إيلاف من بيروت: أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية مساء الاثنين تسمية رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام، لتشكيل الحكومة بعدما أيده 85 نائباً من إجمالي 128، في الاستشارات النيابية.
وقال المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير في بيان، إن رئيس الجمهورية جوزيف عون "استدعى القاضي نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة، علما أنه موجود حاليا خارج البلاد ومن المقرر أن يعود" الثلاثاء.
وحصل نواف سلام على تأييد 85 نائباً مقابل تأييد تسعة آخرين لميقاتي، وامتناع 19 عن التسمية بينهم نواب حزب الله، وفق تصريحات النواب لدى خروجهم من القصر الرئاسي حيث تجري الاستشارات.
وبحسب الدستور اللبناني، يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة، استنادا الى نتائج الاستشارات النيابية، وفي الممارسة، يُكلّف رئيس الجمهورية المرشح الذي ينال العدد الأكبر من الأصوات.
وانحصرت المنافسة في الساعات الأخيرة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي كان يحظى بدعم حزب الله، وسلام، الدبلوماسي المخضرم الذي يرأس حالياً محكمة العدل الدولية في لاهاي.
من هو نواف سلام؟
يجمع نواف سلام بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت نطاق البلد المتوسطي الصغير، ما يجعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة. انتخب في شباط (فبراير) الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، وفي قرار وصفه الفلسطينيون بالـ"تاريخي" واعتبرته اسرائيل "كاذبا"، اعتبرت المحكمة بقيادة سلام في 19 تموز (يوليو) أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" ويجب أن ينتهي "في أسرع وقت ممكن".
بات نواف سلام، والذي انتخب العام الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، مكلفا بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس اللبناني المنتخب حديثا جوزاف عون.
وسلام البالغ 71 عاما هو دبلوماسي مخضرم. يجمع بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت نطاق البلد المتوسطي الصغير، ما يجعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة.
يتحدر سلام من عائلة بيروتية عريقة تعاطت الشأن السياسي منذ بداية القرن الماضي. وهو ابن شقيق صائب سلام، الذي ترأس حكومات عدة بين الأعوام 1952 و1973. وترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة بين العامين 2014 و2016.
شغل سلام عضوية محكمة العدل الدولية منذ شباط ( فبراير) 2018. وشكل العام الماضي تحولا في مسيرته، بعد انتخابه في شباط (فبراير) رئيسا للمحكمة، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لولاية مدتها ثلاث سنوات.
وفي قرار وصفه الفلسطينيون بالـ"تاريخي" واعتبرته إسرائيل "كاذبا"، اعتبرت المحكمة بقيادة سلام في 19 تموز (يوليو) أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" ويجب أن ينتهي "في أسرع وقت ممكن".
مسيرة أكاديمية ومهنية طويلة
لنواف سلام مسيرة أكاديمية ومهنية طويلة. لعل أبرزها توليه من تموز (يوليو) 2007 حتى نهاية 2017 منصب المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك. كما شغل عضوية بعثات ميدانية تابعة لمجلس الأمن الدولي إلى دول عدة بينها السودان وأفغانستان وأوغندا.
ألف سلام العديد من الكتب والدراسات في مجالات القانون الدولي والدستوري والانتخابي والإسلامي، إضافة إلى دراسات حول المنظمات الدولية والشؤون الدولية. وهو يتحدث الانكليزية والفرنسية بطلاقة، وهو والد لشابين. متزوج من سحر بعاصيري، التي كانت صحافية وشغلت سابقا منصب سفيرة لبنان لدى منظمة اليونسكو.
نال إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية في بيروت في العام 1984، تابع بعدها تحصيله الجامعي في باريس والولايات المتحدة. ويحمل شهادتي دكتوراه في العلوم السياسية وفي التاريخ. وحاضر خلال سنوات في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعات أخرى في الخارج بينها السوربون بين العامين 1979 و1981.
مرحلة مصيرية
لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسم سلام المقل جدا في الظهور الإعلامي لرئاسة الحكومة في لبنان. لكنها المرة الأولى التي توحدت خلفه كتل سياسية وازنة من توجهات مختلفة في مرحلة مصيرية من تاريخ البلاد.
وقد تبنت ترشيح سلام بشكل رئيسي قوى سياسية معارضة لحزب الله الذي أضعفته المواجهة الأخيرة مع اسرائيل في الداخل. وقد حظي بتأييد 85 نائبا من إجمالي 128 يشكلون اعضاء البرلمان.
طي صفحة تحكم حزب الله في الحياة السياسية
ومن المتوقع أن يبدأ سلام مهامه من دون أن يحظى بدعم الكتل الشيعية في بلد يستند نظامه السياسي على المحاصصة بين الطوائف. وذلك بعد أن امتنع نواب حزب الله وحليفته حركة أمل عن التصويت لأي مرشح.
من جهة ثانية، يأمل داعمو سلام، وخصوصا القوى السياسية المناوئة لحزب الله، أن يشكل وصوله إلى رئاسة الحكومة فرصة لإحداث تغيير في أداء المؤسسات الرسمية وطي صفحة تحكم فيها حزب الله بالحياة السياسية، عدا عن تنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب جوزاف عون في خطاب القسم.
وكان عون تعهد الخميس "بدء مرحلة جديدة"، يكون للدولة فيها حق "احتكار حمل السلاح"، ويكون اللبنانيون جميعهم "تحت سقف القضاء والقانون"، بعيدا عن منطق المحسوبيات والمحاصصة.
التعليقات