زار الملك عبد الله الثانـي و الملكة رانيا العبد الله يوم الخميس الهند للمرة الاولى (عدد المسلمين يبلغ نحو 140 مليون نسمة) و التقى خلالها الرئيس الهندي أفول باكير زين العابدين عبد الكلام ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ.

زيارة القى الملك خلالها و التي استمرت ثلاثة أيام خطابا رئيسيا في المجلس الهندي للشؤون الدولية بحضور نحو 400 شخصية من كبار رجال الدولة في الهند وممثلي القيادات السياسية والفكرية والإعلامية.

و تلك الزيارة هي الاولى للملك الى الهند، و لكن لماذا اصطحب معه رئيس الوزراء و مدير المخابرات الاسبق احمد عبيدات ؟.

و يحق للناس ان تتسائل لماذا؟ في بلد تكثر به الاشاعات و لا يوجد فيه جرأة صحفية في البحث و التحليل بالرغم من حديث الملك المتكرر للصحافة، ان سقفكم هو السماء.

و لكن المقدمات خلال السنوات الماضية و المرفقة لاحقا، جعلت بعض من الساسة يتسائلون و يفكرون في لغز احمد عبيدات، بل تمادى بعضهم في اطلاق الاشاعات الى انه رئيس الوزراء القادم، و هو امر في يد الملك وحده. فليس من المعقول ان مرافقة شخص ( حتى و ان كان بحجم و ثقل احمد عبيدات ) يرافق الملك في زيارة فيعود رئيسا للوزارة.

و لكن اود العودة الى اسباب التساؤلات الكثيرة و الاستغراب و مسبباته عن سبب اصطحاب الملك لاحمد عبيدات معه بعد طول غياب عن الساحة السياسية؟.
اولا : ان الملك عبد الله الثاني قام بتشكيل مجلس الأعيان بإدخال ثمانية من عشرة رؤساء حكومات سابقة ما زالوا على قيد الحياة، فضلا عن رئيس الوزراء انذاك عدنان بدران ونائبه مروان المعشر، الرجل القوي في حكومة بدران التي دخلها في منتصف حزيران/يونيو، و خلت من رئيسي الوزراء ومديري المخابرات العامة السابقين أحمد عبيدات ومضر بدران.


quot; رغم أن العرف السائد يقضي بأن يكون رئيس الحكومة عضوا في مجلس الأعيان، أحد شقي مجلس الأمة، وأعضاؤه من اختيار الملك بمقتضى الدستور، إلى جانب مجلس النواب.quot; انتهى الاقتباس عن النائب ووزير الصحة الاردني الاسبق الدكتور ممدوح العبادي لاذاعة البي بي سي البريطانية، و قت اعلان التشكيل للمجلس.


ثانيا : الفريق احمد عبيدات يرى البعض انه حاليا خارج الصورة السياسية و فقط لديه موقعين بعيدين عن السلطة وهما رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان و رئيس مجلس أمناء جمعية البيئة الأردنية في الأردن.


ثالثا :الفريق احمد عبيدات احد محامي الدفاع عن الفريق سميح البطيخي مدير المخابرات المتهم بالاحتيال و التزوير وعبيدات هو رئيس وزراء سابق ورئيس سابق لجهاز المخابرات والرئيس الحالي للجنة الملكية لحقوق الانسان وهو يحظى بالكثير من الاحترام في البلاد الامر الذي عزز صدقية الدفاع quot;.ويعتبر الدفاع ان المحاكمة تهدف الى تشويه سمعة البطيخي وهو يدفع ببراءة موكله معتبرا ان اجراءات المدعي العام quot;باطلة quot;. (نقلا عن واكلة فرانس برس مكتب عمان ).

رابعا : الفريق احمد عبيدات ضد اتفاقية و ادي عربه و موقفه معروف من اتفاقيات السلام، و كان ممن قاموا بالاعتصام ضدها مع لجان مقاومة التطبيع و النقابات المهنية منذ سنوات

خامسا : الفريق احمد عبيدات يقف في الجانب الاخر من القوى المؤيده للعلاقات الامريكية الاردنية بلا حساب و يمثل تيارا يكاد يكون ضد الولايات المتحدة.

و غيرها من الاسباب، فما الدافع اذن لسفره برفقة الملك؟

البعض يرى بأن كل تلك الاسباب ( باستثناء قضية البطيخي و موقفه الدفاعي ) جعلت منه ورقة رابحة ضد الموقف الامريكي الاخير لزيارة الرئيس الامريكي بوش من القضية الفلسطينية و عدم رغبته في اجتماع ثلاثي لبحث هذا الموضوع، حسب اعتقاد البعض.

مما يجعل هذا الاختيار ان صح على اسبابه هو دليل الرد الدبلوماسي الاردني المبطن، و الذي يفهم منه اشارة واضحة الى امريكا.

و اذا صح ذلك الرأي، و الذي استبعده شخصيا، فأن الرد الاقوى يكون باستبعاد الوزراء التسع من داخل و خارج الحكومة و الذين يعتقد بعض الساسة انهم محسوبون على التيار او خط السياسة الامريكية.

و لكن في كل الاحوال، فأن الفضل يعود الى الملك في توسيع خياراته السياسية، و انفتاح على حميع الاطياف، و مقدرته على سور اغوار المستقبل السياسي.

و هنا اود الاشارة الى ان الملك قد اختار، و منذ فترة ليست بعيدة، استشارة كل من رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري و رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات في قضايا خاصة بالوضع الداخلي و الخارجي، و استدعاهم في لقاءات خاصة للاستماع الى رأيهما.

و كان يرى في احمد عبيدات الرأي الصادق و ان كان به معارضه امينة على مصالح الوطن يتفهمها الملك بصدر رحب، كما يرى من طاهر المصري التأييد المبنى على شعبية القرار الذي يجب ان يتخذ خصوصا بالتوجه في تلك المرحلة الحساسة من العلاقة الاردنية الفلسطينية و ما تمر به المنطقة. و ليس خافيا على احد الدور الذي لعبه الفريق احمد عبيدات لانهاء ازمة رئيس الديوان الملكي عدنان ابو عودة الاخيرة على سبيل الذكر لا الحصر.


اخرون يرون ان الملك يبحث عن رئيسا للديوان الملكي، و الاشاعة هي ان الرئيس الاسبق احمد عبيدات مرشحا، و لكن لمن يعرف الملك و الرئيس، فأن ذلك مستبعد، و بالتأكيد سيعتذر الفريق احمد عبيدات عن رئاسة الديوان الملكي، ثالث منصب في هرمية القيادة الأردنية، لاسباب عدة رغم انه احد رجالات الوطن في الشدائد.، و لكنه دوما يمتاز بالرأي الصادق بلا خداع، بغض النظر تتفق معه او تختلف.


اختيار احمد عبيدات ببساطة شديدة، في زيارة للهند، يصب في اتجاهات اربع :
اولا : الهند على حد قول السفير الهندي في عمان انها تدعم خريطة الطريق والحل الشامل الذي تتبناه هذه الخريطة، مؤكدا رفض الهند للحلول والمعالجات الجزئية. و احمدعبيدات كرئيس وزراء كان رافضا للمعالجات الجزيئة، و من هنا التوافق اولا.


ثانيا: ان الهند هي احد الدول الاعرق في الديمقراطية، و النهج السلمي للتغيير و ووجود رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات مع الملك بصفته رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان يعطي انطباعا ايجابيا عن الخطوات التى قطعها الاردن في اشواط الديمقراطية و التغيير للافضل.
ثالثا : ان كون الفريق احمد عبيدات رئيسا لجمعية البيئة و احد الاتفاقيات مع الهند في مجالات الادوية والمواد الخام والاسمدة والبلاستيك والمواد الكهربائية، فأنه الانسب لمناقشة ما اذا كانت هنالك ملوثات قد تضر بالبيئة الاردنية.


رابعا : فرصة للملك ان يتحدث مع الرئيس احمد عبيدات خلال الرحلة، فان للسفر سبع فوائد!
و لكن بلا شك فأن احمد عبيدات شخصية اردنية و طنيه قادرة على نقلة نوعية في الاردن، و قادرة على الاطاحة برئيس الوزراء الحالي بمباركة من البرلمان و ترحيب شعبي و يشهد له انه الاقدر على ادارة حكومة الانتخابات النيابية بشفافية و صدق دولي خصوصا و انه كان اول من اسس و ترأس دائرة مكافحة الفساد في الاردن و كان لا يزال عقيدا في المخابرات العامة قبل ان يتولى رئاستها.

الانتخابات النيابية في الشهر السابع من العام القادم 2007، و تحتاج حكومة الاشراف على الانتخابات سته اشهر للتحضير لها و انجازها،لذا العام القادم بداية التغييرات.

د.عبد الفتاح طوقان

[email protected]