أعرف أنني قد أصدم الكثيرين بهذا العنوان القديم والذي يستحق التكرار.. ولكنني صدمت نفسي أولا عندما سألتها هل من الممكن أن يختلط الكره و الحقد بالإعجاب؟ ووجدت الأجابة بنعم.. فأنا أكره شارون و أحقد عليه و كنت أتمني أن يكون زواله من علي هذه الأرض علي يد واحد منا أثناء حرب 73.. وليس علي فراشه بسبب سرطان البروستاتا او بسبب نزيف في المخ.. ولكنني في نفس الوقت لابد أن أعترف أنني معجب به.. لماذا؟

لأنه قائد قادر علي الفعل و المبادرة لصالح شعبه.. بينما قادتنا مجرد مفعول بهم.. أليست هذه هي الحقيقة المرة.. ويحق للصهاينة أن يعتبروه بطلا وينتخبوه رئيسا لهم ليذيقنا سوء العذاب و لو كنت يهوديا لاعتبرته أنا الآخر بطلا.

أليس شارون هو من حمل رأسه علي يديه و جازف بها بفتح ثغرة بين الجيش الثاني و الثالث و عبر القناة بينهما هو و دباباته مغيرا مسار الحرب وواضعا السادات و قادته في موقف صعب و لا أدري أين كانت طائراتنا و قائدها الهمام.. قد يقول قائل من أصحاب عقلية المؤامرة أن أمريكا هي من ساعدته.. ولو فرغم ذلك لا نستطيع أن ننكر أنه كان قادرا علي التخطيط و المبادرة و مجازفا بحياته.. بينما السادات لم يكن قادرا علي المجازفة بتصفية الثغرة و معها شارون لا أدري خوفا من أمريكا أو علي نفسه أم علي جنوده.. وقرر وقف أطلاق النار فنجح شارون.

ألم يكن شارون هو قائد اجتياح لبنان مما أدي إلي أخراج منظمة التحرير و معها ياسر عرفات من لبنان علي حدود فلسطين و أبعادهم إلي تونس علي بعد آلاف الأميال مما اضطر عرفات في النهاية الي مفاوضات أوسلو والاعتراف بإسرائيل.

أليس شارون هو وأعتقد بغباء سياسي هذه المرة من دنس المسجد الأقصى فدفع الفلسطينيين الي الانتفاضة فنسف المفاوضات ومعها فرصة قيام دولة فلسطينية كانت في الأفق وكان هذا ما يخطط له ونجح في ذلك.

أليس شارون رئيسا منتخبا لأسرائيل بينما كل حكامنا هم في الحكم رغما عن أرادتنا.. هو يحاول أرضاء شعبه بقتل أكبر عدد من المقاومين الفلسطينيين.. بينما حكامنا يحاولون أرضاء أمريكا بقتل و قمع أكبر عدد من شعوبهم.

أليس شارون هو من ينجح في أحراج حكامنا و تصغيرهم أمام شعوبهم و بمهارة فائقة عندما اغتال الشيخ ياسين بعد ساعات من زيارة الملك عبد الله له.. ثم أحرج الرئيس مبارك بإقناع بوش بخطته في فك الارتباط من جانب واحد والاعتراف بالاستيطان في الضفة و عدم عودة اللاجئين... بعد 48 ساعة من لقاء مبارك و بوش وأنا متأكد أن الرئيس و مستشاروه لم يدر في خلدهم أنه قادرا علي ذلك ثم أكمل الضربة القاضية باغتيال الدكتور الرنتيسي بعد عودته من أمريكا و كأنه يقدم هدية لشعبه.. لابد أن نعترف أنهم في اسرائيل يفرحون بقتل قادة المقاومة مثلما ينشرح صدرنا بقتل أي صهيوني حتي لو كان طفلا.

هو ينجح في قتل قادتنا بينما نقتل نحن من ليس لهم قيمة.. هو ينجح في التخطيط والتنفيذ بينما نتخبط نحن بدون رؤيا و اضحة لما نريد.. هو يجمع الشعب الإسرائيلي وراءه بينما نحن تفرقنا الانقسامات علي مستوي الشعب الفلسطيني و علي مستوي الشعوب العربية و الحكام العرب.

أليس شارون و رغم كل خدماته لشعب اسرائيل ليس فوق القانون.. ويمتلك شرعيته في الحكم من شعبه الذي سيطيح به في أول أخفاق أو عندما ينتهي دوره بينما نحن نعطي حكامنا الفرصة تلو الفرصة رغم كل مسلسل الفشل منذ عشرات السنين...

عندما أصيب شارون بالجلطة الدماغية منذ ثلاثة اسابيع.. لم يتم نقله علي وجه السرعة كما حدث مع بوتفليقة مثلا الي دولة أجنبية ولكن ذهب الي مستشفي اسرائيلي ليخضع لفحوص وعلاج أطباء اسرائيل.. وعندما اصيب بنزيف بالمخ هذه المرة لم يتم نقله الي الخارج ايضا.. رغم صعوبة حالته لأنه قائد يثق في شعبه وأطباءه ولهذا يبادله الشعب هناك الثقة..

رغم كل ما فعله شارون لاسرائيل.. فالدنيا هناك لا تتوقف عليه وسيتم انتقال السلطة بسلاسة.. لأن اسرائيل في النهاية هي دولة مؤسسات وقانون.. والشعب فيها هو الفاعل الرئيسي وليس مفعول به مثل شعوبنا.. الحاكم هناك هو خادم لشعبه وليس العكس مثلما هو الحال عندنا..

نعم يا سادة أنني كنت أتمني لو كان شارون عربيا أو يرزقنا الله بشارون عربي يقودنا إلي الانتصار ويرفع رأسنا مثلما كان يقود شارون شعبه إلي الانتصار تلو الانتصار علينا.

ولو أنني أعتقد أن الشعوب هي من تفرز حكامها.. ولهذا يجد الشعب الأسرائيلي قادة مثل شارون و بيريز لأنه قادر علي اختيار من يريد.. شعب يتمتع بالديمقراطية و يمارسها بينما نحن شعوب تدمن ثقافة الديكتاتورية.

نعم أني أحقد علي شارون و اسرائيل الي درجة الأعجاب و رغم ذلك أدعو الله فهو القادر علي كل شيء أن يرينا فيه وفي اسرائيل يوما رغم عجزنا و ألا يأخذنا بجريرة حكامنا و تخاذلنا كشعوب.

عمرو اسماعيل