في الدستور الجورجي، لأنه عاش خلال العامين الأخيرين خارج حدود جورجيا. وجيورجادزه مطلوب من قبل أجهزة الامن الجورجية بتهمة تدبير محاولة اغتيال الرئيس الجورجي السابق إدوارد شيفادرنادزه عام 1995.
وعشية الانتخابات قررت اللجنة المركزية توزيع حوالي ثلاثة ملايين استمارة انتخابية على جميع اللجان الموجودة على الأراضي الجورجية، بما في ذلك الجمهوريات الثلاث المعارضة للسلطات الجديدة في تبليسي. وكما ذكرت اللجنة المركزية للانتخابات فسوف يقوم 500 مراقب من عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا واليابان والصين وتركيا بمراقبة الانتخابات. إضافة إلى 90 مراقبا من بلدان رابطة الدول المستقلة، منهم 36 من روسيا. وسيغطي الانتخابات 950 صحفيا أجنبيا، إلى جانب وسائل الإعلام المحلية.
وعلى الرغم من إجراء الانتخابات الرئاسية في جورجيا أثناء عطلات أعياد رأس السنة الميلادية فإن الرأي العام الروسي والأوروبي، وفي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في حالة من التوقع والانتظار، وإن كان الجميع يعرفون أن الفائز في هذه الانتخابات سيكون ميخائيل ساكاشفيلي أحد زعماء الثلاثي المعارض (ساكاشفيلي,بوردجانادزه ,جفانيا). وإلى جانب القلق الذي يعم الرأي العام، تنظر الدوائر السياسية الرسمية وغير الرسمية في أوروبا وروسيا ورابطة الدول المستقلة باهتمام شديد لما يمكن أن تسفر عنه هذه الانتخابات ليس فقط بالنسبة لنتائجها، وإنما للآثار المترتبة على النتائج، وخاصة في مجال العلاقات الجيوسياسية الدولية بين القوى الكبرى، وإمكانية اندلاع صراع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب، وروسيا من جانب آخر.
المنغصات بين موسكو وتبليسي
عقب الإطاحة بالرئيس الجورجي السابق إدوارد شفاردنادزه والتصريحات الحادة التي أدلت بها السلطات الجورجية الجديدة تجاه روسل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها توقف لمدة شهر معاملات إعداد جوازات السفر للمواطنين الروس ابتداء من هذا الشهر بسبب أعمال موظفيها الكثيرة جدا. أما صحف موسكو فإنها أرجعت ذلك لأسباب أخرى، إذ رأت أن سبب التوقف هو ما يجري بشأن إمداد آلاف الأشخاص الذين يريدون الحصول على الجنسية الروسية في أبخازيا بالوثائق اللازمة بأسرع وقت ممكن. ولعل حصول سكان أبخازيا على الجنسية الروسية في السنوات الأخيرة على نطاق واسع كان أكثر الأسباب التي أدت إلى تعكير صفو العلاقات الثنائية بين روسيا وجورجيا. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 70% من سكان جمهورية أبخازيا ذات الحكم الذاتي في إطار جورجيا والتي أعلنت استقلالها من طرف واحد هم من حملة الجنسية الروسية الآن.
ومن جهة أخرى طلب أصلان أباشيدزه رئيس جمهورية آجاريا ذات الحكم الذاتي، والذي يكاد يمضي كل أيامه في إجراء المباحثات في موسكو منذ الأحداث الأخيرة في تبليسي، من موسكو تسهيل إجراءات نظام حصول الأجاريين على التأشيرات الروسية. والسبب أن موسكو اضطرت لفرض نظام التأشيرة مع جورجيا لأن تبليسي لم تتمكن أو لم ترغب في مراقبة دخول الإرهابيين من الخارج، خاصة وأن جورجيا كانت بالنسبة لهم نقطة عبور للوصول إلى الشيشان. وأباشيدزه على استعداد لتقديم ضمانات أكيدة بأن أحدا، باستثناء سكان جمهوريته، لن يتمكن من استغلال تسهيلات نظام التأشيرات. ويمكن الاعتماد على تأكيدات أباشيدزه، لأنه يسيطر كليا على الوضع في جمهوريته التي تعتبر منطقة مستقرة في جورجيا.
في هذا السياق ترى المعلقة السياسية بوكالة أنباء "ريا نوفستي" مارينا شاكينا أن نظام تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات قائم في مناطق الحدود الروسية الجورجية في أبخازيا نفسها وفي جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الحكم الذاتي التي لا تسيطر عليها جورجيا أيضا. ويثير هذا الظرف منذ فترة طويلة قلق السلطات الجورجية. وإذا استثنت موسكو جمهورية جورجية ثالثة (أجاريا)من نظام التأشيرة مع روسيا الآن فإن العلاقات ستزداد سوء. وأضافت بأن سلطات تبليسي والجالية الجورجية الكبيرة في روسيا تميل إلى اتهام موسكو بأنها تستغل المرحلة العصيبة في تاريخ جورجيا وتحاول إثارة الميول الانفصالية في الجمهوريات ذات الحكم الذاتي. ولكن الكرملين والسياسيين الروس يقدرون حق التقدير أن الانفصالية لن تؤدي إلا إلى زيادة حدة الأزمة الجورجية. وبالتالي من الممكن أن تتحول جورجيا إلى دولة تسيطر عليها الفوضى وتصبح فريسة للإرهابيين الدوليين الذين لا يمكن أن ينال وجودهم على الحدود مع روسيا ( بالقرب من الشيشان مباشرة) رضاء وإعجاب موسكو أبدا. ولعل روسيا بحاجة إلى شيء آخر وهو إعادة جورجيا نفسها إلى مجال نفوذها. ومن الممكن أن تعتبر موسكو توطيد علاقاتها مع الجمهوريات ذات الحكم الذاتي، ولكن ليس انفصالها، أحد الطرق للتوصل إلى الهدف المرسوم. إن أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تتصرفان منذ أوائل التسعينات، وكأنه ليست لهما أية علاقة بجورجيا. وبعد مجيء المعارضة الجورجية إلى السلطة بدلا من إدوارد شيفاردنادزه ستزداد الهوة بين هذه الجمهوريات وجورجيا لأن الكثيرين يرون أنها (المعارضة) تتميز بالتعصب القومي. وكان هذا الشيء متوقعا. أما نهج أباشيدزه الراديكالي فقد أصبح مفاجأة. إذ قام رئيس أجاريا في البداية بإغلاق الحدود. وأعلن مؤخرا أن جمهوريته لن تشارك في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في جورجيا غداً لأنه لا يمكن الإعداد للانتخابات الحقيقية خلال مثل هذه الفترة القصيرة. وتوجه رؤساء أجاريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بسرعة إلى موسكو لإجراء المشاورات لأنهم يشعرون بالخطر الذي يهدد جمهورياتهم ويلجئون إلى ضامن الاستقرار فيها. وحاولت السلطات المركزية الجورجية برئاسة شيفاردنادزه مرارا طوال التسعينات حل قضايا الأراضي المنفصلة بالقوة. وتخاف الجمهوريات ذات الحكم الذاتي من أن قيادة جورجيا الجديدة من الممكن أن تحاول عمل الشيء نفسه.
ورأت شاكينا أن عامل التأثير القوي على جورجيا هو العامل الاقتصادي الموجود عمليا في يد روسيا. إذ أن شركة "نظام الطاقة الموحد" الروسية اقتنت قبل عدة اشهر نظام الطاقة الكهربائية الجورجي. وتورد روسيا الغاز أيضا إلى جورجيا بأسعار تسهيلية ليس بإمكان جورجيا مع ذلك دفع تكاليفه. وأخيرا تعتبر روسيا السوق الواسعة الوحيدة في العالم لأشهر سلع التصدير الجورجية وهي الخمور والمياه المعدنية "بورجومي". ويمكن القول إن الخبراء السياسيين في روسيا يتفقون بالإجماع على أنه من الضروري الآن بالذات تقديم مساعدة عملية لجورجيا في حل أصعب قضاياها. وبإمكان موسكو، أولا، أن تساعد على إجراء الحوار بين تبليسي والجمهوريات ذات الحكم الذاتي من أجل إيجاد صيغة فعالة لإقامة كيان فيدرالي. وثانيا، الاشتراك بفعالية أكثر في النهوض بالاقتصاد الجورجي. ومع ذلك يبقى الوضع في تبليسي غامضا. وليست واضحة بعد نوايا المعارضة تجاه روسيا بالرغم من أن قادتها ميخائيل ساكاشفيلي ونينو بوردجانادزه وزوراب جفانيا أعلنوا مرارا في الأيام الأخيرة عن اهتمامهم بالحوار مع موسكو. ولكن موسكو تذكر أيضا تصريحاتهم الأخرى المعاكسة.
وأكدت شاكينا بأن الآراء في روسيا حول الوضع في جورجيا بشكل عام أكثر تشاؤما. فوجود تشكيلات مسلحة لدى كل حزب في جورجيا والأعداد الكبيرة للاجئين من أبخازيا الذين لم يتمكنوا خلال 10 سنوات من تنظيم حياتهم في جورجيا وفقر السكان وانفصال الأراضي-كل هذه العوامل من الممكن أن تدفع قيادة الدولة غير المحنكة إلى استخدام القوة للتسوية السياسية فيه. ومن مصلحة موسكو المباشرة السعي إلى بذل قصارى الجهود من أجل ألا يحدث ذلك.
ومن جهة أخرى طلب أصلان أباشيدزه رئيس جمهورية آجاريا ذات الحكم الذاتي، والذي يكاد يمضي كل أيامه في إجراء المباحثات في موسكو منذ الأحداث الأخيرة في تبليسي، من موسكو تسهيل إجراءات نظام حصول الأجاريين على التأشيرات الروسية. والسبب أن موسكو اضطرت لفرض نظام التأشيرة مع جورجيا لأن تبليسي لم تتمكن أو لم ترغب في مراقبة دخول الإرهابيين من الخارج، خاصة وأن جورجيا كانت بالنسبة لهم نقطة عبور للوصول إلى الشيشان. وأباشيدزه على استعداد لتقديم ضمانات أكيدة بأن أحدا، باستثناء سكان جمهوريته، لن يتمكن من استغلال تسهيلات نظام التأشيرات. ويمكن الاعتماد على تأكيدات أباشيدزه، لأنه يسيطر كليا على الوضع في جمهوريته التي تعتبر منطقة مستقرة في جورجيا.
في هذا السياق ترى المعلقة السياسية بوكالة أنباء "ريا نوفستي" مارينا شاكينا أن نظام تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات قائم في مناطق الحدود الروسية الجورجية في أبخازيا نفسها وفي جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الحكم الذاتي التي لا تسيطر عليها جورجيا أيضا. ويثير هذا الظرف منذ فترة طويلة قلق السلطات الجورجية. وإذا استثنت موسكو جمهورية جورجية ثالثة (أجاريا)من نظام التأشيرة مع روسيا الآن فإن العلاقات ستزداد سوء. وأضافت بأن سلطات تبليسي والجالية الجورجية الكبيرة في روسيا تميل إلى اتهام موسكو بأنها تستغل المرحلة العصيبة في تاريخ جورجيا وتحاول إثارة الميول الانفصالية في الجمهوريات ذات الحكم الذاتي. ولكن الكرملين والسياسيين الروس يقدرون حق التقدير أن الانفصالية لن تؤدي إلا إلى زيادة حدة الأزمة الجورجية. وبالتالي من الممكن أن تتحول جورجيا إلى دولة تسيطر عليها الفوضى وتصبح فريسة للإرهابيين الدوليين الذين لا يمكن أن ينال وجودهم على الحدود مع روسيا ( بالقرب من الشيشان مباشرة) رضاء وإعجاب موسكو أبدا. ولعل روسيا بحاجة إلى شيء آخر وهو إعادة جورجيا نفسها إلى مجال نفوذها. ومن الممكن أن تعتبر موسكو توطيد علاقاتها مع الجمهوريات ذات الحكم الذاتي، ولكن ليس انفصالها، أحد الطرق للتوصل إلى الهدف المرسوم. إن أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تتصرفان منذ أوائل التسعينات، وكأنه ليست لهما أية علاقة بجورجيا. وبعد مجيء المعارضة الجورجية إلى السلطة بدلا من إدوارد شيفاردنادزه ستزداد الهوة بين هذه الجمهوريات وجورجيا لأن الكثيرين يرون أنها (المعارضة) تتميز بالتعصب القومي. وكان هذا الشيء متوقعا. أما نهج أباشيدزه الراديكالي فقد أصبح مفاجأة. إذ قام رئيس أجاريا في البداية بإغلاق الحدود. وأعلن مؤخرا أن جمهوريته لن تشارك في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في جورجيا غداً لأنه لا يمكن الإعداد للانتخابات الحقيقية خلال مثل هذه الفترة القصيرة. وتوجه رؤساء أجاريا وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بسرعة إلى موسكو لإجراء المشاورات لأنهم يشعرون بالخطر الذي يهدد جمهورياتهم ويلجئون إلى ضامن الاستقرار فيها. وحاولت السلطات المركزية الجورجية برئاسة شيفاردنادزه مرارا طوال التسعينات حل قضايا الأراضي المنفصلة بالقوة. وتخاف الجمهوريات ذات الحكم الذاتي من أن قيادة جورجيا الجديدة من الممكن أن تحاول عمل الشيء نفسه.
ورأت شاكينا أن عامل التأثير القوي على جورجيا هو العامل الاقتصادي الموجود عمليا في يد روسيا. إذ أن شركة "نظام الطاقة الموحد" الروسية اقتنت قبل عدة اشهر نظام الطاقة الكهربائية الجورجي. وتورد روسيا الغاز أيضا إلى جورجيا بأسعار تسهيلية ليس بإمكان جورجيا مع ذلك دفع تكاليفه. وأخيرا تعتبر روسيا السوق الواسعة الوحيدة في العالم لأشهر سلع التصدير الجورجية وهي الخمور والمياه المعدنية "بورجومي". ويمكن القول إن الخبراء السياسيين في روسيا يتفقون بالإجماع على أنه من الضروري الآن بالذات تقديم مساعدة عملية لجورجيا في حل أصعب قضاياها. وبإمكان موسكو، أولا، أن تساعد على إجراء الحوار بين تبليسي والجمهوريات ذات الحكم الذاتي من أجل إيجاد صيغة فعالة لإقامة كيان فيدرالي. وثانيا، الاشتراك بفعالية أكثر في النهوض بالاقتصاد الجورجي. ومع ذلك يبقى الوضع في تبليسي غامضا. وليست واضحة بعد نوايا المعارضة تجاه روسيا بالرغم من أن قادتها ميخائيل ساكاشفيلي ونينو بوردجانادزه وزوراب جفانيا أعلنوا مرارا في الأيام الأخيرة عن اهتمامهم بالحوار مع موسكو. ولكن موسكو تذكر أيضا تصريحاتهم الأخرى المعاكسة.
وأكدت شاكينا بأن الآراء في روسيا حول الوضع في جورجيا بشكل عام أكثر تشاؤما. فوجود تشكيلات مسلحة لدى كل حزب في جورجيا والأعداد الكبيرة للاجئين من أبخازيا الذين لم يتمكنوا خلال 10 سنوات من تنظيم حياتهم في جورجيا وفقر السكان وانفصال الأراضي-كل هذه العوامل من الممكن أن تدفع قيادة الدولة غير المحنكة إلى استخدام القوة للتسوية السياسية فيه. ومن مصلحة موسكو المباشرة السعي إلى بذل قصارى الجهود من أجل ألا يحدث ذلك.
خطر المغامرة
وفي سياق العلاقات الاقتصادية بين موسكو وتبليسي رأى نائب رئيس رابطة السياسة الخارجية ديمتري كوسيريف أن تقديرات مصادر أوساط البيزنس تشير إلى أن عملية تبديل السلطة في جورجيا لم تنته بعد، وربما لن تنتهي حتى إذا فاز في انتخابات الرئاسة القادمة مرشحها الرئيسي ميخائيل ساكاشفيلي. ولا تنحصر أسباب مثل هذا التقييم المتشائم فقط في وجود شكوك كبيرة بالنسبة لشرعية ما يجري. إذ أن أحدا لم يستوضح هل أن الانتخابات البرلمانية التي فاز بها أنصار شيفاردنادزه كانت مزورة أم لا. وبدلا من ذلك قام الخاسرون بحملة تمرد مطالبين باستقالة الرئيس ونجحوا في ذلك. كما أن الأمر لا ينحصر في أن سلطات جورجيا الانتقالية الحالية ليس لديها عدد كبير كاف من الأنصار لا في القوات المسلحة ولا في جمهورياتها الانفصالية الثلاث ذات الحكم الذاتي. ولا في العديد من الأماكن خارج تبليسي. ويرى رجال الأعمال أن الخطر الرئيسي يكمن في عدم وجود علاقات متينة بين ثلاثي السلطة غير الثابت ساكاشفيلي وجفانيا وبوردجانادزه وأوساط رجال الأعمال الجورجيين. وتثير هذه الوقائع كلها مجتمعة مشاعر القلق من أن أيا كان بإمكانه الآن من الناحية النظرية أن يطيح بحكام جورجيا الجدد ومن الممكن أن يستمر هذا إلى ما لا نهاية.
وحول تساؤل: "ما الذي يجري في جورجيا؟"، رأى كوسيريف بأنه من الممكن البحث عن الجواب في العاصمة الروسية، ولكن ليس في الكرملين. وانتقل ليؤكد على أن من الممكن العثور على الجواب بين رجال الأعمال الكثيرين وخاصة الجورجيين الذين من الممكن رؤيتهم في موسكو أكثر من تبليسي. وتشير التقديرات إلى أن رجال الأعمال الجورجيين يخصصون حوالي 90% من أعمالهم للسوق الروسية. ولا ينحصر الأمر في أن اقتصاد هذا البلد الصغير يتعلق كليا تقريبا بتوريد الطاقة الروسية، فليس هذا بالأمر الجديد وحسب بل وأنه ليس رئيسيا. وليس لدى جورجيا الآن كما هو الحال بالنسبة لأغلبية البلدان الأخرى التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي السابق أسواق لتصريف البضائع والمنتجات. ويعترف بهذا الواقع البيزنيس الأوروبي الذي كان حتى الفترة الأخيرة مصدرا للاستثمارات المتواضعة التي ظهرت في جورجيا خلال حكم شيفاردنادزه. وكانت هذه الاستثمارات مخصصة في الأساس لأعمال الفندقة ومحطات تزويد السيارات بالوقود وصناعة البيرة والخمور. وقامت شركة "بيرنو ريكار" من جهة و"كونسورسيوم إيطالي هولندي" من جهة أخرى بإنشاء مصنعين حديثين للخمور في عهد شيفاردنادزه في جورجيا المشهورة منذ القدم بصناعة الخمور وانطلق المستثمرون في كلتا الحالتين من واقع أن هدف تصريف السلع هو السوق الروسية. أما خطط غزو أسواق الخمور الأوروبية فهي بعيدة جدا.
ويعتقد كوسيريف بأنه إذا كان الأوروبيون في السابق قد شكلوا القوام الرئيسي للمستثمرين في الاقتصاد الجورجي، فقد ظهر في جورجيا والجمهوريات السوفييتية السابقة وأوروبا الشرقية في السنوات الأخيرة مستثمرون روس كبار. وأصبح واضحا أن روسيا هي المحرك الحقيقي الوحيد لتطوير هذه المنطقة الواسعة كما هو الحال بالنسبة لمكانتها الثقافية.
وخلال تطرقه إلى العقدة الجورجية نحو روسيا قال بأنه إذا كانت روسيا بالنسبة لمجموعة ضيقة من الجورجيين المتعصبين قوميا "كعقدة أوديب"، وتمثل "والدا كريها" فإنها بالنسبة لأغلبية الجورجيين رمز الاستقرار والازدهار في الماضي والمستقبل أيضا. وأضاف بأن شيفاردنادزه لم يكن يحظى بأية شعبية في موسكو وخاصة بسبب محاولاته لإثارة القلاقل بين روسيا والولايات المتحدة، ولعدم قدرته على إغلاق الحدود من الجنوب أمام العصابات الشيشانية حيث كان الإرهابيون المحليون ومن الشرق الأوسط يعبرون الحدود الجورجية ذهابا وإيابا. ولكن فترة رئاسة شيفاردنادزه كان من المقرر أن تنتهي بعد عام تقريبا، وكانت هناك فرصة لانتخاب رئيس يتفق مع وقائع جورجيا الاقتصادية ورغبات أوساط العمل الروسية والجورجية. غير أن مجموعة من السياسيين قامت بعمل وقائي للاستيلاء على السلطة. وينسبون هذا العمل تارة إلى إدارة الرئيس جورج بوش وتارة لجورج سورس خصم بوش.
ويؤكد كوسيريف بأن مجموعة ساكاشفيلي وإن حاولت كسب رضاء أوساط العمل الحالية إلا أنها في الواقع تراهن على شيء آخر وهو عمليا تكوين نخبة جديدة تماما لرجال الأعمال ظهرت في ظل الاستثمارات الأمريكية غير الموجودة بعد. وستجري حياة جورجيا السياسية آنذاك في ظل الصراع المتحضر (أو التعاون) بين مجموعتين لرجال الأعمال، إحداهما موالية لروسيا والأُخرى للولايات المتحدة. غير أنه تظهر مسألتان ، إحداهما الاستثمارات الأمريكية التي تتطلب الوقت من أجل الظهور (وحتى ذلك الوقت سيستمر عدم استقرار الوضع في البلاد). والثانية هي أن على المستثمرين الجدد أيضا أن يأخذوا بعين الاعتبار عامل سوق التصريف الروسية، كما هو الحال الآن بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين. ولهذا من الممكن جدا أن يتم التعاون الروسي الأمريكي في جورجيا، إذا أصبح أكثر وضوحا بالطبع من أين ولماذا ظهرت عمليات تبديل السلطة "بشكل ثوري" في ساحة رابطة الدول المستقلة. ومن هي الدولة التالية: مولدافيا؟ أوكرانيا؟
وحول تساؤل: "ما الذي يجري في جورجيا؟"، رأى كوسيريف بأنه من الممكن البحث عن الجواب في العاصمة الروسية، ولكن ليس في الكرملين. وانتقل ليؤكد على أن من الممكن العثور على الجواب بين رجال الأعمال الكثيرين وخاصة الجورجيين الذين من الممكن رؤيتهم في موسكو أكثر من تبليسي. وتشير التقديرات إلى أن رجال الأعمال الجورجيين يخصصون حوالي 90% من أعمالهم للسوق الروسية. ولا ينحصر الأمر في أن اقتصاد هذا البلد الصغير يتعلق كليا تقريبا بتوريد الطاقة الروسية، فليس هذا بالأمر الجديد وحسب بل وأنه ليس رئيسيا. وليس لدى جورجيا الآن كما هو الحال بالنسبة لأغلبية البلدان الأخرى التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي السابق أسواق لتصريف البضائع والمنتجات. ويعترف بهذا الواقع البيزنيس الأوروبي الذي كان حتى الفترة الأخيرة مصدرا للاستثمارات المتواضعة التي ظهرت في جورجيا خلال حكم شيفاردنادزه. وكانت هذه الاستثمارات مخصصة في الأساس لأعمال الفندقة ومحطات تزويد السيارات بالوقود وصناعة البيرة والخمور. وقامت شركة "بيرنو ريكار" من جهة و"كونسورسيوم إيطالي هولندي" من جهة أخرى بإنشاء مصنعين حديثين للخمور في عهد شيفاردنادزه في جورجيا المشهورة منذ القدم بصناعة الخمور وانطلق المستثمرون في كلتا الحالتين من واقع أن هدف تصريف السلع هو السوق الروسية. أما خطط غزو أسواق الخمور الأوروبية فهي بعيدة جدا.
ويعتقد كوسيريف بأنه إذا كان الأوروبيون في السابق قد شكلوا القوام الرئيسي للمستثمرين في الاقتصاد الجورجي، فقد ظهر في جورجيا والجمهوريات السوفييتية السابقة وأوروبا الشرقية في السنوات الأخيرة مستثمرون روس كبار. وأصبح واضحا أن روسيا هي المحرك الحقيقي الوحيد لتطوير هذه المنطقة الواسعة كما هو الحال بالنسبة لمكانتها الثقافية.
وخلال تطرقه إلى العقدة الجورجية نحو روسيا قال بأنه إذا كانت روسيا بالنسبة لمجموعة ضيقة من الجورجيين المتعصبين قوميا "كعقدة أوديب"، وتمثل "والدا كريها" فإنها بالنسبة لأغلبية الجورجيين رمز الاستقرار والازدهار في الماضي والمستقبل أيضا. وأضاف بأن شيفاردنادزه لم يكن يحظى بأية شعبية في موسكو وخاصة بسبب محاولاته لإثارة القلاقل بين روسيا والولايات المتحدة، ولعدم قدرته على إغلاق الحدود من الجنوب أمام العصابات الشيشانية حيث كان الإرهابيون المحليون ومن الشرق الأوسط يعبرون الحدود الجورجية ذهابا وإيابا. ولكن فترة رئاسة شيفاردنادزه كان من المقرر أن تنتهي بعد عام تقريبا، وكانت هناك فرصة لانتخاب رئيس يتفق مع وقائع جورجيا الاقتصادية ورغبات أوساط العمل الروسية والجورجية. غير أن مجموعة من السياسيين قامت بعمل وقائي للاستيلاء على السلطة. وينسبون هذا العمل تارة إلى إدارة الرئيس جورج بوش وتارة لجورج سورس خصم بوش.
ويؤكد كوسيريف بأن مجموعة ساكاشفيلي وإن حاولت كسب رضاء أوساط العمل الحالية إلا أنها في الواقع تراهن على شيء آخر وهو عمليا تكوين نخبة جديدة تماما لرجال الأعمال ظهرت في ظل الاستثمارات الأمريكية غير الموجودة بعد. وستجري حياة جورجيا السياسية آنذاك في ظل الصراع المتحضر (أو التعاون) بين مجموعتين لرجال الأعمال، إحداهما موالية لروسيا والأُخرى للولايات المتحدة. غير أنه تظهر مسألتان ، إحداهما الاستثمارات الأمريكية التي تتطلب الوقت من أجل الظهور (وحتى ذلك الوقت سيستمر عدم استقرار الوضع في البلاد). والثانية هي أن على المستثمرين الجدد أيضا أن يأخذوا بعين الاعتبار عامل سوق التصريف الروسية، كما هو الحال الآن بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين. ولهذا من الممكن جدا أن يتم التعاون الروسي الأمريكي في جورجيا، إذا أصبح أكثر وضوحا بالطبع من أين ولماذا ظهرت عمليات تبديل السلطة "بشكل ثوري" في ساحة رابطة الدول المستقلة. ومن هي الدولة التالية: مولدافيا؟ أوكرانيا؟
جورجيا والمخاطر المحيطة بروسيا
في أوائل ديسمبر الماضي بدأ مبعوثا واشنطن وهما نائب وزير الخارجية الأمريكي مارك جروسمان ونائب وزير الدفاع دوجلاس فايت بجولة في العواصم العالمية من أجل توضيح أسباب شروع البنتاجون بالزحف باتجاه الشرق والجنوب. أي أسباب قيامه بإنشاء سلسلة من القواعد العسكرية في أوربا الشرقية وفي بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى. وأجرى جروسمان مع نائب وزير الخارجية الروسية فلاديمير تشيجوف محادثات صعبة استغرقت ساعة ونصف الساعة حاول خلالها، حسب الشائعات، أن يمثل دور طبيب تخدير محنك.
وكان مبعوث واشنطن يلح على أن الولايات المتحدة تنشر قواعدها بالقرب من حدود روسيا الغربية وفي جنوبها نظرا لـ "تغير طابع المخاطر". وكان يقصد النزاعات الناشبة في الشرق الأوسط والبلقان وكذلك الخطر رقم واحد وهو الإرهاب الدولي الذي ترابط معظم مراكزه القيادية ومعسكراته التدريبية في جنوب ووسط آسيا. واستمر جروسمان في تبرير موقفه بالحجج التالية: ما دامت الولايات المتحدة تنظر إلى روسيا في إطار هذا المخطط المستجد لضمان الأمن العالمي كشريك لها فليس هناك ما يدعو لقلق موسكو لأن تغيير مواقع القواعد العسكرية -على حد قوله- لا يستهدف مصالحها.
وفي رأي المحلل السياسي فلاديمير سيمونوف فجروسمان لم يحدد في واقع الأمر الأماكن التي ستنشأ فيها نقاط ارتكاز جديدة للبنتاجون. ورأى في الوقت نفسه أن هذا السر العسكري يسهل اكتشافه إذا نظرنا إلى نقل القواعد لا من زاوية المخاطر الجديدة وإنما كوسيلة فعالة لمعاقبة أوربا القديمة على رفضها الحرب ضد العراق وعلى العكس من ذلك كوسيلة لتشجيع أوربا الجديدة التي سارعت بقدر من التملق إلى مساعدة الولايات المتحدة على الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين.
ويعرب سيمونوف عن قناعته بأنه وفقا لهذا المنطق قد تنشأ أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أوربا الشرقية (حسب رأي الدبلوماسيين الغربيين) في بولندا التي انضمت بسرعة ونشاط إلى العملية العراقية. ومن المعروف أيضا أن دوجلاس فايت أجرى مشاورات بهذا الصدد مع رومانيا وبلغاريا اللتين استخدم الأمريكيون مطاراتهما من أجل نقل قواتهم وآلياتهم إلى العراق. ومن المرجح أن تفقد ألمانيا التي انضمت إلى صف أكثر نقاد الحرب العراقية شدة صفتها المتميزة "كفندق" يقيم فيه 60 ألف عسكري أمريكي أي 80 بالمائة من مجموع القوة الأمريكية المرابطة في أوربا. إن تغيير مواقع القواعد العسكرية ليس مجرد تغيير العواطف السياسية ولكنه في الوقت نفسه غرامة مالية أو مكافأة مالية كبيرة. كما إن القيادة العسكرية الأمريكية في أوربا تتمتع بموازنة سنوية قدرها 13 مليار دولار وتوفر فرص العمل لـ20 ألف مدني معظمهم أوربيون. ففي ألمانيا وحدها يتوقف دخل 130 ألف مواطن مباشرة على وجود القواعد الأمريكية. والآن سينهال هذا المطر الذهبي لا على أوربا الشرقية وحدها بل وعلى آسيا أيضا.
في هذا السياق يؤكد المحلل السياسي الروسي بأن جورجيا وأذربيجان بالذات تتصدران صف المرشحين إلى الفوز بالجائزة الأمريكية وهما دولتان زارهما، بالذات، وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أثناء جولته الأخيرة في المنطقة في ديسمبر 2003. وبدأت باكو بعدها مباشرة بتهيئة الرأي العام لظهور القواعد الأمريكية في أراضي أذربيجان. إذ أكد وزير الدفاع الأذربيجاني سفر أبييف: "إنني لا أستبعد إمكانية قيام حكومتنا ببحث هذا الموضوع".
يرجع تاريخ التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وأذربيجان إلى عام 2001 عندما رفع الكونجرس الأمريكي باقتراح من إدارة بوش العقوبات الاقتصادية التي فرضها على أذربيجان منذ 10 سنوات. وأدى رفع الحظر إلى إطلاق يد البنتاجون. واستفاد الطيران الأمريكي إبان الحرب ضد العراق من الممر الجوي فوق أراضي أذربيجان واستخدم المطارات السوفيتية السابقة. وقد تكتسب الآن الخدمة التي قدمت مؤقتا طابع نقطة ارتكاز دائمة للولايات المتحدة.
وحول تغير طابع طابع المخاطر الخارجية للولايات المتحدة ومكافحة الإرهاب بمشاركة روسيا وضرورة حماية خط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان، رأى سيمونوف أن كل هذه الحجج التي تفسر بها واشنطن التغير الإستراتيجي البالغ الأهمية في توزيع قواتها المسلحة على الصعيد العالمي، تعتمد بدون شك على أساس واقعي. ولكنها كان من الممكن أن تكون أكثر إقناعا بالنسبة لروسيا لو لم تلجأ واشنطن في الوقت نفسه إلى محاولات واضحة بما فيه الكفاية لإزاحة روسيا من مجال مصالحها التقليدية. فعلى سبيل المثال أصر وزير الخارجية الأمريكية كولن باول أثناء اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي والذي انعقد مؤخرا في ماستريخت، على إقناع روسيا بتعجيل سحب قواتها من جورجيا ومولدافيا. وإذا أضفنا إلى ذلك قيام الولايات المتحدة على نحو مستعجل ببناء محطة رادار بعيدة المدى في أستونيا بالقرب من الحدود الروسية وسعيها لجذب فنلندا إلى الناتو بات واضحا لماذا نشأ لدى موسكو انطباع أن تغيير مواقع القواعد الأمريكية يتوخى هدفا أخر أيضا قد يكون هو الأهم-هدف تطويق روسيا استراتيجيا. وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف قد حذر من ذلك بقوله: "إن أمن البعض لا يمكن أن يتحقق على حسب الآخرين. فأن أي مخططات لتقريب بنى الناتو الأساسية إلى حدودنا تثير لدينا قلقا يرجع إلى أسباب واضحة ومفهومة".
وفي الحقيقة، سيحصل حلف شمال الأطلسي عام 2004 على رأس جسر مريح بالقرب من حدود روسيا الغربية هو أراضي أعضائه الجدد: بلغاريا وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا. وقد يبدو للبعض أن القواعد الأمريكية تتنقل تلقائيا مع توسع الناتو. ولكن حقيقة الأمر تختلف عن هذا التصور. وكما يعترف كبار المسؤولين في الناتو بصورة غير رسمية فإن القرار بتغيير مواقع القواعد العسكرية اتخذته الولايات المتحدة بنفسها بدون التشاور مع حلفائها الأوربيين. والناتو شأنه شأن موسكو التي "أحيطت علما" بالأمر لا غير. وقد أظهر ذلك بوضوح عدم ثقة واشنطن بولاء بعض أعضاء الناتو وبالتالي، شكها في إمكانيات الحلف بأسره. وفي نهاية الأمر لم يرتق الناتو، في رأي واشنطن، إلى المستوى المطلوب أبان الحرب ضد العراق. وتتابع روسيا باهتمام الخطوات التي تبدو للعديد من الشخصيات السياسية والعسكرية المتنفذة في روسيا تطويقا وقحا يخطط له البنتاجون. ولذا فإن زيادة نشاط منظمة معاهدة الدفاع المشترك التي تضم 6 دول واقتراح روسيا بمساعدة بلدان رابطة الدول المستقلة على تدريب قواتها المسلحة وباستئناف توريدات المعدات العسكرية الروسية إلى تلك البلدان بأسعار داخلية ما هو إلا رد الفعل الأول على المخططات الرامية إلى إعادة هيكلة الحضور الأمريكي في الخارج. ومن البديهي أن موسكو لا تعتزم اتخاذ موفق المراقب اللامبالي من هذه التحركات.
وكان مبعوث واشنطن يلح على أن الولايات المتحدة تنشر قواعدها بالقرب من حدود روسيا الغربية وفي جنوبها نظرا لـ "تغير طابع المخاطر". وكان يقصد النزاعات الناشبة في الشرق الأوسط والبلقان وكذلك الخطر رقم واحد وهو الإرهاب الدولي الذي ترابط معظم مراكزه القيادية ومعسكراته التدريبية في جنوب ووسط آسيا. واستمر جروسمان في تبرير موقفه بالحجج التالية: ما دامت الولايات المتحدة تنظر إلى روسيا في إطار هذا المخطط المستجد لضمان الأمن العالمي كشريك لها فليس هناك ما يدعو لقلق موسكو لأن تغيير مواقع القواعد العسكرية -على حد قوله- لا يستهدف مصالحها.
وفي رأي المحلل السياسي فلاديمير سيمونوف فجروسمان لم يحدد في واقع الأمر الأماكن التي ستنشأ فيها نقاط ارتكاز جديدة للبنتاجون. ورأى في الوقت نفسه أن هذا السر العسكري يسهل اكتشافه إذا نظرنا إلى نقل القواعد لا من زاوية المخاطر الجديدة وإنما كوسيلة فعالة لمعاقبة أوربا القديمة على رفضها الحرب ضد العراق وعلى العكس من ذلك كوسيلة لتشجيع أوربا الجديدة التي سارعت بقدر من التملق إلى مساعدة الولايات المتحدة على الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين.
ويعرب سيمونوف عن قناعته بأنه وفقا لهذا المنطق قد تنشأ أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أوربا الشرقية (حسب رأي الدبلوماسيين الغربيين) في بولندا التي انضمت بسرعة ونشاط إلى العملية العراقية. ومن المعروف أيضا أن دوجلاس فايت أجرى مشاورات بهذا الصدد مع رومانيا وبلغاريا اللتين استخدم الأمريكيون مطاراتهما من أجل نقل قواتهم وآلياتهم إلى العراق. ومن المرجح أن تفقد ألمانيا التي انضمت إلى صف أكثر نقاد الحرب العراقية شدة صفتها المتميزة "كفندق" يقيم فيه 60 ألف عسكري أمريكي أي 80 بالمائة من مجموع القوة الأمريكية المرابطة في أوربا. إن تغيير مواقع القواعد العسكرية ليس مجرد تغيير العواطف السياسية ولكنه في الوقت نفسه غرامة مالية أو مكافأة مالية كبيرة. كما إن القيادة العسكرية الأمريكية في أوربا تتمتع بموازنة سنوية قدرها 13 مليار دولار وتوفر فرص العمل لـ20 ألف مدني معظمهم أوربيون. ففي ألمانيا وحدها يتوقف دخل 130 ألف مواطن مباشرة على وجود القواعد الأمريكية. والآن سينهال هذا المطر الذهبي لا على أوربا الشرقية وحدها بل وعلى آسيا أيضا.
في هذا السياق يؤكد المحلل السياسي الروسي بأن جورجيا وأذربيجان بالذات تتصدران صف المرشحين إلى الفوز بالجائزة الأمريكية وهما دولتان زارهما، بالذات، وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أثناء جولته الأخيرة في المنطقة في ديسمبر 2003. وبدأت باكو بعدها مباشرة بتهيئة الرأي العام لظهور القواعد الأمريكية في أراضي أذربيجان. إذ أكد وزير الدفاع الأذربيجاني سفر أبييف: "إنني لا أستبعد إمكانية قيام حكومتنا ببحث هذا الموضوع".
يرجع تاريخ التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وأذربيجان إلى عام 2001 عندما رفع الكونجرس الأمريكي باقتراح من إدارة بوش العقوبات الاقتصادية التي فرضها على أذربيجان منذ 10 سنوات. وأدى رفع الحظر إلى إطلاق يد البنتاجون. واستفاد الطيران الأمريكي إبان الحرب ضد العراق من الممر الجوي فوق أراضي أذربيجان واستخدم المطارات السوفيتية السابقة. وقد تكتسب الآن الخدمة التي قدمت مؤقتا طابع نقطة ارتكاز دائمة للولايات المتحدة.
وحول تغير طابع طابع المخاطر الخارجية للولايات المتحدة ومكافحة الإرهاب بمشاركة روسيا وضرورة حماية خط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان، رأى سيمونوف أن كل هذه الحجج التي تفسر بها واشنطن التغير الإستراتيجي البالغ الأهمية في توزيع قواتها المسلحة على الصعيد العالمي، تعتمد بدون شك على أساس واقعي. ولكنها كان من الممكن أن تكون أكثر إقناعا بالنسبة لروسيا لو لم تلجأ واشنطن في الوقت نفسه إلى محاولات واضحة بما فيه الكفاية لإزاحة روسيا من مجال مصالحها التقليدية. فعلى سبيل المثال أصر وزير الخارجية الأمريكية كولن باول أثناء اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي والذي انعقد مؤخرا في ماستريخت، على إقناع روسيا بتعجيل سحب قواتها من جورجيا ومولدافيا. وإذا أضفنا إلى ذلك قيام الولايات المتحدة على نحو مستعجل ببناء محطة رادار بعيدة المدى في أستونيا بالقرب من الحدود الروسية وسعيها لجذب فنلندا إلى الناتو بات واضحا لماذا نشأ لدى موسكو انطباع أن تغيير مواقع القواعد الأمريكية يتوخى هدفا أخر أيضا قد يكون هو الأهم-هدف تطويق روسيا استراتيجيا. وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف قد حذر من ذلك بقوله: "إن أمن البعض لا يمكن أن يتحقق على حسب الآخرين. فأن أي مخططات لتقريب بنى الناتو الأساسية إلى حدودنا تثير لدينا قلقا يرجع إلى أسباب واضحة ومفهومة".
وفي الحقيقة، سيحصل حلف شمال الأطلسي عام 2004 على رأس جسر مريح بالقرب من حدود روسيا الغربية هو أراضي أعضائه الجدد: بلغاريا وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا. وقد يبدو للبعض أن القواعد الأمريكية تتنقل تلقائيا مع توسع الناتو. ولكن حقيقة الأمر تختلف عن هذا التصور. وكما يعترف كبار المسؤولين في الناتو بصورة غير رسمية فإن القرار بتغيير مواقع القواعد العسكرية اتخذته الولايات المتحدة بنفسها بدون التشاور مع حلفائها الأوربيين. والناتو شأنه شأن موسكو التي "أحيطت علما" بالأمر لا غير. وقد أظهر ذلك بوضوح عدم ثقة واشنطن بولاء بعض أعضاء الناتو وبالتالي، شكها في إمكانيات الحلف بأسره. وفي نهاية الأمر لم يرتق الناتو، في رأي واشنطن، إلى المستوى المطلوب أبان الحرب ضد العراق. وتتابع روسيا باهتمام الخطوات التي تبدو للعديد من الشخصيات السياسية والعسكرية المتنفذة في روسيا تطويقا وقحا يخطط له البنتاجون. ولذا فإن زيادة نشاط منظمة معاهدة الدفاع المشترك التي تضم 6 دول واقتراح روسيا بمساعدة بلدان رابطة الدول المستقلة على تدريب قواتها المسلحة وباستئناف توريدات المعدات العسكرية الروسية إلى تلك البلدان بأسعار داخلية ما هو إلا رد الفعل الأول على المخططات الرامية إلى إعادة هيكلة الحضور الأمريكي في الخارج. ومن البديهي أن موسكو لا تعتزم اتخاذ موفق المراقب اللامبالي من هذه التحركات.
حسن الجوار مع جورجيا والأمن القومي الروسي
وإذا كانت الآراء السابقة والتوقعات تخص مجموعة من المحللين المستقلين أو العاملين في وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، فهناك رأى آخر لأحد كبار السياسيين الروس من جيل الشباب وهو رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمجلس الفيدرالي الروسي ميخائيل مارجيلوف الذي يصف السنوات العشر الماضية بأنها حقبة الدول محدودة السيادة بالنسبة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة. فخلال 10 سنوات تكونت مقدمات فقط لتشكيل سيادات جديدة وآليات جديدة للسلطة وأسلوب جديد للحكم. وهذه هي الخلفية التاريخية لانتخابات الرئاسة في جورجيا. ومن الواضح أن التطور الثابت للدولة، كما يرى مارجيلوف، لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تضع النخبة نصب عينيها هدف العصرنة، وكذلك في حالة قدرتها على تحقيق هذا الهدف باستخدام أدوات السلطة الفعالة والاعتماد على الفئة الأكثر فعالية من السكان، وعلى الدعم الجماهيري الواسع. وغياب أحد هذه العوامل يعقد الحركة إلى الأمام، علاوة على أن كل العوامل المذكورة تحدد علاقة الدولة مع جيرانها. ويظهر التاريخ أنه توجد أشكال قليلة لهذه العلاقات، فهي:
-أولا: "السعي للمنفعة المتبادلة"، أي حوار الدول المعنية بالتحديث.
-ثانيا: "الحوار من موقع القوة"، أي العلاقة بين الدول حين تجري عصرنة دولة على حساب الأخرى.
-ثالثا: "النزاع الأبدي"، أي العلاقة بين منظومتين متضادتين هدف كل منهما تدمير الأخرى.
وفي نفس السياق يضيف مارجيلوف بأن روسيا وجيرانها في منطقة القوقاز كانوا معنيين دوما بالتحديث المتبادل لضمان الأمن الداخلي والخارجي والاستقرار والمنفعة الاقتصادية. وقد أظهرت حوادث السنوات الأخيرة أن محاولة التحديث التي تراهن على نخبة غريبة وتعتمد على قراراتها المالية دون اعتبار خصائص المجتمع القومية والثقافية تؤدي إلى نتيجة معاكسة، وهذا هو الأسلوب الاستعماري لتحقيق المصالح الجيوسياسية، والأمثلة عليه كثيرة، من بناء الاشتراكية في الدول الإفريقية إلى أمثلة حديثة في يوغسلافيا والشرق الأوسط. وضرب مثالا على ذلك بخيبة أمل المؤسسات المالية الدولية نتيجة الإخفاقات الدورية للإصلاحات الاقتصادية الروسية. وشدد على إنه إذا كانت القيادة السياسية تسعى إلى النجاح في بلدها وليس لمجرد السيطرة عليه فقط، فعليها أن تعمل على تحديث المجتمع والاقتصاد، ولا مكان هنا للكليشيهات السياسية لا بخصوص أعمالها ولا بخصوص مصالح الآخرين. وتوجد لدى روسيا وجورجيا مصالح اقتصادية وسياسية مشتركة وصلات ثقافية واسعة إلى درجة أن الدولتين ستكونان حتما أهم شريكين استراتيجيين بالنسبة لبعضهما في المنطقة، وهو ما سيحدد في نهاية الأمر العلاقة بين الدولتين. وفي تحذير واضح قال بأن الانتخابات الرئاسية في جورجيا يجب أن تضمن قبل كل شيء تشكيل سلطة شرعية ومنع أي سيناريو للخروج بالقوة من الوضع الانتقالي الراهن.
وفي النهاية وجه حديثه إلى الولايات المتحدة بقوله " من الواضح أنها-الولايات المتحدة-تجري اليوم جردا جيوسياسيا من أجل تعزيز نظام أحادية القطب، وتقوم ببناء خط دفاعي جديد مكان القديم الذي جرى الالتفاف حوله لدى توجيه ضربة 11 سبتمبر 2001. ولابد هنا من الاعتراف بأن على روسيا ليس فقط أن تعلن عن مصالحها بل وأن تدافع عنها، ويجب تنشيط العمليات السياسية والاقتصادية في إطار رابطة الدول المستقلة وإلا فسيكون من السهل إخراج روسيا من هذه الساحة. إن مصالح روسيا القومية كدولة تحدث نفسها تجاه جورجيا واضحة، فموسكو يجب أن تكون واثقة بأن نظام الأمن في القوقاز يتفق تماماً مع الواقع الراهن". وأعرب عن اعتقاده بأن سحب قوات السلام الروسية من جورجيا سيكون المؤشر على هذه الثقة في المستقبل. غير إنه رأى أن وجود هذه القوات في الوقت الحالي لا يزال مفيدا من أجل الحيلولة دون وقوع حروب أهلية في جورجيا. وفي لهجة استنكارية حادة شدد على أنه "ليس من المقبول إطلاقا ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بشأن انسحاب القوات الروسية من جورجيا، لأن ذلك يمكنه أن يثير إعلانات عدوانية من قبل القوى القومية المتعصبة في جورجيا". وتساءل مارجيلوف بقوله: "لا أعرف لماذا لم يحاول رامسفيلد إيجاد وقت آخر للتعبير عن موقفه الشخصي هذا، فبعد تشكيل السلطة الشرعية في جورجيا ستجري تسوية كل القضايا بما فيها حفظ السلام وفقا للقانون الدولي والمصالح الثنائية؟".
-أولا: "السعي للمنفعة المتبادلة"، أي حوار الدول المعنية بالتحديث.
-ثانيا: "الحوار من موقع القوة"، أي العلاقة بين الدول حين تجري عصرنة دولة على حساب الأخرى.
-ثالثا: "النزاع الأبدي"، أي العلاقة بين منظومتين متضادتين هدف كل منهما تدمير الأخرى.
وفي نفس السياق يضيف مارجيلوف بأن روسيا وجيرانها في منطقة القوقاز كانوا معنيين دوما بالتحديث المتبادل لضمان الأمن الداخلي والخارجي والاستقرار والمنفعة الاقتصادية. وقد أظهرت حوادث السنوات الأخيرة أن محاولة التحديث التي تراهن على نخبة غريبة وتعتمد على قراراتها المالية دون اعتبار خصائص المجتمع القومية والثقافية تؤدي إلى نتيجة معاكسة، وهذا هو الأسلوب الاستعماري لتحقيق المصالح الجيوسياسية، والأمثلة عليه كثيرة، من بناء الاشتراكية في الدول الإفريقية إلى أمثلة حديثة في يوغسلافيا والشرق الأوسط. وضرب مثالا على ذلك بخيبة أمل المؤسسات المالية الدولية نتيجة الإخفاقات الدورية للإصلاحات الاقتصادية الروسية. وشدد على إنه إذا كانت القيادة السياسية تسعى إلى النجاح في بلدها وليس لمجرد السيطرة عليه فقط، فعليها أن تعمل على تحديث المجتمع والاقتصاد، ولا مكان هنا للكليشيهات السياسية لا بخصوص أعمالها ولا بخصوص مصالح الآخرين. وتوجد لدى روسيا وجورجيا مصالح اقتصادية وسياسية مشتركة وصلات ثقافية واسعة إلى درجة أن الدولتين ستكونان حتما أهم شريكين استراتيجيين بالنسبة لبعضهما في المنطقة، وهو ما سيحدد في نهاية الأمر العلاقة بين الدولتين. وفي تحذير واضح قال بأن الانتخابات الرئاسية في جورجيا يجب أن تضمن قبل كل شيء تشكيل سلطة شرعية ومنع أي سيناريو للخروج بالقوة من الوضع الانتقالي الراهن.
وفي النهاية وجه حديثه إلى الولايات المتحدة بقوله " من الواضح أنها-الولايات المتحدة-تجري اليوم جردا جيوسياسيا من أجل تعزيز نظام أحادية القطب، وتقوم ببناء خط دفاعي جديد مكان القديم الذي جرى الالتفاف حوله لدى توجيه ضربة 11 سبتمبر 2001. ولابد هنا من الاعتراف بأن على روسيا ليس فقط أن تعلن عن مصالحها بل وأن تدافع عنها، ويجب تنشيط العمليات السياسية والاقتصادية في إطار رابطة الدول المستقلة وإلا فسيكون من السهل إخراج روسيا من هذه الساحة. إن مصالح روسيا القومية كدولة تحدث نفسها تجاه جورجيا واضحة، فموسكو يجب أن تكون واثقة بأن نظام الأمن في القوقاز يتفق تماماً مع الواقع الراهن". وأعرب عن اعتقاده بأن سحب قوات السلام الروسية من جورجيا سيكون المؤشر على هذه الثقة في المستقبل. غير إنه رأى أن وجود هذه القوات في الوقت الحالي لا يزال مفيدا من أجل الحيلولة دون وقوع حروب أهلية في جورجيا. وفي لهجة استنكارية حادة شدد على أنه "ليس من المقبول إطلاقا ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بشأن انسحاب القوات الروسية من جورجيا، لأن ذلك يمكنه أن يثير إعلانات عدوانية من قبل القوى القومية المتعصبة في جورجيا". وتساءل مارجيلوف بقوله: "لا أعرف لماذا لم يحاول رامسفيلد إيجاد وقت آخر للتعبير عن موقفه الشخصي هذا، فبعد تشكيل السلطة الشرعية في جورجيا ستجري تسوية كل القضايا بما فيها حفظ السلام وفقا للقانون الدولي والمصالح الثنائية؟".
التعليقات