جاسم المطير
&
&
ينعقد في تموز القادم ، كما أعلنتم، المؤتمر الوطني العام استنادا لرغبة أو قرار الإراديتين الوطنية والدولية وسيكون هذا المؤتمر بحجمه الواسع المقرر شكلا من أشكال الممارسة الديمقراطية في ظروف الفترة الانتقالية كما انه سيضمن العلاقة الصحيحة بين الممارسة الديمقراطية والمحتوى الاجتماعي في الفترة الانتقالية بما يهيأ القاعدة الأساسية للنظام السياسي الدائم إذا ما بني المؤتمر بقدر كبير على ثقافة السياسة الوطنية المستقلة كي تنقشع من سماء وطننا السحائب الداكنة التي غطتها منذ زمان طويل .
ربما يجري حديث واسع عن عدد المشاركين فيه بين ألف أو ألف وخمسمائة مندوب يمثلون أطياف الشعب العراقي في داخل العراق وخارجه.. لكن على الجميع أن يقبلوا الأعداد المقررة عن طيب خاطر وبالقناعة الحرة إذا ما كانت نتائج الحوار الوطني العام سارة للجميع.
من الطبيعي القول انه في ظل الظروف الأمنية الحالية فان من المتعذر جمع أو تحريك هذا العدد الكبير من المشاركين غير أن الضرورة تقتضي أولا واخيرا أن يلتئم بموعده المحدد مثل هذا العدد في أية مدينة عراقية مغطاة بحقول وأشجار الأمن والسلام، حتى لو كانت في كردستان، لسببين رئيسيين :
الأول : أن مهمة هذا المؤتمر ليست " جدلية " بمعنى أن أوراق عمل المؤتمر يجب أن تكون مهيأة منذ الآن ومقدمة مسبقا للمشاركين لتطويرها مع ضرورة وجود إدارة محنكة لتنظيم جلسات المؤتمر مهمتها تركيز النقاش وعدم ضياع الوقت في طرح أراء متكررة خاصة إذا تم حصر جلسات المؤتمر بيوم أو يومين على ابعد تقدير فمن المستحيل أن يتوفر وقت لأحاديث ألف عضو، ولا حتى لمائة عضو.
الثاني : هو أن المهمة الرئيسية للمؤتمر الكبير العدد هي مهمة " انتخابية" وليست تقريرية لذلك أرى من المناسب أن يعقد المؤتمر ليومين يكون اليوم الأول مخصص للمداولة والمناقشة حسب جدول عمل مفترض وضعه من لجنة خاصة مكلفة منذ الآن واليوم الثاني مخصص لانتخاب المجلس التشريعي المؤقت.
&
الشيء الذي أريد أن أضعه أمام اللجنة التحضيرية المكلفة بالإعداد للمؤتمر هو:
انتخاب المجلس التشريعي (الوطني) المؤقت من 275 عضوا.. ( أو أي عدد يتفق عليه ).
الثاني انتخاب مجلس شيوخ من 75 عضوا ( أو أي عدد يتفق عليه ) حيث يمكن أن يكون له دور في توفير الحكمة التشريعية التعضيدية والفعالة..
كي يمكن ضمان مشاركة ملموسة وفعالة تمثل مدى نضج الشعب العراقي وتفهمه لمتطلبات مستقبله ينبغي دعوة اكثر عدد ممكن من المثقفين العراقيين وأساتذة الجامعات وذلك من اجل تكييف المجتمع مع حقوق الإنسان العراقي مع الابتعاد لأقصى حد ممكن عن ظواهر اعتبارات المحاصّة الحزبية أو العشائرية أو الطائفية..
إن المؤتمر الوطني العام في تموز سيجد نفسه أمام مهمات وطنية كبرى وأمام امتحان عسير واجد من الضروري تنبيه اللجنة التحضيرية أن تكون اكثر عمقا في رؤيتها الليبرالية واكثر مرونة من مؤتمرات المعارضة السابقة وخاصة مؤتمر لندن عام 2002 وضرورة الابتعاد كليا عن الادعاء بان اللجنة التحضيرية تملك وحدها الحقيقة المطلقة عن سلامة أسلوب اختيار أعضاء المؤتمر وهو أمر لا يخلو من مخاطر الانقسام في الصف الوطني..
من هنا فان أهم قاعدة تبنيها اللجنة التحضيرية لضمان نجاح المؤتمر هي الاعتماد على " العقلانية الواقعية و التجريبية " التي تتصل اتصالا مباشرا بالظروف المادية والمعنوية التي يعيشها الشعب العراقي واستنادا إلى الحقائق السياسية المتغيرة خلال التحرك التاريخي للواقع العراقي في الماضي والحاضر والمستقبل.
تتطلب فترة الأيام القليلة القادمة من جميع القيادات الديمقراطية نشر ثقافة سياسية تمتاز بالبحث عن نقاط الاتفاق لا الاختلاف أي البحث المستمر داخل اللجنة التحضيرية وداخل المؤتمر أيضا عن جميع الوسائل والأساليب الموصلة إلى ضرورة التحكم الديمقراطي بالذات الحزبية والفردية وليس الخضوع للفردية المصلحية والحزبية الضيقة.
كي ينجح المؤتمر وكي تكون ( مصلحة الوطن فوق جميع المصالح ) يحتاج الجميع إلى ضرورة التخلص من المساجلة العصبية بين القوى الوطنية واللجنة التحضيرية والتمسك بالتسامح والتساهل والتراضي.
من دون ذلك لا يمكن نيل الثمرة الإيجابية المتصورة من مؤتمر الوطنيين الديمقراطيين العراقيين..

بصرة لاهاي