9/11 حدٌ فاصلٌ علي محور الزمن، تاريخٌ جديدٌ يختلفُ عما سبقَه، أيقظَ مشاعراً ملتهبةً بالصراعات الدينية، هدأت فترة وما بَرِأت، أكدَ علي حروبِ مذهبية متبادلة، وأعادَ إلي ذاكرة التاريخِ أسبابَها، فتوحاتٌ وغزواتٌ باسم الدين، تخريبٌ وتدميرُ وضحايا بالآلاف لأسبابِ لا يفهمونها، إنهم مجردُ أدواتِ للاقتتال.ِ
جاء 9/11 كإعصارِ لم يصب فقط من تعرضوا له في عقرِ دارِهِم إنما اكتسحَ العالمَ بأسرِه، بدايةً بمن خططوا له ونفذوا، اِنهارت مفاهيمٌ هشةٌ للتسامحِ وقبولِ الآخرين، أصبحَ جهاراً ما كان الكلامُ فيه بهمسِ. من ارتكبوا 9/11 أباحوا أسسَ دينِهم لعالمِ صُدِمَ، ما اعتبروه مُحَرَماً أو واجباً تعرضَ لكلِ التحليلِ والنقدِ، خضعَ لكل ما تتعرضُ له أمورُ الدنيا، فقدَ حصانته وقدسيته، لم تعد رموزُه منزهة، اِعتُبِرَت بشراً عادياً بالت أفكارُهم. لم يعد في النقدِ والتهجمِ خجلٌ، مراعاةٌ للمشاعرِ؛ فَسِرَ العنفُ باعتبارِه ركناً في عقيدتِهم وعقيدة ملايين المسلمين. أصبح من يتصدي بشعاراتِ إسلاميةِ محلَ شكِ وتوجسِ في شتي الأمور، السياسة، الاقتصاد، المعاملات؛ لم يعد في التهجمِ علي ما في رأسِه وشخصِه عيبٌ إنما ضرورة، لكشفِه وتعريتِه.
وسائلُ الإعلامِ، دولية ومحلية، صُبِغَت بمصطلحاتِ وأفكارِ مرحلة ما بعد 9/11، اِشتركت في حصارِ ما هو مسلم، وضعت المسلمين في سلةِ واحدة، لم تستثن رموزَهم ومقدساتِهم، في مقالاتِ ورسوماتِ وفنونِ. المسلمون، في خط الدفاع، اِتهُمِت غالبيتُهم بما لم تفعل أو تؤيد، ردودُ أفعالِهم ما بين المكابرةِ والتبريرِ والتنصلِ، اِنقسموا كما لم ينقسموا، اِزدادوا ضعفاً، العبرةُ ليست بالصوتِ الصارخِ ولا بالتعرضِ للأبرياءِ.
9/11 بدأ تاريخاً، للأقوى، لا يبشر، لن يترفق.

ا.د./ حسام محمود أحمد فهمي