إنّ الأحداث الدامية التي تعرض لها العراقيون ولازالوا يتعرضون لها من قبل الإرهابيين كما حدثت في النجف والتي راح ضحيتها السيد محمد باقر الحكيم وأشخاص كثيرون آخرون أبرياء والعمل الإرهابي الذي أودى بحياة العشرات أثناء أداء مراسيم أربعينية الحسين في كربلاء وأخيراً فقدان المئات من المواطنين لأرواحهم يوم الأربعاء المصادف للحادي والثلاثين من آب ( أغسطس) على جسر الأئمة، الذي يربط منطقة الأعظمية بالكاظمية، أثناء توجههم الى مرقد الإمام موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد لإداء مراسيم الزيارة لمناسبة وفاة الإمام الكاظم حيث تعرضت الحشود الغفيرة لههجمات إرهابية و تم تسميم أعداد أخرى منهم من قبل الإرهابيين.كما تقول الأخبار الواردة من هناك، تتطلب مراجعة جدية للخطط الأمنية من قبل الحكومة العراقية..

نحن لا نلوم الإرهابيين الذين يقومون بهذه الأعمال الجبانة من أيتام صدام حسين و إرهابيي القاعدة والسلفيين العراقيين و بدعم مادي و معنوي من مخابرات حكومات دول الجوار العراقي وحكومات بعض الدول العربية والإسلامية حيث أنّ البعثيين يدافعون عن عرشهم الضائع بكل ما أوتوا من قوة، مستخدمين كل الوسائل المتاحة أمامهم دون أي رادع أخلاقي أو ديني أو أدبي لقتل أكبر عدد ممكن من العراقيين و تخريب العراق و بنيته التحتية إنتقاماً من الشعب العراقي ودفاعاً عن الإمتيازات التي كانوا يتمتعون بها من سلطة وثروات وشهرة٬ في سعيهم الخائب لإجبار الولايات المتحدة لإفساح المجال أمامهم لإستعادة بعض من سلطاتهم أو إضطرار الأمريكيين على الإنسحاب من العراق و بذلك تتوفر لهم فرصة سانحة للعودة الى إستلام السلطة من جديد. أما إرهابيي القاعدة والسلفيين العراقيين فأنهم يحلمون بتأسيس نظام حكم في العراق على غرار الدولة الطالبانية التي كانت قائمة في أفغانستان والإنطلاق منه لبسط سيطرتهم على المنطقة عن طريق الإرهاب والبطش، بينما تهدف الحكومات المساندة للإرهاب الى إفشال مشروع الشرق الأوسط الكبيير الذي يسعى الأمريكيون لتحقيقه لنشر الديمقراطية و الحرية وإحترام حقوق الإنسان والمساواة بين المرأة و الرجل و رعاية الطفولة والأمومة و الشيخوخة وبذلك تستطيع الأنظمة الشمولية و الدكتاتورية و العنصرية و الطائفية في منطقة الشرق الأوسط من الإحتفاظ بحكمها والإستمرار في قهر شعوبها..

لذلك فأنّ من أولويات المسؤوليات الملقاة على عاتق الحكومة العراقية هي حماية الشعب من الإرهاب و المحافظة على ممتلكاته. أعتقد أنّ قلة خبرة الحكومة العراقية وتفشي الفساد الإداري والمالي والمحسوبية في صفوفها و إنعدام أو ضعف الإنسجام بين المسؤولين العراقيين هي من الأسباب الرئيسة في فشل الحكومة في بسط سيطرتها على الأوضاع الأمنية في العراق. بالنظر الى الظروف الأمنية الحرجة في العراق، أقترح تأجيل إداء الشعائر الدينية الى حين إستتاب الأمن حفاظاً على أرواح المواطنين الأعزاء و التحلي بالحكمة والروية و تحمل المسؤولية بكل أمانة بدلاً من التحدي المجازف الذي يؤدي الى مزيد من إراقة الدماء..

نقطة مهمة أخرى أحب الإشارة إليها وهي أنّ إحدى تكتيكات حزب البعث الفاشي هو إختراق الأحزاب و الحركات والمنظمات العراقية للقيام بنشاطاته وعملياته الإجرامية في مأمن عن أنظار قوى الأمن العراقية و بحرية واسعة. من ضمن هذه الحركات التي إستطاع أيتام صدام حسين الإحتماء بها هي جيش المهدي العائد للسيد مقتدى الصدر حيث أنّ كثيرين من أفراد الجيش المذكور هم من فدائيي صدام وجهاز مخابراته و أمنه والذين يقومون بأعمال إرهابية تحت غطاء الإنتساب الى هذا الجيش. إنّ هذا الإختراق له تأثير خطير على الوضع الأمني في العراق ومن أجل المحافظة على أرواح العراقيين يجب على الحكومة العراقية إجبار أفراد هذه الميليشيا بتسليم أسلحتهم خلال فترة زمنية معينة و التدقيق في هويات هؤلاء الأفراد لإحالة ألأشخاص الذين هم من أيتام صدام حسين والذين أياديهم ملطخة بدماء العراقيين الى العدالة.

إنّ الحكومة العراقية إرتكبت خطأً جسيماً حينما فسح المجال للبعثيين المتمثلين بما يُسمى بمجلس الحوار الوطني حيث أنّ هذا المجلس هو الجناح السياسي لحزب البعث المنحل٬ في الوقت الذي ينص مسودة الدستور العراقي الدائم على إجتثاث البعث. كما أنَ أيتام صدام المتمثل بمجلس الحوار الوطني و هيئة علماء المسلمين، إستطاعوا إستغلال هذه الفرصة لهم لتعريف أنفسهم بالشعب العراقي و يحاولون أن يكونوا جزء من العملية السياسية في العراق الجديد. أنا أعرف شخصياً الدكتور صالح المطلك الناطق الرسمي لمجلس الحوار الوطني حيث كان يشغل رئيس الإتحاد الوطني لطلبة العراق في كلية الزراعة في أبي غريب ببغداد في سنة ١٩٦٨عندما إنتسبت للكلية المذكورة. في أواسط السبعينات، بعد تخرجي، تم تعيني في مؤسسة البحث العلمي العراقي، أصبح الدكتور صالح المطلك أميناً عاماً لمؤسسة البحث العلمي العراقي بعد أن حصل على بعثة دراسية بعثية، حصل خلالها على شهادة الدكتوراه في بريطانيا في موضوع تلوث البيئة. خلال عمله في المؤسسة المذكورة كان يحارب الموظفين غير البعثيين و أنا كنت واحداً منهم وكان يتهمني بالشيوعية و يحذر البعثيين مني بالرغم من أنني لم أكن شيوعياً. أذكر هذه المعلومات لأبين الحرية التي يتمتع بها البعثيون في العراق الجديد بينما كانت الحرية أيام حكم البعث البائد لأزلام صدام فقط. هنا أقترح على الحكومة العراقية بسن قانون لمحاسبة الذين يدعون الى الإرهاب أو يشجعونه كما فعلت الحكومة البريطانية و بذلك تضع حداً للدعوات الشوفينية و الطائفية و الدعوة الى العنف و الإرهاب التي تقوم بها هيئة علماء المسلمين الصدامية و مجلس الحوار الوطني كوسيلة من وسائل مكافحة الإرهاب و لحماية العراقيين من الإرهابيين. كما يجب الإسراع في محاكمة أركان الحكم البائد والإرهابيين لينالوا جزاءهم العادل والتي تؤدي الى رفع معنويات الشعب العراقي و إنهيار معنويات الصداميين والإرهابيين الآخرين.