کثيرة هي المسرحيات الرديئة ذات الطابع التجاري الهابط في مسارح بلدان المنطقة، إلا أن تلک المسرحية التي قدمها مجلس الشعب السوري بخصوص الموقف من تصريحات السيد عبدالحليم خدام، قد تکونquot;الاهبطquot; بکل جدارة! الموقف الذليل لذلک المجلس الذيلي المغلوب على أمره و قراراته، والذي حاولت دمشق من خلاله شرح موقفها من الامر، قد بين مرة أخرى و بوضوح بؤس و إنحطاط القرار الرسمي لبعض من أنظمة الحکم السياسية في المنطقة وعدم أهميته و إنعدام المصداقية فيه من ألفه الى يائه! إن أولئک الذين کانوا ينادون بفتح ملف السيد خدام و ضرورة معاقبته بتهمة الخيانة العظمى، لا يختلفون بشئ عن بطانات التملق و الرياء التي کانت تحفل بها أنظمة الحکم المتخلفة في أردأ المراحل التأريخية قتامة. هذا الخطاب المتخلف و القاصر لهذا الحکم الاستبدادي العجوز الذي يحاول التصابي عبثا، يؤکد حقيقة إفلاس الموقف السياسي الرسمي للحکم السوري، وهو يذکرنا بتلک المسرحيات التي کان المجلسquot;اللاوطنيquot;للبعث العراقي المنحل يقدمه بخصوص بعض المسائل الحساسة و التي کانت برمتها مجرد نصوص مکتوبة سلفا و يقوم بتجسيدها تمثيلا ممثلونquot;خشبيونquot;! إن مسألة تغير ماهية و جوهر إنسان بسبب من تغيير في آرائه و مواقفه السياسية، هو ديدن النظم الدکتاتورية الشمولية، وکما کان الامر مع ليون تروتسکي مع النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي المنهار، ومثلما کان الامر مع علي سالم البيض و الرئيس علي صالح عبدالله، و کل من حسين کامل حسن و صدام کامل حسن و الحکم البعثي، فإن الامر ذاته يعادquot;سکوب بالالوان الطبيعيةquot;من على شاشة التلفزيون المتهرئ للحکم السوري. لقد رأى العديدون من قادة و أصحاب القرار في المنطقة و العالم، إنه کان الاولى بالحکم السوري أن يتعظ من مسألة إغتيال السيد الحريري وأن يبادر بتصحيح مواقفه من الاساس کي يمکن إنقاذ ما يمکن إنقاذه في ظل تلک العاصفة السوداء المخيمة على سماء دمشق، غير أن الذي فات أولئک السادة، هو أنquot;الحافي ليس بإمکانه أن يمنح لغيره حذاءاquot;کما هو شائع في المثل العراقي الدارج، والحکم السوري الذي کان سبب إستمراره في الحکم أساسا يعود الى خلفيات القمع و الارهاب و إراقة الدماء و زج الناس بمختلف الاسباب في غياهب السجون، ليس بإمکانه أبدا أن يغير ذلک الاسلوب، إذ أن تغييره يعني ببساطة تغيير النظام نفسه! إن إهتزاز کيان و بنية نظام سياسي بسبب من تصريحات أحد قادته السابقين، يدل بجلاء هشاشة و خواء ذلک النظام وهو في واقع أمره مثلquot;الخشب المسندةquot;. لکن الانکى و الادهى في القضية، هو ماجاء في الانباء من عزم لجنة التحقيق الدولية على مقابلة کل من السيدين بشار الاسد و فاروق الشرع، وکلمة quot;مقابلةquot; هي الکلمة المؤدبة التي أخذت مکان کلمةquot;إستدعاءquot;، إذ أن واقع الحال هو إستدعاء رئيس الجمهورية و وزير خارجيته للتحقيق في تلک الاتهاماتquot;البينةquot; وإماطة اللثام عن آخر فصل مثير للتحقيق الدولي مع الحکم السوري بخصوص إغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق. لقد حاولت دمشق أن تضحک على ذقن ديتليف ميليس و أن تجعله أراجوزا من خلال تلک المسرحيات المفتعلة و المفبرکة في دهاليز المخابرات السوية العامة، وقد تصور الحکم السوري أن إبتعاد السيد ديتليف ميليس عن رئاسة لجنة التحقيق سوف تعني نهاية طروحاتهquot;الذکيةquot;، لکن الذي بادر به السيد عبدالحليم خدام، قد أکد بشکل بين صدق کل طروحات السيد ميليس، وإن دمشق التي ضحکت على ميليس قليلا، سوف تجد الاخير و العالم معه يضحکون على بؤس الموقف الرسمي السوري طويلا!

نزار جاف
[email protected]