كنت اتطلع للبحر في شغف وهم عندما وصلني اتصال من صديق لي وهو من ابرز الصحافيين السعوديين في ايلاف يخبرني فيه بالنبأ الجلل.. رحل مصطفى العقاد.. ولم اصدق ووجدت نفسي أهتف به.. وماذا عن فيلم صلاح الدين.. يا الهي..
حقاً لم اعي وقتها ان مصاب فقد الرجل اكبر من ذلك الفيلم.. ولكنه العقاد من فعل بي ذلك.. عندما تجرأ واخرج التاريخ العربي والاسلامي على الرغم من تعنت المتطرفين من امثال قتلته ليقول في نهاية تصوير فيلم الرسال ( احسست بأنه من واجبي كمسلم ان اقدم الصورة الحقيقية عن الاسلام والتي يجهلها الكثيرون في الغرب.. لذلك قدمت هذا العمل بحرص شديد دون التطرق الى شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم او الشيخان ابو بكر وعمر لصنع الفكره الحقيقة التي يجب ان تصل الى العالم عن ديننا العظيم الذي حول العرب من امم همجية متناحره الى حضارة من اعظم حضارات الدنيا )
كانت تلك هي كلماته التي طالعته وسمعتها من شفتيه في ذلك التسجيل الذي جاء بعد فيلم الرسالة وهو يضع غليونه الشهير.. رحمه الله..
رحيل العقاد هو ضربة قاصمة للسينما العربية او لنقل السينما العالمية التي صفت في صالح العرب وانصفتهم مؤخراً فهو قد عرف عنه انه متيم جدا بالتاريخ الاسلامي والعربي وهذا ما رأيناه جميعا في فيلمه الشهير ( شيخ المجاهدين عمر المختار ) الذي قدم لنا نقلة نوعية عن كفاح الاحرار للذود عن وطنهم في ليبا كما يفعل الاحرار في أي وطن يقع تحت نير الاحتلال.

رحيل العقاد من وجهة نظري هو كارثة فنية لحقت بالعرب كافة الذي يقون حتى تحت وطأة سيوف السفاهة والتخلف السينمائي للأفلام التي لاتقدم شيئا ولا تشرف مثل افلام المخرج يوسف شاهين.. او مهزلة تشوه تاريخنا وحضارتنا واجيالا من شبابنا مثل افلام هنيدي وعادل امام وكل هذا الزخم من التفاهه التي تهدف للضحك دون اية قيمة اخلاقية او حضارية.

رحل العقاد وترك مكانه فارغاً فليس هناك من مخرج سيكتب عن العرب ويصور للعرب فكما قال رحمه الله ( المخرج العربي يعرف كل شيء ويتدخل فيما لا يعنيه وهذا قمة التخلف.. انا اريد ان اصور الفيلم مع اولي الاختصاص واقوم بالاشراف عليهم والعمل معهم في اطار الفريق لأصنع الفيلم بهم ويصنعونه بي )

ولكن جماعة الزرقاوي لم تترك له هذه الفرصة لينعم بأحلامه.. في انتاج فيلم عن صلاح الدين الايوبي من بطولة النجم العالمي ( شون كونري ) ولم يكتفي العرب وتجارهم اللاهثون وراء اموال افلام المقاولات والسخافات من الاحجام عن مساعدته في تمويل الفيلم.. لا بل.. تفرج الجميع على موته.. بل قتله غيلة كأنما يتفرجون على احد افلامهم الحقيره..

لقد رحل جيل من الفن كاملا.. جيل عربي.. لم يتسنى له التحليق عالياً ليقدم تحفاً فنية مثل صلاح الدين وخالد بن الوليد.. والفيلم الذي كان يحلم به دوما.. فيلم يسميه الاندلس..


اننا نكره الحب.. ونقتل فتياتنا بإسم الشرف الذي بعناه منذ 1948.. ونأد طموحاتنا وراء ضعفنا منذ سقوط العثمانيين.. والآن نقتل حضارتنا.. ونهدمها على رؤوس اطفالنا مثل المغول..

إنا لله وإنا اليه راجعون.. رحمك الله يا مصطفى العقاد...


عبيد خلف السبيعي