الحلقة الثانية

متى ينتهي إرهاب المنتجعات السياحية ؟ سؤال نحاول الإجابة عليه في حلقات وفي الحلقة الأولى يمكن تلخيص ماجاء فيها : تصريحات الخبراء والناطقين الرسميين لاتخلو من إتهام القاعدة بعد كل عملية إرهابية، لماذا إستهداف المنتجعات السياحية، الآثار السلبية للعمليات الإرهابية على الإقتصاد المحلي والدولي، عوامل الإرتباط بين الجماعات الإسلامية والعمليات الإرهابية، أثر السيرة الذاتية للإرهابيين على العمليات الإرهابية، قصور آداء بعض علماء المسلمين في معالجة الظاهرة، خطأ إتهام الجهات الأجنبية فور وقوع الحدث، إطلاق يد الإستخبارات للبحث والتحري، أجهزة الإستخبارات العالمية تتهم المتطرفين الإسلاميين، الإجراءات والقوانين الجديدة بعد كل عملية إرهابية.

أما في هذه الحلقة سنقوم بالتعرف على المزيد من المعلومات علنا نجد إجابة لسؤال متى ينتهي إرهاب المنتجعات ؟

في شهر سبتمبر الماضي كان هناك إجتماع الأمم المتحدة وكان على جدول الأعمال تعريف الإرهاب وكيفية محاربته إلا أن نتائج هذه الإجتماعات لم تسفر عن تعريف للإرهاب يتفق عليه الجميع لتداخل الإرهاب بأعمال المقاومة المشروعة من أجل التحرر ودحر الإحتلال وجلاء الإستعمار وأعمال الإغاثة لمساعدة ضحايا الحروب، ولكن لازالت هناك بعض الجهات تقوم بتعريف العمل الإرهابي " أنه عمل يسبب ضررا بالغا للناس أو الممتلكات أو تعريض حياة الناس للخطر أو المخاطرة بالصحة العامة أو السلامة العامة أو إفساد الأنظمة الإلكترونية عندما يكون هذا العمل بغرض الدفاع عن قضية سياسية أو دينية أو عقائدية معينة".

أما الدفاع عن قضية معينة أو الاحتجاج أو الانشقاق أو الإجراءات التي ليس الغرض منها التسبب بأي أذى أو مخاطرة فلا يشملها هذا التعريف بعدما عارضت جماعات حقوق الإنسان شمولية التعريف الذي قد يجعل صفة الإرهاب تشمل هيئات الإغاثة والنشطاء في حقوق الإنسان.

ومن تجربة تفجيرات منتجعات بالي الأولى في عام 2002م، إتضح أنها أثرت على الإقتصاد الإندونيسي والعملة والبورصة الذي إنخفض مؤشرها بمقدار 20%، كما أن السياحة تأثرت وهي مصدر مهم من مصادر العملة الأجنبية في البلاد، وربط بعض المحللين هذه الإنفجارات الأخيرة التي حدثت في عام 2005م، بأنها تأتي في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي عمت مدن كثيرة بالبلاد بسبب رفع أسعار الوقود.

ويعتقد بعض السياسيين من خلال تصريحاتهم أن هذه التفجيرات تهدف الى السيطرة على أنظمة الحكم في كل من أندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وجنوب الفلبين بمساعدة تنظيم القاعدة وتنظيمات الجماعات الإسلامية المحلية لتكوين دولة الخلافة الإسلامية العظمى في دول جنوب شرق أسيا لتصبح دولة إسلامية عظمى على أن تضم شمال أستراليا إليها في وقت لاحق.

وعلى مايبدوا لتضييق الخناق على منظمة الجماعة الإسلامية الإندونيسية بدأت التصريحات عن تقارير سرية للمخابرات الفلبينية تتهم هذه المنظمة بأنها كانت وراء مخطط الدولة الإسلامية العظمى وحسب قول رئيس جهاز الأمن الفلبيني رويلو غوليز الذي قال " إن الدولة الإسلامية العظمى حسب المخطط تضم ماليزيا وإندونيسيا والفلبين إضافة إلى منطقة شمال أستراليا".

ولهذا بدأت الولايات المتحدة بالسعي لتصنيف هذه الجماعة الإسلامية على أنها منظمة إرهابية أجنبية الأمر الذي أدى إلى إعتقال العشرات من أعضاء الجماعة الإسلامية في ماليزيا وسنغافورة والفلبين خلال الأشهر الأخيرة على خلفية التآمر ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.

وقد نفى أبو بكر بشير الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية في سنغافورة، والتي تعمل في ماليزيا وسنغافورة، تورط جماعته في أي هجوم، وألقى باللوم على "جهات خارجية"، بما فيها الولايات المتحدة، التي تسلمت الفاروق الكويتي الجنسية من إندونيسيا بعد إعتقاله.

ومن الآثار السلبية التي حدثت نتيجة لتفجيرات بالي الأولى والثانية هو تعرض المساجد والمدارس الإسلامية والمسلمين في أستراليا الى إعتداءات وإهانات منها البصق وتمزيق حجاب النساء والتي وصفها أحد المسؤولين الأستراليين بأن هذه الأعمال لايمت مطلقاً الى الطبيعة الأسترالية.

يقول المثل إن المصائب تجمعن المصابينا ولهذا بدأت بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) قمة في منتجع بالي الإندونيسي لتركز على مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الإقتصادي جاء هذا الإجتماع في عام 2003م، بعد عام من تفجيرات منتجع بالي عام 2002م، وتشكل قضية الإرهاب محور المناقشات في القمة وكان وزراء خارجية الرابطة قد وقعوا مع وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في بروناي عام 2002م ميثاقا لمكافحة الإرهاب، يهدف إلى الحيلولة دون تحول المنطقة إلى "معاقل للإرهابيين من خلال تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية ومنع تمويلها".

وعودة الى تفجيرات بالي فقد ركزت الشرطة الإندونيسية في تحقيقاتها بتفجيرات جزيرة بالي الأخيرة وربطها بالأحداث السابقة عام 2002م لتحديد هوية منفذيها والعقول المدبرة لها، وسط إعتقاد واسع بإرتباطهم بالجماعة الإسلامية التي تنحى باللائمة عليها في الهجمات التي وقعت بملهي ليلي في الجزيرة عام 2002م وأدت لمقتل نحو 202 شخص، حيث قال مسؤول أمني كبير بمكافحة الإرهاب إن مؤشرات التحقيق تدل على أن الجماعة التي نفذت تفجيرات عام 2002م، هي ذاتها التي تقف وراء تفجيرات عام 2005م التي استهدفت ثلاثة مطاعم.

وبعد العودة الى ملفات المتهمين في جزيرة بالي الإندونيسية عام 2002م نجد أن أحدهم ويدعى علي عمران والملقب بمخلص وهو داعية اسلامي قال أمام المحكمة أنا إرهابي صغير، بينما لا يزال هناك الكثير من الحيتان الضخمة أمثال أرييل شارون وتوني بلير وجورج بوش ونائبه ديك تشيني، فإذا سمح لهؤلاء الارهابيين بالمضي قدما في طريقهم فسيسقطون قنابلهم النووية في الحرب القادمة.

هذه الحيتان الكبيرة الضالعة في الارهاب هي الوحيدة التي تقود جرائم غير معقولة ضد الانسانية، ويستخدمون الارهاب في ميادين مختلفة بما فيها الدين والاقتصاد والسياسة والعسكر، وهم اللذين جعلوا المسلمين يتوقفون عن التوجه الى المساجد والمسيحيين عن الذهاب الى الكنائس والهندوس عن التوجه الى المعابد وتفضيل بدلا من ذلك الذهاب الى اماكن لاشباع الرغبات.

ومن يدقق في كلام المتهم أعلاه لايتنافى مع طبيعة البشر المحبة للإنتقام لبني جلدتهم أو بني جنسهم أو بني عقيدتهم فما قامت حرب أفغانستان والعراق إلا إنتقاماً لأرواح الأبرياء في هجمات 11 سبتمبر 2001م ولكن البعض يغض النظر عن أسباب هجمات الحادي عشر من سبتمبر ولكن دعونا نذّكر بأحداث أفغانستان والعراق فهل يشك عاقل بأن مايحدث في العراق سيكون له آثاره السلبية المدمرة على الدول التي شنت هذه الحرب وأوغلت في قتل المدنيين فلماذا لاتكون أحداث لندن هي إنتقاماً لمايجري في العراق أو أفغانستان ولماذا لاتكون هي ردود فعل لسياسات خاطئة ضد الشعوب الفقيرة والمستضعفة، ولماذا لاتكون إنفجارات بالي هي إنتقاماً من رعايا أستراليا مثلاً لما فعلته في إنضمامها لقوات التحالف وإنتقاماً أيضاً لما حصل ويحصل للمسلمين في كل مكان.

إن التنظيمات الإسلامية تطورت أيضاً مع التطورات الجارية في كل مكان فجعلت نفسها هدفاً أكثر صعوبة لأجهزة المخابرات التي تلاحقها فكما الحرباء تستطيع أن تغير لون بشرتها عند إستشعارها الخطر فكذلك كل من يستشعر خطر قادم وفي نفس الوقت لابد أن تخطط لصد هجمات محتملة أو لتنفيذ هجمات لتحقيق أهدافها وخصوصاً أن تجد لنفسها مايبرر الهجمات على الملاهي الليلية كمراكز لاتقبل بها الأخلاق السليمة سواء في الشرق أو في الغرب.

ولاسيما أن شن الهجمات على المنشآت العسكرية أصبح أكثر صعوبة بعد النجاح الذي تحقق على هذا الصعيد ولهذا بدأت تختار هذه الجماعات الأهداف "السهلة" ضد المدنيين من رعايا الدول الغربية في منطقة آسيا وكانت الوسيلة التي استخدمها المتشددون الاسلاميون في الغالب هي الهجمات الانتحارية وهي سلاح يثير القلق في آسيا على نحو خاص حيث لم يكن مثل هذا الاسلوب معروفا فيها من قبل.

وإن كان هذا هو أسلوب الضعفاء إلا أن بعض الجهات تستغل هذا الأسلوب الرخيص بأسلوب أكثر رخصاً وسذاجة بأن تتعلق بالحرب على الإرهاب لتستغلها في القضاء على معارضيها لتشدد من قبضتها على السلطة، ولهذا ينبغي أن يترفع الطرفان المتنازعان ويحاولوا بحث الأسباب الحقيقية وحل المشكلات بصوت العقل لا التركيز على الحلول العسكرية فقد يكون للإرهاب أسباب سياسية وإجتماعية وأخلاقية ودينية فأبحثوا عن الحلول التي تتناسب وكل سبب فقد يكون مخرجاً للإجابة على سؤال متى ينتهي إرهاب المنتجعات ؟.

مصطفى الغريب – شيكاغو

الحلقة الاولى