&
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"& الخطاب الذي كتبه وتلاه الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش عند اعلانه قراره بالموافقة على المباشرة بالتجارب على الخلايا الجذعية. وفي ما يلي نص الخطاب:
كروفورد، تكساس
من أصعب القرارات الخلقية هي تلك التي تضع الخير في مواجهة الخير. وفي حالة الخلايا الجذعية (التي تعرف كذلك بالخلايا الأساسية للأجنة) فإن الوعد الذي تبشر به العلاجات العجيبة يقف وجها لوجه أمام حماية الحياة الناشئة. هذا النزاع أوقع الانقسام في صفوف الأميركيين، بل وحتى في أذهانهم.
إن أبحاث الخلايا الجذعية او خلايا الأجنة لا تزال في مرحلة مبكرة مبهمة، بيد ان الأمل الذي تبشر به مذهل، وهو يتمثل في توليد خلايا بشرية متكيفة بلا حدود لتحل محل خلايا او أنسجة تالفة او معطوبة ولتعالج طائفة كبيرة من الأمراض.
لكن أخلاقيات الطب ليست قابلة للتكيف الى ما لا حدود. هناك على الأقل بارقة أمل واحدة، وهي أنه يجب علينا أن لا نزهق أرواح البعض لمصلحة الآخرين الطبية. هذا الأمر بالنسبة لي قضية عقيدة: إيمان بأن الحياة، بما فيها الحياة الأولية، هي حياة بشرية من ناحية بيولوجية، ولها تميز وقيمة جينيان. لكنه ليس من الضروري أن يكون المرء من "انصار الحياة" (أي الحفاظ على الأجنة) لكي تزعجه فرص واحتمالات زراعة الأجنة او استنساخها لتوفير قطع غيار بشرية. غالبية الأميركيين يتشاطرون الايمان بأن حياة البشر ينبغي ألا تسخر بحيث تصبح أداة او وسيلة.
بيد ان ثمة سبيلين امام الحكومة الفدرالية كي تشجع بنشاط ابحاث الخلايا الجذعية دون ارتكاب مساوئ أخلاقية.
أولا، بامكاننا أن نشجع الأبحاث على الخلايا الجذعية التي أستنبطت من مصادر غير الأجنة، مثل خلايا الكبار، وخلايا الحبل السُرّي، او المشمة (البلاسينتا) الملتصقة بالجنين. كثير من الباحثين يتوسمون امكانات عظيمة في هذه الخلايا، وقد استخدمت هذه فعلا لتطوير عدة علاجات مستحدثة.
ثانيا، يمكننا أن نشجع الأبحاث على سلالات الخلايا الجذعية للأجنة الموجودة فعلا، وهي خلايا يمكن لها أن تتوالد ذاتيا في المختبر، ربما الى ما لا نهاية. سلالات الخلايا الجذعية في جامعة ويسكونسن تقوم بتوليد الخلايا منذ أكثر من عامين. إن ما يزيد على 60 من سلالات الخلايا هذه موجودة حول العالم الآن. وطبقا لمعاهد الصحة التابعة للحكومة الفدرالية، فإن سلالات الخلايا هذه متنوعة وراثيا وأعدادها كافية للأبحاث في المستقبل.
وعليه فقد تبنت إدارتي السياسة التالية: ان التمويل الفدرالي للأبحاث حول سلالات الخلايا الجذعية الموجودة سيمضي قدما، لكن التمويل الفدرالي الذي يشجع او يبيح اتلاف المزيد من الأجنة فلن يسير قدما. وفي حين انه ليس من الأخلاقي وضع حد للحياة في الأبحاث الطبية، فانه من الأخلاقي الاستفادة من الأبحاث التي تكون القرارات المتعلقة بالحياة والموت قد اتخذت بشأنها سابقا
وهناك سابقة. فاللقاح الحيّ الوحيد المرخص به ضد الجدري في الولايات المتحدة تم تطويره من خلايا اشتقت من أبحاث شملت أجنة بشرية. فقد ولّد الباحثون الفيروس في خلايا رئات أجنة ثم استنسخت لاحقا ونمّيت في سلالتين للخلايا موجودتين من قبل. وكثير من الزعماء الروحيين والأخلاقيين يتفقون في الرأي بأنه حتى لو أن تاريخ هذا اللقاح أثار تساءلات خلقية، فان استخداماته الحالية لا تثير تساؤلات كهذه.
ان أبحاث الخلايا الجذعية تتم على منحدر زلق من الوازع الأخلاقي، وهو المكان الذي تجرى فيه معظم الأبحاث الطبية الأحيائية. علينا أن نحافظ على موقعنا الخلقي الثابت. إن على الحكومة واجباً واضحاً بتشجيع الاكتشافات الطبية، وواجباً بتعريف ورسم حدود معينة:
&عملا بسياستي، فإن سلالات الخلايا الجذعية الموجودة، التي ستسخّر في الأبحاث المدعومة حكوميا، يجب ان تشتق: (1) بالموافقة الواعية للمتبرعين؛ (2) من أجنة فائضة خلقت خصيصا لأغراض التوليد، (3) وبدون أية حوافز مالية للمانحين.
&لقد أصدرت تعليماتي الى معاهد الصحة القومية بفتح سجل قومي لتسجيل الخلايا الجذعية الجنينية البشرية. ومن شأن ذلك أن يضمن ان معايير الأبحاث الخلقية ستراعى من قبل جميع من يتلقون أموال الحكومة الفدرالية.
&وسأقوم قريبا بتشكيل مجلس رئاسي حول الأخلاقيات الأحيائية برئاسة الدكتور ليون كاسّ، لتقديم النصح لحكومتي حول المسائل الأخلاقية والعلمية التي تثيرها الأبحاث البيوطبية. إن إدارتي تؤيد بذل جهود تشريعية لحظر استنساخ البشر لأي غرض كان، ولتحريم انتاج الأجنة البشرية خصيصا لغرض إتلافها خلال الأبحاث الطبية.
&وإذ نطأ التخوم الجديدة للعلم الحديث، فإن الخيارات لا بد أن تزداد صعوبة. والتكنولوجيات التي نستحدثها، بما تحمله من إمكانات بعلاج الأمراض وتخفيف معاناة الناس، قد تحدد عصرنا. لكن ما سيحدد هويتنا كذلك هو مشاعر الرعاية وضبط النفس والمسؤولية التي تلقينا بها تلك القدرات الجديدة.
&ان القوة، حتى قوة التكنولوجيا، تقاس وتقدّر دوما بأهدافها ووسائلها. والسعي لأهداف نبيلة، بأية وسيلة كانت، أمر لا يمكن القبول به حينما تكون الحياة عينها على المحك.
&والتقدم الحيوي-الطبي ينبغي ان يكون موضع ترحيب، كما يجب تشجيعه وتمويله، ولكن يمكن، ويجب، أنسنته. والمطلوب هو توخي الحذر لأن الصحوة ستأتي متأخرة جدا.& وإذ نعمل من أجل تمديد حيواتنا، علينا أن نفعل ذلك بطرق تصون إنسانيتنا.
*الكاتب هو الرئيس الـ43 للولايات المتحدة.
أعدها : نبيل شرف الدين