لم تكن أحداث القائم أكثر من حلقة في سلسلة الحرب الطائفية المكشوفة ضد اهل السنة في العراق..والمتتبع بشكل جيد للأحداث يرى تماما بشاعة ما يمارس ضد السنة من العرب تحديدا..
هي ضريبة يدفعا اهل السنة العراقيون بسبب موقفين لا ثالث لهما الاول موقفهم المشرف من قضية المقاومة بل حملهم لعبء المقاومة في العراق والثاني موقفهم الرافض للمشاركة في الحياة السياسة تحت حراب الاحتلال.

ما يجري اليوم في مناطق السنة من تطهير طائفي مقيت ليس جديدا لكن الظروف والتسليط الاعلامي ساهما بعرض جزء مما يعانيه العراقيون السنة منذ اول يوم للاحتلال الامريكي للعراق من قتل وتعذيب ومجازر جماعية واستهداف للمساجد العلماء والأئمة واعتقال وعقوبات جماعية لمدن ومناطق باكملها.

واللافت في ماساة استهداف اهل السنة التي طفت الى السطح وفاحت رائحتها الطائفية النتنة هو ان سنة العراق يقفون وحدهم في مواجهة حرب تستهدف وجودهم.. فهم محاربون من قبل الشيعة ومن قبل الشرطة العراقية والاجهزة الامنية التي يشكل الشيعة اغلب منتسبيها اضافة لاستهدافهم من قبل الحكومة العراقية والاحتلال الامريكي.

قبل ايام فقط التقيت بمراسل صحفي لاحدى الفضائيات العربية في منطقة الرمادي وذكر لي هذا الزميل ما يشيب له الراس من ممارسات ضد اهل السنة في كافة المناطق حتى تلك ذات الاغلبية السنية فضلا عن مناطق الجنوب وتحديدا البصرة ذات الاغلبية الشيعية.

مساجدهم تداهم يوميا وشباب ورجال يتعرضون للاعتقال ثم الاغتيال ومضايقات للعوائل والنساء والاطفال ومطالبات بالرحيل او الترحيل !!

ثمة تواطيء قذر قي لعبة استهداف اهل السنة العراقيين حتى من قبل المراجع الشيعية الكبرى من امثال السيستاني.. فالسكوت عن الجريمة أقبح من المشاركة فيها وتنفيذها..
وثمة تزايد واضح في الحرب ضد السنة في العراق تحديدا منذ تولي الجعفري رئاسة الوزراء..كيف لا وهو احد ابرز قياديي حزب " الدعوة " الشيعي صاحب السجل المخزي على صعيد استهداف اهل السنة وقتلهم وتشريدهم في مناطق جنوب العراق واكثر الاحزاب او التيارات الشيعية تشددا وتطرفا.
القضية اذا تجاوزت مجرد ممارسات فردية هنا وهنا من قبل مثيري الفتنية الى حرب منظمة يشارك فيها اطراف عديدة داخلية وخارجية ممثلة بايران.
وليس ادل على تطور القضية وتضخمها وامتدادها بما تحمل من تبعات مستقبيلية الاوامر التي اصدرها وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي (سني) لقوات الجيش بوقف عمليات المداهمة للمساجد السنية منعا للاحتقان وخوفا من انفلات الامور رغم هدوء سني وضبط واضح للنفس حتى اللحظة.
كلام خطير ذلك الذي ورد على لسان عدنان الدليمي رئيس ديوان الوقف السني (المرجعية الدينية الاولى للعرب السنة في العراق)..فالرجل تحدث بمرارة وحرقة عن حرب طائفية منظمة ومحبوكة ومعد لها بشكل جيد..مما دفع الرجل الى مناشدة الامم المتحدة والجامعة العربية والدول الاسلامية التدخل لمراقبة ما يحدث في العراق.

والأخطر ما حذرنا منه سابقا في مقال سابق تناول ظاهرة اندماج الميليشيات الشيعية في صفوف الاجهزة الامنية العراقية لتتحول الى سيف مسلط على رقاب العراقيين السنة وهو ما حدث بالفعل....فالقوة العراقية الامنية الرئيسية المسؤولة عن مداهمة المساجد السنية او ملاحقة المقاومين في مناطق السنة او حتى تفتيش المنازل ومداهمتها هي "لواء الذئب" وهي (قوة امنية تشكلت مؤخرا لمكافحة الارهاب) تقوم منذ اشهر بتنفيذ حملة اعتقالات لمصلين وائمة مساجد ومواطنين عزل وجد معظهم بعد ساعات فقط مقيدي الايدي وجثثا هامدة لا حراك لها.

اما حصيلة من قتل او اغتيل او اعتقل من هيئة علماء السنة على سبيل المثال فقد تجاوز المئات بكثير..في حين ان مداهم المساجد السنية يوميا أصبحت سياسة ثابتة.

على صعيد رد الفعل الخارجي على ما يحدث في العراق..فمن الواضح تماما ان الولايات المتحدة تداركت الامر بسرعة وحاولت اخراج نفسها من هذا المازق بتصريحات وزيرة خارجيتها رايس عن اهمية دور السنة واهمية اشراكهم في الحكومة والحقيقة أن الولايات المتحدة بدفاعها عن أبناء السنة إنما تدافع عن مصالحها في العراق لأنها تعي أن هذه المصالح لن تتحقق إلا بوجود مكثف لأبناء السنة.

عربيا لم تبرز حتى اللحظة اية تحركات..باستثناء تحركات وضغوطات اردنية مرتقبة على الحكومة العراقية..بسبب ما يشكله موضوع استهداف اهل السنة من استحقاق داخلي في الاردن ممثلا بضغط مستمر من المعارضة ومحاولات احتجاج وتظاهرات قد تهيج الشارع الاردني الذي مر وقت طويل بالنسبة له دون ان يتفاعل مع الاحداث السياسية الجارية...ولا ننسى هنا ان الاردن رفعت من قبل لواء التحدث باسم سنة العراق وعبر الاردن رسميا وحتى على لسان العاهل الاردني الملك عبد الله عن قلقه على اوضاع اهل السنة في العراق في مقابل تحذيرات من خطر حومة عراقية " شيعية " ونشوء هلال شيعي في المنطقة.

" الدولة العراقية تمارس الإرهاب ضد السنة "...عبارة لاحد ابرز الوجوه السنية في العراق لخصت ما يجري تماما.. اذ اعتبر مثنى حارث الضاري الناطق باسم هيئة علماء المسلمين بالعراق ما تقوم به القوات والشرطة العراقيتان ضد السنة العرب بالعراق بأنه يندرج ضمن إرهاب الدولة.

الضاري قال إن الإعدام الجماعي وحملة المداهمات والاعتقالات بمدينة "الشعب" وحي "أور" شمال شرق العاصمة بغداد التي جرت خلال اليومين الماضيين على يد أفراد من القوات العراقية أو من "لواء الذئب" التابع لوزارة الداخلية والمختص بالقضاء على الإرهاب هو نمط من أنماط "إرهاب دولة".

وبحسب الضاري فقد تم اكتشاف اثنين من القتلى وهما في الرمق الأخير حيث أفادا بأن "لواء الذئب" التابع لوزارة الداخلية العراقية يقف وراء هذه الأعمال، ونقل البيان عن الضحيتين قولهما: "لقد قاموا باعتقالنا وإعدامنا وذلك بإطلاق رصاصة واحدة على رأس كل منا بعد تكميم أفواهنا وتقييد أيدينا".

اذا نحن نقف اليوم في العراق امام أمام إرهاب دولة وحكومة ذات اجندة طائفية وخارجية بالامس في الفلوجة والرمادي والمادائن واليوم في القائم.

الا ان خطورة استهداف اهل السنة او الاستمرار باستهدافهم لا تتمثل باحتمالية الرد بالمثل من قبل اهل السنة وبالتالي نشوء حرب اهلية طائفية وانما..باستغلال بعض اطراف المقاومة العراقية للوضع "تيار الزرقاوي" تحديدا.. واعتباره ضوءا اخضر للشروع في استهداف الشيعة.