&
استمرت العمارة الخليجية في التطور المرتبط مع الاحتياجات البيئية للمجتمع الخليجي، يمكن تقسيم العمارة الخليجية من حيث التكوين الزمني إلى: عمارة ماقبل البترول، وعمارة مابعد البترول.وتميزت العمارة الخليجية القديمة عن غيرها
في التنويع حيث تشاهد التشكيل سواء في البيوت العادية أو في القصور، وامتاز الفن المعماري بالاقواس والعقود والزخارف البارزة التي تعبر عن الاحساس بالنواحي الجمالية."الرياض" غادرت البناء الخليجي الحديث، وعادت إلى الوراء ، إلى قرنين من الزمان وأكثر لتنقل إلى قرائها الاعزاء صورة عن الماضي القديم والحياة المعمارية وطرق البناء سابقاً مع رصد للكثير من الآثار القديمة التي لاتزال شامخة إلى الآن..هندسة فريدةظهر البترول في منطقة الخليج في اوائل الخمسينات، وكانت العمارة الخليجية القديمة تمثل نواحي فنية، وهي متميزة وذات طابع وشخصية تصور ذوق هذا المجتمع القديم كما عكست جانباً مهماً من حياة هذه الأمة، حيث احتوت على أنماط جميلة فيها هندسة فريدة وهي تعبر عن الحياة الاجتماعية من التقاليد والعادات في فترة زمنية بالاضافة إلى كونها وسائل لنقل البيئة من جميع نواحيها من عوامل جوية وغيرها.ولقد كان للعمارة الخليجية شخصية متميزة، حيث كانت ذات نمط واحد على امتداد الخليج وعلى ضفتيه، حيث تظهر تأثيرات الحضارة الأشورية في هندسة حواشي المباني وتحمل طابعاً إسلامياً في الأقواس والمدخل وفي الزخرفة الجصية الجدارية، اما الأبواب فجيمعها من خشب الساج ومعظمها مزخرف بزخارف نباتية وآيات قرآنية.الساحل الشرقيويعتبر الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية من ابرز المناطق العمرانية والتي زخرت بالعديد من الفنون المعمارية وخصوصاً ان ذلك اتى استناداً إلى كونها تجمعات سكانية قروية أو ما نستطيع ان نسميه (الواحات) وهي تجمعات سكانية قوامها الاقتصادي الزراعة معتمدة على مياه الآبار والعيون والافلاج والنظام القبائلي هو السائد في معاملاتها وتصرفاتها في مراكز عمرانية ريفية مستقرة ويتوقف تعداد السكان على الامكانات الزراعية المتواجدة وخاصة كميات المياه المتوفرة.بيوت الطين والأكواخقديماً يعتمد الهيكل التخطيطي لهذه التجمعات على الفصل التام بين أماكن السكن وأماكن الزراعة، ويتخذ السكان عادة من مادة الطين مادة أساسية في بناء مساكنهم وذلك للقادرين وهذا متوقف على الزراعة في المنطقة وكمية المياه المتواجدة وأهمية الأفراد ومستواهم المعيشي، اما السكان البسطاء فبيوتهم من أكواخ بسيطة من جذوع وأفرع النخيل مغطاة برقائق من القماش أو الصوف، اما المباني المميزة والهامة في الواحات فهي مشيدة من الحجر مثل القلاع والقصور والمساجد الجوامع.وغالباً ما تحدد المناطق الزراعية بأسوار من الطين للفصل بين الممتلكات، والمباني جميعها مصممة بها فتحات صغيرة علوية بالقرب من الأسقف للتهوية فقط، وتأتي التكوينات السكانية وحدات فردية في كثير من الاحيان.اختلاف طرق البناءتنوعت المساكن الخليجية خلال القرنين الماضيين وذلك حسب المستوى المعيشي والدخل بالنسبة للفرد فكان هناك: مساكن مبنية من الفروش (الحجر الجيري) وهي منازل كبيرة من دور أو دورين تحتوي على جميع مستلزمات المنزل من مرافق وحجرات في مدن السواحل. مساكن مبنية من الطين وهي من دور واحد بسيطة في القرى. العريش وهو مسكن مكون من غرفة واحدة وهي مبنية من السعف أو الجريد في مدن السواحل أو القرى، والعريش يتجلى فيه الابداع الشعبي وروح الجمال والبناء، وهو يعكس جانباً من البيئة الاجتماعية والتقاليد والعادات والسلوك الاجتماعي، الذي واكب الفترة الزمنية التي عايشها أهل الخليج قبل ظهور البترول. وتعتبر الفترة خلال القرنين الماضيين عصر ازدهار اقتصادي بالنسبة للخليج الذي ازدهرت فيه تجارة وصيد اللؤلؤ.المواد المستخدمةوقد تنوعت اشكال البناء ومواده في المسكن في الحضر والريف حيث استخدمت المواد البيئية المتواجدة مثل: الغروش وهو نوع من الحجر البحري يستخرج من قاع البحر، الليبزوع ويؤخذ من جذوع النخيل توضع بين الأعمدة وفي جدار المنزل في الاتجاه الافقي، الجص وهو من الخامات المحلية يستخدم كمونة في الربط بين الاحجار.كما استخدمت مواد اخرى كالبمبو لتقوية الأسقف والدنجل والسعف والجريد والحبال والطوب الطيني.التصميم والبناءولقد عبر المنزل الخليجي عن البيئة البحرية الطبيعية والاجتماعية للخليج فهو يحتوي على: الفناء المتسع والنوافذ الواسعة، كثرة الشرفات، الحجرات المتسعة، كثرة الوحدات الزخرفية داخل الحجرات، الاعتناء بالمظهر الخارجي للمنزل وخاصة باب المدخل الرئيسي، الاهتمام بالنوافذ والابواب الداخلية عن طريق الزخارف ومسطحاتها.النوافذومن الملامح الرئيسية للعمارة الخليجية في المساكن هي النوافذ، حيث أخذت أهمية في تشكيل الواجهات مع الاستخدام الامثل لها داخل الحجرات وكانت أنواع النوافذ: نوافذ ذات زجاج شفاف أبيض. نوافذ ذات الزخرفة الخشبية (المشربيات). نوافذ على شكل أقواس وذات زجاج ملون.وكان الطابع المميز في الابواب والنوافذ متأثراً بالفن الإسلامي حيث نشاهد الزخرفة الخشبية أو الزجاجية ذات أشكال بارزة وهي أكثر استخداماً، كما ان هناك الكتابات على الابواب بخطوط جمالية، والزخرفة الجصية والنقش البارز بشكل قوالب يعتبر ضمن التراث الشعبي المتوارث.الكشتيلوكان المنزل الخليجي يتميز بوجود (الكشتيل) وهو وسيلة لجلب الهواء، وذلك لتهوية الغرفة، يُفتح من الداخل حسب الجهات الاربع وله أحياناً من الداخل نوافذ توجه الهواء حسب ما يريده الشخص، يلتقط نسمات الهواء من كل اتجاه، ويبنى (الكشتيل) على شكل طولي بشكل برج مغطى يمر الهواء عبره، سرعته تزداد بشكل كبير ويتجه (الكشتيل) بشكل عمودي نحو الغرفة السفلى وتكون نهايته على ارتفاع مترين تقريباً من الأرضية، وبالرغم من ان التيار محصور على المنطقة الواقعة أسفل (الكشتيل) إلا انه يخلق في العادة تيارات هوائية في الغرفة، وتوضع الارائك تحت (الكشتيل) حيث يجلس أهل المنزل وقت تناول الطعام والنقاش أو اثناء النوم ليلاً.ولقد اعطى (الكشتيل) طابعاً فريداً للوحدات السكنية وميزته عن بقية العمارة في المنطقة العربية حيث كان لتصميم (الكشتيل) الشخصية الذاتية والمنبثقة عن البيئة الطبيعية البحرية للخليج العربي حيث جاءت فكرة (الكشتيل) عن طريق فكرة شراع المركب وعلاقته باتجاه الهواء.الزخرفة في البناءأما بالنسبة لاستخدام الزخرفة في البناء الخليجي أو العمارة الخليجية، فانه كان لها طابع تجريدي في كثير من الاعمال كالحفر على الخشب أو الجص وفي تشكيل تلك الزخارف نلاحظ الدقة والمهارة في الهندسة ذات التقاسيم المضلعة سواء في الاسقف أو النوافذ وقد طعّم المزخرف الخليجي زخارفه بالزجاج والمعادن فطوّع مادة الخشب بتشكيلات ذات وحدات متناظرة تنسجم مع هذه الخامات. والخليج بطبيعته الجمالية ونخيله وبحره كان مصدر ايحاء لا ينضب للفنان المزخرف والطبيعة الخليجية هي الأساس الذي يستمد منه الفنان تعابيره الزخرفية التي تستوحى من النباتات والنخيل وظواهر الطبيعة وقد صاغها الفنان المسلم ضمن تعاليم الدين الإسلامي.المواد الطبيعيةولقد تميزت المنطقة الخليجية بانها قد استخدمت المواد الطبيعية في التشييد والبناء حيث استخدم الحجر أو الحصى في المناطق المتوفر فيها الاحجار، اما المناطق الزراعية فاستخدم فيها الطمي أو الطين في البناء، اما مناطق السواحل فاستخدمت فيها مواد خفيفة مثل الاخشاب والبوص والحصر والاشجار سواء الحوائط أو الاسقف وعن طريق استخدام المواد الطبيعية أمكن التغلب على الظروف المناخية الصعبة والحماية من اضرارها، فالمواد الطبيعية فيها صفة الامتصاص حيث تختزن فيها المياه المكثفة من الرطوبة، فتعمل على تقليل درجات الحرارة المرتفعة وتعمل على حفظ درجات الحرارة المنخفضة داخل الحجرات المظللة مع تقليل درجات الحرارة بالممرات العامة بين الوحدات السكنية.(الرياض السعودية)
&