لم تحضر محطة "ام,تي,في" التلفزيونية الجلسة الماراثونية التي عقدها مجلس الوزراء (اول من امس) لتنقل اجواءها العاصفة او مداولاتها الحادة بمضامينها الخلافية، بل حضرت على طاولة المناقشات بندا نُقل الى السلطة الاجرائية مباشرة عبر "اثير" المجلس الوطني للاعلام من دون المرور بـ "محطة" وزير الإعلام غازي العريضي الذي "بث" اعتراضا واضحا على تجاوزه ورفضا صريحا لطلب قفل "ام,تي,في" لاثارتها النعرات الطائفية والذي ايده رئيس الجمهورية اميل لحود، لكنه لم يمر.
الحملة الاعلامية التي اطلقتها "ام,تي,في" بعد ساعات من توقيف عشرات من عناصر التيار العوني ومنسقه العام نديم لطيف ومن "القوات اللبنانية" والمستشار السياسي لقائدها الدكتور توفيق هندي عبر استضافة عدد من النواب والشخصيات السياسية والحزبية التي اجمعت على رفض التوقيفات واصفة اياها بأنها مشروع اقامة "دولة امنية" وبوليسية، قوبلت بحملة مضادة تولاها بعض الوزراء الذين اعتبروا ان المؤسسة تصرفت كأن ثمة حركة انقلابية على النظام وانها حرضت على الدولة، فيما اعلن وزير العمل علي قانصو في الجلسة الــ "هايد بارك" على الـ "ام, تي, في" لا يجوز، ورأى الوزير اسعد دياب ان الاعلام خرج عن الحرية المسؤولة.
الاغنيات الوطنية التي بثتها "ام, تي,في" منذ انطلاق حملة التوقيفات، و"الكليبات" التي عرضتها متوجهة الى رئيس الحكومة رفيق الحريري ومتضمنة مشاهد للموقوفين في اثناء اعتقالهم ونقلهم في شاحنات "ريو"، بثت مناخات سجالية وخلافية في مجلس الوزراء انطلقت من المذكرة التي رفعها المجلس الوطني للاعلام الى الحكومة عن "المخالفات الخطيرة" في تعاطي المؤسسة مع اخبار التوقيفات والتي كتب عليها "بواسطة وزير الاعلام" الذي اعلن رفضه الامر، مؤكدا ان المشكلة ليست في الاعلام بل في غياب السلطة السياسية، وكاشفا انه استدعى المسؤولين في المحطة وبحث معهم في ما يعرض على شاشتهم.
واذ اقترح عدم دخول قرار قفل "ام,تي,في" مؤكدا انه يتحمل مسؤوليته كوزير اعلام، اعلن الرئيس اميل لحود "اننا نعرف كل وسائل الاعلام وخلفيات ما تنشره، ولا تهمني الجرايد والتلفزيونات بل البلاد ومصلحتها"، قبل ان يمر "قطوع" قطع البث ووقفه ويكلف العريضي تطبيق احكام قانون الاعلام.
وكان المجلس الوطني وجه اول من امس مذكرة الى مجلس الوزراء تحدث فيها عن مخالفة "ام,تي,في" بعض احكام قانون تنظيم الاعلام المرئي المسموع اذ "لم تلتزم الطابع التعددي للتعبير عن الافكار والآراء واعتبرت نفسها في "حال طوارئ" (,,,,) ولم تعتمد الموضوعية في بث الاخبار والاحداث (,,,,) بل تعمدت اثارة اجواء الهلع من تبدل النظام على يد الاجهزة (,,,) ووجهت دعوات وضربت تحركات وحاولت تجييش مشاهديها للاحتشاد فيها (,,,) ولم ترعو عن اثارة النعرات الطائفية وتحدت المؤسسات السياسية والامنية".
وتوقفت المذكرة عند اعلانات وملاحق "تبثها المحطة وتتساءل فيها عمن يكون رئيس حكومة لبنان الى اناشيد حماسية", ورأت انها خالفت احكام المادة المتعلقة بـ "عدم التعرض لاسس الوفاق الوطني ووحدة البلاد وسيادة الدولة واستقلالها",
"ام, تي, في"
ماذا تقول "ام, تي, في" في ما اثير في مجلس الوزراء وما تضمنه تقرير المجلس الوطني للاعلام؟
رئيس تحرير نشرة الاخبار في المحطة غياث يزبك، اكد لـ "الرأي العام" "ان التهم التي وجهت الى "ام, تي, في" لا تمت الى الواقع، وهذا ما يفسر وجود من دافع في الحكومة عن الحريات في شكل بطولي" لافتا الى "ان قطوع الاقفال مرّ على السلطة وليس علينا, و"ام, تي, في" لا تملك مدفعا لتدافع عن حقها في ممارسة دورها، لكن قرار القفل كان يشكل وصمة على جبين الدولة في القرن الحادي العشرين", وشدد على "ان العقل انتصر بعد معركة كبيرة، والديموقراطية سجلت نقطة لمصحلتها في مجلس الوزراء".
واذ رفض ما ورد في تقرير المجلس الوطني ملاحظا ان رئيسه عبدالهادي محفوظ لم يؤد دوره الا امس (اول من امس) وبطريقة مخالفة للقانون اي متخطيا وزير الاعلام"، اكد ان "ام, تي, في" لم تثر في اي خبر او مقابلة النعرات الطائفية، عازيا غياب الرأي الاخر عن شاشتها الى "ان الاخير لم يظهر على الارض، وحصلت هبة وطنية رفضا لعمليات التوقيف العشوائية، واتصلت بنا شخصيات سياسية لتعبر عن رأيها فاستقبلناها".
وعن خلفيات الحملة التي تشنها المحطة واهدافها قال: "غايتنا الوحيدة صون الحرية والديموقراطية المبرر الوحيد الباقي لوجود لبنان, وفي الايام الاخيرة وجدت "ام, تي, في" نفسها مضطرة انطلاقا من دورها الاعلامي ورسالتها لمواجهة المد الذي جرف كل شيء بطريقة ديموقراطية, لسنا ضد القوى الامنية وليس لنا ان نحدد لها كيفية قيامها بواجبها، لكن المطلوب التزام القانون والوضوح", وسأل: "اين الخطر الداهم الذي يفرض اتخاذ كل هذه الاجراءات؟ الم يكن هذا السؤال حاضرا في مجلس الوزراء نفسه الذي شهد تباينا حول طرح المؤامرة واذا كان توقيف المشاغبين ادى الى كشفها ام ان المؤامرة افضت الى توقيف المشاغبين؟".
وفي حين عزا الحملة على المحطة الى "امتعاض بعض الجهات من الاضاءة على ما كان يجري في الخفاء لتعطيل الانجاز التاريخي الذي حصل بفعل الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله صفير للجبل وشكلت التوقيفات احد ابرز وجوهه"، اكد ان "ام, تي, في" مستمرة في نهجها"، واذا عادت الامور الى نصابها وكانت الغلبة للديموقراطية عبر التزام رجال القانون العمل القانوني والعسكر الشأن العسكري، واضطلع مجلس الوزراء بدوره، عندها يصار الى التعاطي مع هذا الواقع المنشود كما هو, اما القضايا "الفاقعة" فتفرض ان تتم مقاربتها باللون الفاقع نفسه، لتظهير الامور الشنيعة والفظيعة التي تنطوي عليها, وهنا اسأل: هل المشاهد التي عرضناها لما حصل (اول من امس) امام قصر العدل ولم نعلق عليها اطلاقا هي من انتاجنا ام انها وليدة الممارسات التي هزت مشاعر كل حريص على الحرية في هذا البلد الذي نال استقلاله بفضل حرية "صحافية صدّرها منذ القرن التاسع عشر, فهل يجوز كسر هذا السلاح في القرن الـ "21؟".
وختم: "باننا لسنا حزبا او تيارا بل نبراسا يضيء طريق المسؤولين فيصوبون اداءهم ويعالجون مكامن الخلل, وفي هذا المجال نؤكد وجوب منع محاولات التراجع عن التلاقي الذي حصل في الجبل, والتقارب المسيحي ـ الدرزي يزيل مشكلة من امام الدولة ولا يفترض ان يتحول مشكلة في ذاته, ويجب عدم اغفال ان ما ضرب البلاد على مر التاريخ كان الانقسام الذي شهده الجبل في محطات عدة".
اضاف: "حتى لو كان ثمة مؤامرة، فكان ينبغي للشعب ان يقطف ثمار التلاقي في الجبل، وذلك على المستويين الاقتصادي والسياسي، على ان يتم منعها عند حصولها بطريقة مقنعة وبالوسائل الملائمة".(الرأي العام)