العراق مركز الثقل الاستراتيجي في حرب الإرهاب
غالبية الخبراء الاستراتيجيين الأمريكيين اعتبروا حرب الإرهاب في العراق، هي نقطة التغيير في مسار تلك الحرب و ان 11 سبتمبر كان الشرارة لهذه الحرب، وفي هذا السياق أكد الخبير الصيني في شؤون الشرق الأوسط (هوى)، (أن الولايات المتحدة تعتبر أن حرب الإرهاب في العراق مسألة ذات أهمية استراتيجية بالغة. ) و يضيف (هوى) (أن العراق قد اختير كأول هدف لاسباب ثلاثة
:. – أولا : انه بالرغم من أن العراق كان خاضعا لعقوبات الأمم المتحدة لمدة 12 عاما بعد حرب الخليج، الا انه لم يستسلم. وواصل تحدى تفوق الولايات المتحدة، الأمر الذي اعتبرته الأخيرة أمرا غير محتمل. –
ثانيا : تعتقد الولايات المتحدة أن العراق لديه على الاقل القدرة على تطوير أسلحة دمار شامل، حيث أن بإمكانه الاستفادة من موارده البترولية الغنية في هذا الغرض. وان وجود نظام مناهض للولايات المتحدة يملك اسلحة دمار شامل سوف يشكل تهديدا كبيرا على الولايات المتحدة. وفضلا عن ذلك فانه يمكن تقديم أسلحة الدمار الشامل للجماعات الإرهابية.
- ثالثا : أن العراق لديه موارد بترولية غنية. ويوجد حوالى 65 فى المائة من بترول العالم فى الشرق الأوسط، ويملك العراق ثانى اكبر موارد البترول فى العالم. ان البترول مادة استراتيجية، ويمكن القول بان الدولة التى تسيطر على البترول، تسيطر ايضا على الاقتصاد العالمى. ويتعين على الولايات المتحدة السيطرة على الموارد البترولية، لأنها ترغب في تحقيق سيادتها على العالم. المصدر: (لوكالة انباء شيخوا بكين 3 أبريل2003).
و الخلاصة،أن أهم الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في شروع حرب الإرهاب بالعراق بعد أحداث 11 سبتمبر هي كالتالي:-
1. العراق هو حجر الأساس في تغيير الخريطة السياسية للعالم و للقرن الحادي و العشرين، ويذكر في هذا السياق (دانا ميلبانك ومايك آلن) ( استخدام العراق «كحجرة زاوية» لاعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط وبالتالي خفض التهديدات الإرهابية للولايات المتحدة.)
2:. العراق هو جزء مهم في حفظ الأمن القومي الأمريكي الجديد، بعد أن تلازم الأمن الداخلي للولايات المتحدة مع المصالح الأمريكية في العالم. وكان بول وولفويتز، مساعد وزير الدفاع الأميركي قال في مقابلة مع شبكة «ان. بي. سي» التلفزيونية الأميركية
( أن معركة ضمان السلام في العراق هي الآن المعركة المركزية في الحرب العالمية ضد الإرهاب، وهذه التضحيات لن تجعل فقط الشرق الأوسط اكثر استقرارا، و إنما أيضا بلادنا اكثر أمنا)
3. واردات النفط هي سلاح استراتيجي بيد أنصار القاعدة والأنظمة القريبة من تفكيره، ويجب أن يكون هناك أشراف دولي لنظام العولمة حول كيفية الاستفادة من واردات النفط، فمبدأ السيطرة على منابع النفط ليس مهم عند مفكري نظام العولمة الجديدة، أنما المهم لديهم بعد احداث 11 سبتمبر هو أين تذهب تلك الموارد، هل تذهب في تشكيل مدارس دينية متطرفة و جمعيات خيرية تدعم الإرهاب، ام تذهب في صناعة اسلحة دمار شامل، تشكل خطر استراتيجي على نظام العولمة، ولهذا اصبح من الضروري لدى العقل الاستراتيجي الأمريكي، هو في كيفية المراقبة الدقيقة لمليارات الدولارات من واردات النفط و في اي موارد يستفاد منها.
4. توازن الرعب الاستراتيجي للعراق، يجب أن يدمر بكل إمكانياته من خبرات بشرية و تقنيات و أسلحة دمار شامل، ويجب ان لا تقع تلك الإمكانيات بيد الأصولية الإسلامية باي حال من الأحوال.
5. العراق منطلق للتغيير الفكري و السياسي و الثقافي بعد ان اصبح الفكر الإسلامي جزء من الإرهاب الدولي، فالنموذج السياسي الموعود،يأمل منه الباحث الاستراتيجي، يكون منطلقا للتغيير في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، قال نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني (ان العراق «سيصبح مثالا للشرق الاوسط بأكمله» وبالتالي «سيساهم مباشرة في أمن أمريكا وأصدقائنا».
6. العراق منطلق مهم لتجفيف منابع التطرف الإسلامي، المتمثل في القاعدة، وذلك باستدراج كوادره الى حرب الارهاب، و استخدام العراق ساحة قتل لكوادر القاعدة و العناصر الإسلامية المتطرفة في المنطقة والعالم، فتشير التقارير ان المخابرات الأمريكية ساهمت بشكل غير مباشر بتشجيع الخلايا النائمة للقاعدة و المنتشرة في اوربا وامريكا بالتوجه الى العراق،بعنوان (محاربة القوات الصليبية الكافرة)، هذا ما أكده عميل المخابرات الأمريكية في مقابلة له لقناة الفضائية العربية، حيث ذكر انه طلب منه انه يتوجه الى البوسنة، ويقوم بعملية حث كوادر القاعدة بالتوجه الى العراق.
الملف العراقي أصبح هاجسا رئيسيا في البيت الأبيض الأمريكي للاسباب الانفة الذكر ولهذا كل التسريبات الصحفية أشارت أن حرب الإرهاب في العراق، اصبحت وشيكة الوقوع، و أعدت جميع الأجواء النفسية لهذه الحرب(وتذكر صحيفة (نيويورك تايمز) (انها قد نشرت تسريبات عما يقال عنه خطة عسكرية أمريكية لغزو العراق تنطلق من دول مجاورة له ينفذها 250 الف مقاتل امريكي.هذه التسريبات انطلقت من تقرير ببضعة اسطر، لكنها باتت اليوم سيلاً جارفاً من الاوراق المطبوعة والمقابلات المرئية والمسموعة في ارجاء العالم كافة، تحلل وتنظر وترسم ملامح من نسيج الخيال لما يمكن ان يحدث في الشرق الاوسط. ولادامة زخم هذه الحملة الاعلامية، تتواصل عملية تغذية الاستعدادات القتالية للولايات المتحدة الامريكية، عبر صحف ووسائل اعلام محددة. ها هي صحيفة (لوس انجليس تايمز) علي موقعها في شبكة انترنت تذكر ان تقريرا سريا لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) طلب من الجيش الامريكي ان يكون علي استعداد للقيام بضربات وقائية في أي مكان في العالم وان يكون في وضع يسمح له القيام بعمليات قصف اكثر دقة. وأوضحت ان هذا التقرير السري الذي يغطي الفترة الممتدة من 2004 الي 2009 يطلب من الجيش التركيز علي مصاريفه في خمسة مجالات : مكافحة الارهاب بما في ذلك اسلحة الدمار الشامل والمخابرات والحرب الالكترونية وقدرات الضربات الجوية والانظمة العسكرية المنتشرة في الفضاء. ويحدد التقرير المنشور في صحيفة لوس انجليس تايمز ايضا اهدافا محددة مثل تطوير حتي 2012 سرب من 12 مقاتلة بدون طيار وتطوير حتي 2009 صاروخ متطور جدا بامكانه اجتياز مسافة 1300 كلم خلال 15 دقيقة وقادر علي ازالة قاذفات صواريخ متحركة قبل ان يتم تحريكها. ويشدد التقرير أيضا علي بعض القدرات مثل قصف محدد بكثافة قوية ويطلب تطوير قنابل قادرة علي إصابة أهداف مدفونة تحت الأرض مثل المجمعات المبنية حسب ما قالت الصحيفة. وأشارت إلي ان هذه الاسلحة ستتيح شن هجمات وقائية ضد بلدان مثل العراق).
المصدر: (جريدة (الزمان) العدد 1262 التاريخ 2002 - 7 – 17
بتلك التسريبات وغيرها أصبحت الأجواء مهيأة للشروع بحرب الإرهاب في العراق، وتيقن النظام العراقي السابق بحتمية حدوث الحرب، ولهذا سارعت الدوائر العسكرية والمخابراتية لنظام صدام لوضع خطط لمواجهة تلك الحرب التي من اهمها
1. تقسيم العراق الى خمس قيادات غير مركزية تكون كل منطقة لها قيادة،ولها مطلق الصلاحية في مواجهة تلك الحرب
2. استخدام ورقة الحرب الدينية لكسب التأييد العربي والإسلامي في تلك الحرب، فالمصطلحات الاعلامية التي كان بستخدمها (الصحاف) في تصريحاته و البيانات الرسمية للقيادة العسكرية كلها تصب بجعل تلك الحرب،حربا دينيا.
3. وضع قيادات بديلة في مناطق امنة خارج العراق تكون مؤهلة لقيادة المعركة في حالة سقوط الدولة
4. تهريبه لكميات ضخمة من أموال العراق الى الخارج للاستسفادة منها فيما بعد.
5. إطلاق المجرمين و العصابات من السجون العراقية وهذا يدل على استخدامهم في عمليات ا لفوضى بعد انهيار النظام.
6. فتح السفارات العراقية للمتطوعين العرب والاسلاميين و تشجيعهم بالتوجه للعراق، هذا إضافة بفتح المعسكرات في داخل العراق و تهيئتهم لتلك الحرب.
ملامح حرب الإرهاب أصبحت وشيكة الوقوع، والأطراف المتنازعة لتلك الحرب، استعدت لتدخل في ساحة النزال الأخير، وذلك بالملعب العراقي، والعالم بدأ يحبس أنفاسه، لرؤية ساعة الصفر، لتلك الحرب وما ستخلفه من متغيرات على منطقة الشرق الأوسط والعالم،أحداث وتفاصيل أول حرب كونية في القرن الحادي والعشرين سنتناول الحديث عنها في المرحلة اللاحقة.
صلاح التكمه جي
مركز دراسات جنوب العراق
[email protected]
[email protected]
التعليقات