تتوالى الكتابات في الصحف والمواقع الإلكترونية وفي إيلاف بالذات بصدد فوز الأكثرية بالإنتخابات وهو حق ديمقراطي حرمت منه الأكثرية الشيعية ليس منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بل قبل ذلك بقرون.
ولم ينبر أحد طوال أقسى فترة من اضطهاد أكثرية العراق وهي فترة حكم الدكتاتور الأرعن، لم ينبر لا من الأقلية العراقية ولا من الأكثرية العرب في البلاد الناطقة بالعربية من التحدث عن الطائفية وحكم الطائفية والعجم حتى لا يذكر بهم أحد ولا يذكرهم أحد فبقوا مهمشين ومهجرين ومضطهدين وتحولوا إلى محرقة للحروب يقودها صدام وعليان ومن لف لفهم فيجعلون من الشباب وقودا في حروبهم ضد الدول التي لا يريدون لفكرها أن يعبر عن نفسه.
اليوم وبعد أن سقط الدكتاتور عبر نضال ليس سهلا قدم فيه العراقيون الشهداء والأبرياء في المسيرة وبعد أن تم الاحتكام لصناديق الانتخاب تعالت الأصوات مطالبة بخروجهم من العاصمة حتى وهم الأكثرية في العاصمة نفسها ونتائج الانتخابات أثبتت ذلك.
اليوم مطلوب من المنتصرين.. من الفائزين أن لا يضيعوا الفرصة التأريخية وأن لا تجرهم الأقلية وبالذات أتباع الدكتاتور إلى مواقف يخسرون فيه مواقعهم وثقة الناس بهم. مطلوب منهم أن يعلنوا برنامجهم السياسي والوطني والثقافي. ويشجبوا كل سلوك متخلف ضد العراق ربما تقوم به فئة بإسمهم وهنا تكمن المشكلة وتؤشر الكارثة نحو مواقع الخراب.
مطلوب شجب لكل التصفيات التي تطول الأكاديميين وتمنع المسرحيين من التعبير عن واقعهم وتمنع الحلاقين من المساهمة في جمال خلق الله من النساء والرجال. مطلوب برنامج ثقافي ووطني وسياسي واضح، وأن لا ينشغلوا اليوم بما يبعدهم عن قراءة الواقع والتأريخ قراءة واعية مستفيضة لا أن ينشغلوا بالصلاة على محمد وآل محمد في البرلمان وينسون صياغة القوانين العادلة للمجتمع.. الصلاة على محمد وآل محمد تعبير مقدس ولكن له مكانه ومكانته وليس شعارا تجاريا للسوق السياسية.
إن الفئات الخاسرة وبالذات منها التي ساندت الطاغية وتروج له اليوم وهو ميت ومدعاة للضحك، هذه الفئات التي تلعب بالنار وتلعب بمصير الوطن تستفز الفائزين بأشكال مختلفة ومنها التصفيات الجسدية لصفوة المجتمع.
كما مطلوب من المنتصرين أن لا يعيدوا تمثيل الدور الذي لعبه الطاغية وحاشيته وعائلته وأولاده بالسيطرة على وسائل الإعلام والسيطرة على الثروة وعلى المقاولات والشركات والعقود التجارية فيساهم المنتصرون في تحويل الضحية إلى جلاد جديد ويعطوا الفرصة لوسائل الإعلام الانتهازية باستثمار هذا الواقع لتوجيه الضربات الباردة وهي الأخطر في الحياة من الضربات الحارة. هذه الضربات الباردة هي من ضربات وسائل الإعلام وقدرتها على التأثير.. حتى لا تعطوا الفرصة لمثل هذه الضربات الباردة من الإعلام والضربات الحارة من الأعداء والمتصيدين في الماء العكر، مطلوب من الذين انتصروا في الانتخابات أن يشجبوا الخلل ويعلنوا برنامجهم السياسي.
في هذا الصدد أعود لما قرأته في البرنامج الذي قدمه الدكتور ليث كبه وقائمته (قائمة السلام) التي وضعت برنامجا لعراق حديث.. هذا البرنامج ينبغي إتباعه واعتباره نهجا لعراق قادم فهو برنامج صادر عن شخصية سياسية وطنية ونضالية وأيضا تنظر بوعي إلى الحاضر بعين المستقبل مثلما تنظر إلى الماضي بعين الحاضر الواقعي.

المنتصرون أخشى أن يكون طريقهم قصير لأن مخطط الأعداء والإمكانات التي تحت تصرفهم غير عادية وقد أنشأت لهم جهات كثيرة فضائيات كثيرة ستظل تضرب فيكم الضربات الباردة الأكثر إيلاما من الضربات الحارة فيما أنتم تقفون بدون برامج وتعبرون عن أنفسكم عبر وسائل إعلام ساذجة بل وخطيرة في فكرها الذي لا ينسجم مع الحياة وتطورها ولا ينظر حتى للدين نظرة العقل والمنطق والوعي.
أدعوكم لبرنامج متقدم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكي تقطعوا الطريق على الأعداء الخطيرين الذين لا يريدون الخير لهذا الوطن، ومن يريد الخير لهذا الوطن فعليه أن يشجب موت الوطن وإغتياله وأن يشجب أدوات التنفيذ السياسية والإعلامية التي تعمل على تمزيق مستقبل العراق.
ومرة ثانية لكم في برنامج الدكتور ليث كبة وقائمته ورموزها دليلا لعرق حديث يحترم الإرث والتأريخ مثل ما يحترم الحاضر والمستقبل.

سالم المرزوك

إعلامي عراقي مقيم في بانكوك