أحمد عبدالعزيز من موسكو: من القراءة الأولى وبشكل قاطع حسم مجلس الدوما الروسي محاولات بعض التيارات والقوى في روسيا تمديد فترة الرئاسة إلى 7 سنوات بدلا من 4 وهي المنصوص عليها في دستور روسيا الاتحادية الجديد. وقد رفض النواب المصادقة على مشروع قانون "حول إجراء تعديل على دستور روسيا الاتحادية بشأن تغيير فترة صلاحيات رئيس روسيا الاتحادية". وينص مشروع القانون المذكور الذي طرحته الجمعية التشريعية في مقاطعة "إيفانوفو" على زيادة فترة صلاحيات رئيس الدولة من أربعة أعوام حاليا إلى سبعة أعوام. وأيد مشروع القانون 51 نائبا وعارضه 317 نائبا بينما امتنع نائبان عن التصويت. علما أن عدد الأصوات اللازم للمصادقة على أي مشروع يجب أن يكون 226 صوتا.
وكان رئيس مجلس الدوما بوريس جريزلوف، والذي يترأس حزب "روسيا الموحدة" المعروف بحزب الكرملين،& قد أعلن أن نواب حزبه لن يصوتوا بنعم لمشروع القانون هذا. وشدد على معارضته تعديل الدستور مشيرا إلى "إننا ننوي المحافظة على الدستور".
المثير في الأمر أن الرئيس الروسي نفسه قد أعلن في صراحة ووضوح بأنه ضد مثل هذه الأفكار. غير أن العديد من التيارات والقوى، والكثيرين من المحيطين به يستغلون جميع المناسبات والفرص للدفع في هذا الاتجاه، بينما تقف القوى اليمينية الإصلاحية ووسائل إعلامها على الطرف النقيض مؤكدة بأن بوتين يسعى في هذا الاتجاه، ويحاول إعادة روسيا إلى عصر الاستبداد السوفيتي. وفي الوقت نفسه يعلنون يوميا عن تأسيس لجان وجبهات وتكتلات يطلقون عليها أسماء "افتراضية" من قبيل "لجنة 2008" التي تشيع بأن بوتين سوف يستمر في حكم روسيا بعد انقضاء الفترتين القانونيتين المنصوص عليهما في الدستور.
وفي كلمته مؤخرا أمام موكليه في الانتخابات الرئاسية أعلن بوتين صراحة بأنه يعارض تماما فكرة تمديد فترة الرئاسة في روسيا. وقال بأن هذه الدعوات تمثل سعيا نحو إحلال استقرار معين، ولكن مثل هذا الاستقرار يمكن أن يتحول إلى ركود. وأضاف بأن تحقيق فكرة زيادة فترة الرئاسة ستقود إلى تعديل الدستور، الأمر الذي سينعكس بصورة سلبية على تطور كيان الدولة الروسية. وأشار بوتين "مبتسما":"ربما ستكون فترة 5 سنوات مقبولة أما فترة 7 سنوات فهي كثيرة". وأوضح: "ما اقصده وجود كمية هائلة من المشاكل، ويجب العمل بجهد كامل. وإذا ما تواصل العمل على مدى 7 سنوات فقد يصاب المرء بالجنون".
وكان آخر الداعين لتنصيب بوتين قيصرا على روسيا هو الرئيس الشيشاني أحمد قاديروف الذي أعرب عن عدم رضائه عن الدستور الروسي الذي يحرم الرئيس في روسيا من الحكم مدى الحياة، وهجومه على فصل الدين عن الدولة، ودعوته إلى جعل بوتين رئيسا أبديا لروسيا. أما زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي ونائب رئيس مجلس الدوما الروسي فلاديمير جيرينوفسكي فكان أحد أوائل "الدعاة" لضرورة تعديل الدستور الروسي من أجل زيادة مدة عمل أعضاء البرلمان إلى 6 سنوات بدلا من أربع. وطالب أيضا بتعديل المادة الدستورية التي تحدد مدة ولاية رئيس الدولة، وجعلها مفتوحة. وقال جيرينوفسكي بأنه "من الضروري إزالة الحدود الزمنية بالنسبة لتولي منصب الرئاسة". والمعروف أن جيرينوفسكي هو أول سياسي روسي نادى بتمديد الفترة الرئاسية للرئيس بوتين إلى 7 سنوات بدلا من أربع. وبعده قام رئيس المجلس الفيدرالي سيرجي ميرونوف بطرح نفس الاقتراح. وميرونوف أحد اصدقاء بوتين وابن مدينته سانت بطرسبورج، ويشغل حاليا منصب رئيس المجلس الفيدرالي الروسي، وقام بترشيح نفسه للرئاسة في روسيا ليس لمنافسة بوتين، كما قال في تصريحاته، وإنما لمساعدته.