حوار أجراه وليد الخشاب
&
المفكر الاسلامي د. نصر حامد أبو زيد من الشخصيات المثيرة للجدل نظراً لمنهجه العقلي التأويلي للنص الديني وقراءته التجديدية للقرآن ، مما أثار عليه حفيظة& التقليديين السلفيين الذين لا يعرفون إلا القراءة النصية للنص الديني بعيدا عن العقل والتأويل معا، فرؤية د. نصر تستلهم النظرة الدينية اللا اعتزالية، بمعنى على المسلمين أن لا يقفوا أمام النص صماً وعمياناً بل يتفاعلون معه ويدورن |
مع علته على ضوء العلوم الحديثة لدراسة الظاهرة الدينية المعمول بها في جميع جامعات العالم المتمدن، لنستنبط منه أحكاماً جديدة لمشكلاتنا المعاصرة التي لم يعرفها تاريخنا لتتوافق مع عصرنا وروحه حتى يصبح روح الإسلام ومقاصده التشريعية صالحا لكل زمان ومكان لأنه لا يوجد نص في العالم- كمجرد نص - صالحا لكل زمان ومكان، من اجل هذه القراءة التجديدية شن عليه علماء الأزهر وخاصة د. عبد الصبور شاهين السلفي النصي حربا ظالمة بحرمانه من الترقية الجامعية التي كان مرشحا لها بل وتقديمه للمحكمة الشرعية بالقاهرة بتهمة الردة& لتطليق زوجته ابتهال يونس منه وتعريضه لخطر الإرهاب الإسلامي، مما اضطره للهجرة إلى هولندا التي استقبلته في جامعتها كأستاذ زائر ..حيث اتخذها مستقراً له.
&
*&د. نصر من الملاحظ أن الخطاب السائد على المستوي السياسي والأكاديمي قد تحول للاهتمام بالعالم الإسلامي وليس بالعالم العربي، وإن كان هذا الخطاب يغطي بالتقريب نفس الحقائق. فهل تتفق معي في ذلك؟ وهل تعتقد أن الهوية قد أصبحت دينية أكثر منها ثقافية؟
-&أنا أتابع هذه الظاهرة وأعتقد أن ملاحظتك دقيقة، فقد أصبح الحديث الآن عن العالم الإسلامي بديلاً عن العالم العربي حتى في الإشارة إلى العالم العربي. أعتقد أن هناك ظواهر احتقانات إثنية وعرقية في العالم العربي، على المستوي الثقافي أصبح هناك تركيز على الثقافات المحلية إلى حد كبير، على مستوي الاغاني والشعر والأدب كما أصبح هناك تركيز على اللغات المحلية بالمعنى العام. هناك تركيز على البعد المحلي بعد ما كان التركيز على البعد القومي في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات. هناك غياب للبعد القومي على المستوي الثقافي والإبداعي كما أن هناك غياب لأي نوع من الاتفاق السياسي، وقد عبر هذا الغياب عن نفسه من خلال وحدة بديلة زائفة وهي ما يسمي وضع العالم العربي في إطار عالم أوسع هو العالم الإسلامي وهو في ذاته غير موحد. ولكن داخل الاحتقانات الثقافية المحلية التي تحاول أن تغطي نفسها بوحدة زائفة، هناك على الجانب الآخر في الخطاب الغربي وخاصة بعد 11 سبتمبر التعامل مع هذا العالم بوصفه إسلامياً باعتبار أن المكون الأساسي لهويته هو الإسلام. كل هذا يعود بنا سواء في الخطاب الغربي أو الخطاب العربي الذي يداري تشتته وتجزئته بتبني نوع من الوحدة المصطنعة، إلى إشكالية بداية القرن التاسع عشر، في عصر الإمبريالية والاستعمار، حين كان الاقتراب من العالم العربي محكوماً بخطاب يقدم العالم باعتبار أن جوهره إسلامي. كلنا نعود إلى الوراء، سواء في الخطاب العربي أو الأوربي، وكأننا في سياق تقسيم عام يضع عالمين في مواجهة بعضهما. كلنا سخرنا من هنتجتون ولكن بدا وكأنه ينتصر علينا وفعلاً أصبحت نظريته عن صراع الحضارات تتمتع بنوع من المشروعية الآن. هذا التزييف يحتاج إلى تفكيك وإلى جهود كثيرة من جانب المفكرين والمثقفين في العالمين معاً لتفكيك هذه الثنائية الكونية.
-&أنا أتابع هذه الظاهرة وأعتقد أن ملاحظتك دقيقة، فقد أصبح الحديث الآن عن العالم الإسلامي بديلاً عن العالم العربي حتى في الإشارة إلى العالم العربي. أعتقد أن هناك ظواهر احتقانات إثنية وعرقية في العالم العربي، على المستوي الثقافي أصبح هناك تركيز على الثقافات المحلية إلى حد كبير، على مستوي الاغاني والشعر والأدب كما أصبح هناك تركيز على اللغات المحلية بالمعنى العام. هناك تركيز على البعد المحلي بعد ما كان التركيز على البعد القومي في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات. هناك غياب للبعد القومي على المستوي الثقافي والإبداعي كما أن هناك غياب لأي نوع من الاتفاق السياسي، وقد عبر هذا الغياب عن نفسه من خلال وحدة بديلة زائفة وهي ما يسمي وضع العالم العربي في إطار عالم أوسع هو العالم الإسلامي وهو في ذاته غير موحد. ولكن داخل الاحتقانات الثقافية المحلية التي تحاول أن تغطي نفسها بوحدة زائفة، هناك على الجانب الآخر في الخطاب الغربي وخاصة بعد 11 سبتمبر التعامل مع هذا العالم بوصفه إسلامياً باعتبار أن المكون الأساسي لهويته هو الإسلام. كل هذا يعود بنا سواء في الخطاب الغربي أو الخطاب العربي الذي يداري تشتته وتجزئته بتبني نوع من الوحدة المصطنعة، إلى إشكالية بداية القرن التاسع عشر، في عصر الإمبريالية والاستعمار، حين كان الاقتراب من العالم العربي محكوماً بخطاب يقدم العالم باعتبار أن جوهره إسلامي. كلنا نعود إلى الوراء، سواء في الخطاب العربي أو الأوربي، وكأننا في سياق تقسيم عام يضع عالمين في مواجهة بعضهما. كلنا سخرنا من هنتجتون ولكن بدا وكأنه ينتصر علينا وفعلاً أصبحت نظريته عن صراع الحضارات تتمتع بنوع من المشروعية الآن. هذا التزييف يحتاج إلى تفكيك وإلى جهود كثيرة من جانب المفكرين والمثقفين في العالمين معاً لتفكيك هذه الثنائية الكونية.
&
* هل تتبنى فكرة "المؤامرة" أم أن هناك عناصر من داخل العالم الإسلامي والعربي تؤدي لأن يري الآخرون في العالم الإسلامي وحدة في مقابل العالم الغربي أو الحر؟
-&لا أعتبر هذا مؤامرة وإنما هو نوع من التزييف الناتج إما عن عدم الفهم أو عن صراعات تعبر عن نفسها بلغة مغايرة للغتها الحقيقية. هناك محاولة للتغطية على الصراعات والمشكلات الحقيقية بإلباسها لغة ذات طابع ميتافيزيقي.
-&لا أعتبر هذا مؤامرة وإنما هو نوع من التزييف الناتج إما عن عدم الفهم أو عن صراعات تعبر عن نفسها بلغة مغايرة للغتها الحقيقية. هناك محاولة للتغطية على الصراعات والمشكلات الحقيقية بإلباسها لغة ذات طابع ميتافيزيقي.
&
&إذن الصراعات الحقيقية من وجهة نظرك مازالت طبقية أو هي موجودة بين الإمبريالية والشعوب المقموعة دون أدني اعتبار للعامل الديني والثقافي بشكل عام؟
-&نحن الآن في سياق ما يسمي بالعولمة وهو مشروع اقتصادي بالأساس ولكنه يتبنى خطابات سياسية وثقافية ودينية. هذا المشروع لا يخلق عالماً متساوياً متكافئ الأطراف وهو يسعى إلى وحدة العالم ولكن دون تكافؤ أو تساو بين الأطراف وتلك هي أزمة العولمة . من أجل تغطية هذه الأزمة، تسعى العولمة لخلق عالم موحد وحدة زائفة ومن خلال هذه الوحدة الزائفة يتم إهدار عدم التساوي داخل هذه الوحدات. هناك محاولة لإنتاج خطاب يظهر هذا العالم وكأنه متساوي وهو يتناقض مع حقيقة العالم المشهودة باعتباره غير متساو. العولمة خلقت تلك الثنائية: أي إنسان في عالمنا اليوم يري كيف يعيش الآخرون، ولذلك فإدراك الظلم والتشتت والفقر واضح. هناك وحدة على مستوي الاتصالات، هذا صحيح فالعالم أصبح متعارفاً ولكن هذا التقارب نفسه عمق الإحساس بالمتغيرات وبالاختلاف. هناك خطابات تحاول إلغاء تلك الثنائية وأخرى تسعى لتعميقها. أنا أدعو لتفكيك هذه الثنائية لإبراز كون هذه الأزمة جزء من بنية العولمة، وتفكيك خطاب العولمة على مستوى كونه خطاباً دينياً& في رأيي وسياسياً واقتصادياً وثقافياً مع محاولة اكتشاف العامل المشترك بين هذه الخطابات والعامل المختلف أيضاً بينها. فالخطاب السياسي يبدو تبريرياً أحياناً والخطاب الثقافي أيضاً، أما الخطاب الاقتصادي فلا محل فيه للتبرير، هناك قوانين السوق المطاعة وعلى العاصي أن يخرج خارج إطار هذه القوانين أي خارج إطار العولمة. هذا هو البعد الديني بمعني وجود قوانين قاهرة، أعني شريعة، يستحق الخروج عليها العقاب. هذا هو القانون الاقتصادي الذي قد يتخفى أحياناً خلف حقوق الإنسان أو خلف الديمقراطيات. ويظل هذا الخطاب التبريري انتقائياً، يدافع عن حقوق الإنسان في مكان ولا يدافع عنها في مكان آخر، يسائل عن الديمقراطية في مكان ولا يسائل عنها في مكان آخر. يأتي بعد ذلك نتيجة لأن العلاقات بين أجزاء العالم ليست علاقات متكافئة. فالعالم محكوم في النهاية بقوة واحدة هي التي تصنع القوانين وهي التي تفسرها.
-&نحن الآن في سياق ما يسمي بالعولمة وهو مشروع اقتصادي بالأساس ولكنه يتبنى خطابات سياسية وثقافية ودينية. هذا المشروع لا يخلق عالماً متساوياً متكافئ الأطراف وهو يسعى إلى وحدة العالم ولكن دون تكافؤ أو تساو بين الأطراف وتلك هي أزمة العولمة . من أجل تغطية هذه الأزمة، تسعى العولمة لخلق عالم موحد وحدة زائفة ومن خلال هذه الوحدة الزائفة يتم إهدار عدم التساوي داخل هذه الوحدات. هناك محاولة لإنتاج خطاب يظهر هذا العالم وكأنه متساوي وهو يتناقض مع حقيقة العالم المشهودة باعتباره غير متساو. العولمة خلقت تلك الثنائية: أي إنسان في عالمنا اليوم يري كيف يعيش الآخرون، ولذلك فإدراك الظلم والتشتت والفقر واضح. هناك وحدة على مستوي الاتصالات، هذا صحيح فالعالم أصبح متعارفاً ولكن هذا التقارب نفسه عمق الإحساس بالمتغيرات وبالاختلاف. هناك خطابات تحاول إلغاء تلك الثنائية وأخرى تسعى لتعميقها. أنا أدعو لتفكيك هذه الثنائية لإبراز كون هذه الأزمة جزء من بنية العولمة، وتفكيك خطاب العولمة على مستوى كونه خطاباً دينياً& في رأيي وسياسياً واقتصادياً وثقافياً مع محاولة اكتشاف العامل المشترك بين هذه الخطابات والعامل المختلف أيضاً بينها. فالخطاب السياسي يبدو تبريرياً أحياناً والخطاب الثقافي أيضاً، أما الخطاب الاقتصادي فلا محل فيه للتبرير، هناك قوانين السوق المطاعة وعلى العاصي أن يخرج خارج إطار هذه القوانين أي خارج إطار العولمة. هذا هو البعد الديني بمعني وجود قوانين قاهرة، أعني شريعة، يستحق الخروج عليها العقاب. هذا هو القانون الاقتصادي الذي قد يتخفى أحياناً خلف حقوق الإنسان أو خلف الديمقراطيات. ويظل هذا الخطاب التبريري انتقائياً، يدافع عن حقوق الإنسان في مكان ولا يدافع عنها في مكان آخر، يسائل عن الديمقراطية في مكان ولا يسائل عنها في مكان آخر. يأتي بعد ذلك نتيجة لأن العلاقات بين أجزاء العالم ليست علاقات متكافئة. فالعالم محكوم في النهاية بقوة واحدة هي التي تصنع القوانين وهي التي تفسرها.
&
هل الإسلام السياسي يطرح مشروعاً لمناهضة أو لتفكيك العولمة بمنطق طرح الإسلام بوصفه بديلاً للعولمة؟ هل تري من داخل الخطابات الإسلامية إمكانية هذا التفكيك؟ أم علينا أن نعود لثنائية الفرق بين العرب والمسلمين؟ أم أن ثمة آفاق أخرى؟
-&خطاب الإسلام السياسي الذي أصبح بعد، بعد الحادي عشر من سبتمبر، خطاب الإسلام بشكل عام، يتقارب مع خطابات إسلامية أخرى إلى حد كبير، خاصة بعد تفاقم أزمة الصراع العربي الإسرائيلي. هو أيضاً خطاب عولمة يؤكد وجود عالمين لابد أن يهزم أحدهما الآخر ويسيطر عليه. الخطاب الغربي يؤكد وجود العالمين أيضاً كما يؤكد سؤال أيهما يسود. نحن إزاء خطابين كلاهما يعتمد على ثنائية زائفة لأنها لا تدرك التعددية في عدم التكافؤ وتعتبر أن عدم التكافؤ ثنائي. نحن إزاء نفس البنية في الخطابين مع اختلاف وظيفة العناصر التي يحاول كل فريق أن يجعلها متغلبة. إنها مثل الصوت وصدي الصوت.
-&خطاب الإسلام السياسي الذي أصبح بعد، بعد الحادي عشر من سبتمبر، خطاب الإسلام بشكل عام، يتقارب مع خطابات إسلامية أخرى إلى حد كبير، خاصة بعد تفاقم أزمة الصراع العربي الإسرائيلي. هو أيضاً خطاب عولمة يؤكد وجود عالمين لابد أن يهزم أحدهما الآخر ويسيطر عليه. الخطاب الغربي يؤكد وجود العالمين أيضاً كما يؤكد سؤال أيهما يسود. نحن إزاء خطابين كلاهما يعتمد على ثنائية زائفة لأنها لا تدرك التعددية في عدم التكافؤ وتعتبر أن عدم التكافؤ ثنائي. نحن إزاء نفس البنية في الخطابين مع اختلاف وظيفة العناصر التي يحاول كل فريق أن يجعلها متغلبة. إنها مثل الصوت وصدي الصوت.
&
*&في رأيك، كيف يمكننا أن نري هذه التعددية؟ هل نتبنى رأي هنتجنتون الذي يقسم العالم إلى ثقافات أو مناطق ثقافية؟ هل نراها بمعيار التقدم الحضاري والتكنولوجي أو بالمعيار الاقتصادي؟
_ هناك سؤال غائب على النظام العالمي ويجب علينا أن نوليه موقع الصدارة الآن: على أي أساس نقوم الآن بإقامة نظام عالمي جديد؟ هل هو نظام عالمي قائم على قيم الحريات، وهو ما يطرحه النظام الحالي بالتركيز على الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان إلخ؟ هل هو عالم قائم على أساس العدل؟ في النهاية، ليس هناك تناقض بين مفهوم العدل ومفهوم الحرية ولكن أيهما تكون له الأولوية؟ العدل يحتاج لإقامة نظام عالمي جديد، بل ولإعادة النظر في صيغة الأمم المتحدة، لأنها صيغة تعتبر نقطة النهاية لما اتفق عليه بعد الحرب العالمية الثانية. الآن الوضع مختلف، فالحرب العالمية الثانية أفضت لوجود قوتين عظيمتين، الآن ليست هناك سوي قوي عظمي واحدة.هل النظام العالمي يحتاج لإعادة النظر فيه وفي مؤسساته مثل الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها؟ هذا هو السؤال.
_ هناك سؤال غائب على النظام العالمي ويجب علينا أن نوليه موقع الصدارة الآن: على أي أساس نقوم الآن بإقامة نظام عالمي جديد؟ هل هو نظام عالمي قائم على قيم الحريات، وهو ما يطرحه النظام الحالي بالتركيز على الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان إلخ؟ هل هو عالم قائم على أساس العدل؟ في النهاية، ليس هناك تناقض بين مفهوم العدل ومفهوم الحرية ولكن أيهما تكون له الأولوية؟ العدل يحتاج لإقامة نظام عالمي جديد، بل ولإعادة النظر في صيغة الأمم المتحدة، لأنها صيغة تعتبر نقطة النهاية لما اتفق عليه بعد الحرب العالمية الثانية. الآن الوضع مختلف، فالحرب العالمية الثانية أفضت لوجود قوتين عظيمتين، الآن ليست هناك سوي قوي عظمي واحدة.هل النظام العالمي يحتاج لإعادة النظر فيه وفي مؤسساته مثل الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها؟ هذا هو السؤال.
&
ألن يؤدي ذلك إلى تعميق مسألة تقسيم العالم بشكل ديني، باعتبار أن البديل عن القوميات أو الدول القومية المشتركة في الأمم المتحدة يهدد بوجود دول دينية؟
-&أنا لا أتكلم عن الوحدات السياسية المكونة للعالم، إنما عن العالم نفسه الذي لا يقوم على أية معايير للعدل. الخطاب العام السياسي والاقتصادي يركز على فكرة الحريات التي هي في النهاية تخدم الحرية الاقتصادية التي تزيد القوي قوة وتزيد الضعيف ضعفاً.قوانين السوق هي قوانين خارج إطار المحتاج والمترف، سؤال المحتاج والمترف غير مطروح في السوق ولا في جوهر العولمة كنظام اقتصادي. العولمة تضر بالعالم كله، تضر بالمواطن الأمريكي والكندي والهولندي. نحتاج إذن لخلق سؤال كيف ندخل مفهوم العدل في صيغة العولمة، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً. صيغة العدل اقتصادياً تطرح مسألة _ ليست فقط حرية السوق _ ولكن أيضاً توزيع ثروة العالم بالعدل، وتطرح سؤال الديمقراطيات وهو مرتبط بسؤال العدل الذي سيحول دون غض النظر عن الديكتاتوريات في مكان لأنه يعمل بقوانين السوق الحرة ويحاسب على الديمقراطيات في مكان آخر لأنه يقاوم العولمة الاقتصادية. سؤال الثقافة أيضاً، حين يدخل فيه مفهوم العدل، سينفتح على قضية المعرفة وثورة المعلومات. هناك عدم تكافؤ في الحصول على المعلومات في إطار الثورة التكنولوجية من أجل خلق عالم متكافئ، نحتاج لإدخال مفهوم العدل في البنية العالمية بما فيها من حريات وحقوق، وليس لإلغائها أو تبديلها.سيستلزم مفهوم العدل من القوى الكبرى كثيراً من التواضع. الولايات المتحدة الأمريكية لا تتمتع بأي تواضع، وأنا أتكلم عنها كنسق أو كنظام. العالم كله يحتاج للوقوف في وجه هذه العنجهية، لأن الولايات المتحدة بسبب امتلاكها للقوة لا تريد أن تقيم مجتمعاً متكافئ ومتساو. الخطاب الإسلامي لا يطرح حلاً للإشكالية وإنما يطرح بديلاً يقوم على نفس المنظومة.
-&أنا لا أتكلم عن الوحدات السياسية المكونة للعالم، إنما عن العالم نفسه الذي لا يقوم على أية معايير للعدل. الخطاب العام السياسي والاقتصادي يركز على فكرة الحريات التي هي في النهاية تخدم الحرية الاقتصادية التي تزيد القوي قوة وتزيد الضعيف ضعفاً.قوانين السوق هي قوانين خارج إطار المحتاج والمترف، سؤال المحتاج والمترف غير مطروح في السوق ولا في جوهر العولمة كنظام اقتصادي. العولمة تضر بالعالم كله، تضر بالمواطن الأمريكي والكندي والهولندي. نحتاج إذن لخلق سؤال كيف ندخل مفهوم العدل في صيغة العولمة، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً. صيغة العدل اقتصادياً تطرح مسألة _ ليست فقط حرية السوق _ ولكن أيضاً توزيع ثروة العالم بالعدل، وتطرح سؤال الديمقراطيات وهو مرتبط بسؤال العدل الذي سيحول دون غض النظر عن الديكتاتوريات في مكان لأنه يعمل بقوانين السوق الحرة ويحاسب على الديمقراطيات في مكان آخر لأنه يقاوم العولمة الاقتصادية. سؤال الثقافة أيضاً، حين يدخل فيه مفهوم العدل، سينفتح على قضية المعرفة وثورة المعلومات. هناك عدم تكافؤ في الحصول على المعلومات في إطار الثورة التكنولوجية من أجل خلق عالم متكافئ، نحتاج لإدخال مفهوم العدل في البنية العالمية بما فيها من حريات وحقوق، وليس لإلغائها أو تبديلها.سيستلزم مفهوم العدل من القوى الكبرى كثيراً من التواضع. الولايات المتحدة الأمريكية لا تتمتع بأي تواضع، وأنا أتكلم عنها كنسق أو كنظام. العالم كله يحتاج للوقوف في وجه هذه العنجهية، لأن الولايات المتحدة بسبب امتلاكها للقوة لا تريد أن تقيم مجتمعاً متكافئ ومتساو. الخطاب الإسلامي لا يطرح حلاً للإشكالية وإنما يطرح بديلاً يقوم على نفس المنظومة.
&
هل هناك خطورة _ في ظل العنجهية الأمريكية _ تهدد بسحب الخطابات الإسلامية تحت معطف خطاب الإسلام السياسي المتطرف؟ كنت تقول إن الخطابات الإسلامية تتقارب بسبب إحساسها بخطر ما بعد أحداث 11 سبتمبر؟
-&هذا الخطر قائم وماثل ويجب أن ننتبه له، حتى بالنسبة للخطاب الإسلامي نفسه بتعدديته وحيويته. إذا انسحب هذا الخطاب ليصبح& APOLOGYTIQUE& أو خطاب رد فعل&- وهو الأمر الذي يخيفني بشدة - سيعود بالعالم الإسلامي، بالمعني العام وليس بمعني العالم العربي وحده، إلى نقطة الصفر، وهي النقطة التي بدأ منها عصر النهضة وأحدث تقدماً في كل المجالات. وبما أننا في موقف الضعف السياسي والعسكري والاقتصادي فسنظل حبيسي هذه النقطة. هذا الخوف أشعر به منذ أحداث سبتمبر وقلت ذلك في أحاديث كثيرة هنا في هولندا. قلت إننا عدنا ثانية إلى النقطة التي تخيلنا خلال القرن العشرين أننا تجاوزناها وصنعنا جسوراً تتساقط الآن بسبب الاحتقانات التي يغيب عنها مفهوم العدل. لماذا على سبيل المثال انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية محكمة الجرائم الدولية، ومن اتفاقية كيوتو؟ لقد فقدت كرسيها في لجنة حقوق الإنسان بعد انسحابها في دربن وكان يبدو أنها قبل 11 سبتمبر مقبلة على عزلة كاملة. أحداث 11 سبتمبر أخرجتها من العزلة والآن تعيدها إلى عزلة أخرى، لكن بسبب الحرب ضد الإرهاب وحالة الخوف التي خاضتها الولايات المتحدة، ليس فقط بالنسبة للمواطن الأمريكي ولكن بالنسبة للمواطن الأوربي، ليست هناك شجاعة كافية، لا في الاتحاد الأوربي ولا في المجتمعات الأوربية، ناهيك عن المجتمعات العربية والإسلامية، لتقول إن كل هذا خطأ وتزييف وإننا نحتاج للعودة إلى ما قبل 11 سبتمبر لنبحث عن عوامل القصور ونحاول أن نتلافاها، لا أن نعود لنقطة الصفر التي تخيلنا أننا تخطيناها بقرن من الزمان.
-&هذا الخطر قائم وماثل ويجب أن ننتبه له، حتى بالنسبة للخطاب الإسلامي نفسه بتعدديته وحيويته. إذا انسحب هذا الخطاب ليصبح& APOLOGYTIQUE& أو خطاب رد فعل&- وهو الأمر الذي يخيفني بشدة - سيعود بالعالم الإسلامي، بالمعني العام وليس بمعني العالم العربي وحده، إلى نقطة الصفر، وهي النقطة التي بدأ منها عصر النهضة وأحدث تقدماً في كل المجالات. وبما أننا في موقف الضعف السياسي والعسكري والاقتصادي فسنظل حبيسي هذه النقطة. هذا الخوف أشعر به منذ أحداث سبتمبر وقلت ذلك في أحاديث كثيرة هنا في هولندا. قلت إننا عدنا ثانية إلى النقطة التي تخيلنا خلال القرن العشرين أننا تجاوزناها وصنعنا جسوراً تتساقط الآن بسبب الاحتقانات التي يغيب عنها مفهوم العدل. لماذا على سبيل المثال انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية محكمة الجرائم الدولية، ومن اتفاقية كيوتو؟ لقد فقدت كرسيها في لجنة حقوق الإنسان بعد انسحابها في دربن وكان يبدو أنها قبل 11 سبتمبر مقبلة على عزلة كاملة. أحداث 11 سبتمبر أخرجتها من العزلة والآن تعيدها إلى عزلة أخرى، لكن بسبب الحرب ضد الإرهاب وحالة الخوف التي خاضتها الولايات المتحدة، ليس فقط بالنسبة للمواطن الأمريكي ولكن بالنسبة للمواطن الأوربي، ليست هناك شجاعة كافية، لا في الاتحاد الأوربي ولا في المجتمعات الأوربية، ناهيك عن المجتمعات العربية والإسلامية، لتقول إن كل هذا خطأ وتزييف وإننا نحتاج للعودة إلى ما قبل 11 سبتمبر لنبحث عن عوامل القصور ونحاول أن نتلافاها، لا أن نعود لنقطة الصفر التي تخيلنا أننا تخطيناها بقرن من الزمان.
التعليقات