قبل شهرين بالضبط كتبت مقالا في ايلاف يتعلق بهذا الموضوع واعتقد انه من المناسب التذكير بما قيل في المقال مع تعقيب.

وتشير التقارير ان الفريق الطبي ( الممرضات الخمس البلغاريات والطبيب الفلسطيني ) باشر العمل عام 1998 في مستشفى بنغازي شمال شرق ليبيا. وفي نهاية العام تبين ان عددا من اطفال ليبيا يحملوا فيروس الايدز. وكتبت مجلة ليبية في ذلك الوقت ان مستويات النظافة المتدنية في المستشفى هي السبب الرئيسي في انتشار العدوى. ولكن السلطات لم تقبل نظرية القذارة والاهمال في السمتشفى المعني
المقال الذي ظهر في ايلاف في 29 اكتوبر الماضي: quot;الأيدز ونظرية المؤامرة الغدافيةquot;

اللحظة الحاسمة اقتربت لمصير الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني.

ابدأ بطرح سؤالين:

هل العدالة من الطراز الليبي في مسألة الأيدز المفبركة ممكنة في ظل نظام استبدادي دكتاتوري؟
هل ستواجه الممرضات البلغاريات فرقة اعدام رميا بالرصاص بعد انتهاء مهزلة المحاكمة؟


كتبت مقالا في هذا الموضوع في ايلاف ونقلته بعض المواقع الليبية المعارضة تحت عنوان quot; من هو المسؤول عن ضحايا الأيدز في ليبياquot; في 26 ديسمبر كانون الأول 2005. وسألت بعض الليبيين المقيمين في لندن الذين يزورون ليبيا بانتظام عن هذا الأمر وبعد نقاش وحديث طويل تبين ان المستشفيات الليبية تعاني من الاهمال المزمن ومن حالة من البؤس لا تختلف عن مستشفيات دول العالم الثالث الفقيرة رغم الثروة النفطية.

الفشل والفساد الاداري ساهم في انتشار الايدز وامراض اخرى. هؤلاء الليبيون الذين تحدثت معهم ليسوا معارضين بل بعضهم رجال أعمال منتفعين من النظام ولكنهم في لندن يجدوا فرصة للتعبير عن احباطهم وسخطهم على الأوضاع في ليبيا.

وكان الاستنتاج ان مستوى النظافة والتعقيم والعناية التي يرثى لها في المستشفيات الليبية هي السبب الرئيسي في انتقال عدوى الأيدز للاطفال الليبيين.

تشير التقارير الواردة من طرابلس أنه بعد عدة أيام من الآن سيظهر الفريق الطبي المتهم والذي يتألف من 5 ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني أمام محكمة ليبية بتهمة نشر فيروس الأيدز في صفوف الاطفال عمدا وقصدا. وفي اعتقاد الزعيم الأوحد معمر الغدافي ان انتشار عدوى الأيدز هي مؤامرة حاكتها الدول الغربية واسرائيل لنشر الوباء والمعاناة والموت في ليبيا التي يعتقد الزعيم الأوحد انها كانت خالية تماما من الأيدز.(صحيفة التايمز البريطانية 22 اكتوبر 2006).

وتشير التقارير ان الفريق الطبي ( الممرضات الخمس البلغاريات والطبيب الفلسطيني ) باشر العمل عام 1998 في مستشفى بنغازي شمال شرق ليبيا. وفي نهاية العام تبين ان عددا من اطفال ليبيا يحملوا فيروس الايدز. وكتبت مجلة ليبية في ذلك الوقت ان مستويات النظافة المتدنية في المستشفى هي السبب الرئيسي في انتشار العدوى. ولكن السلطات لم تقبل نظرية القذارة والاهمال في السمتشفى المعني.

ومن المعروف ان مستويات الرعاية الطبية والنظافة في ليبيا متدنية جدا وبدائية مقارنة حتى مع دول عربية غير نفطية وفقيرة. وهذا يعود للاهمال وغياب الكفاءات في المستشفيات التي تديرها لجان ثورية ممن ليس لهم مؤهلات او خبرة في مجالات الصحة والنظافة. ( وروى لي صديق ليبي مرة ان سائق حافلة حل محل استاذ جامعة وأميين حلوا محل مثقفين متعلمين في ادارة شؤون الخدمات في ليبيا.)


في هذا الجو من الارتباك والفوضى والعشوائية التي تعيشه ليبيا اقتحم رجال الأمن غرف سكن الممرضات والطبيب وتم القبض على الستة للتحقيق وقبض بنفس الوقت على تسعة موظفين ليبيين الذين تم اطلاق سراحهم فيما بعد. وتم توجيه اتهامات رسمية ضد الفريق الطبي المذكور وملخص الاتهامات هو التآمر المقصود المتعمد بنقل العدوى للاطفال باستعمال دم ملوث.


التعذيب للحصول على اعترافات زائفة ونظرية المؤامرة:

وتبين فيما بعد ان الفريق الطبي المتهم تعرض للمعاملة السيئة من قبل الأمن الليبي وللتعذيب الجسدي وهذا يفسر الاعترافات المفبركة التي تستعملها السطات لادانة الفريق الطبي.

وفي نظر العقيد العتيد ان فريق الممرضات والطبيب هم عملاء للسي اي ايه الأميركية CIA والموساد الاسرائيلية وأن الفريق الطبي مذنب في نشر وباء ألايدز الفتاك في صفوف الابرياء في ليبيا كجزء من مؤامرة كبرى ضد ليبيا.


أدلّة علمية تثبت براءة المتهمين

وحسب تقرير من منظمة محامون بلا حدود ((Avocats Sans Frontieres قام لوك مونتانيير وهو عالم فرنسي متخصص بالفيروسات بدراسة عينات من الفيروس الذي اصاب الاطفال واستنتج ان العدوى اصابت الاطفال قبل وصول الممرضات الى ليبيا بفترة طويلة ووجد أيضا ان الاطفال يعانوا من التهاب الكبد بي اند سي(hepatitis B and C ) الذي ينتج عن تدهور في مستوى النظافة وممارسات لا تراعي الاهتمام بالصحة والنظافة كاستعمال ادوات غير معقمة واهمال عام في المستشفيات وانتشار البكتيريا والتلوث في المستشفيات والعيادات الطبية. ومن الجدير بالذكر ان 52 طفلا من المصابين بالأيدز فارقوا الحياة.


ويؤيد هذا الاستنتاج خبير ايطالي يتخصص في امراض الأيدز الدكتور فيتوريو كوليزي Vittorio ColizziHIV EXPERTوبعد دراسات وفحوص عينات توصل الى نفس الاستنتاج الذي يؤيد ويدعم استنتاجات لوك مونتانيير Luc Montagnier خبير الفيروسات الفرنسي. لدينا الآن رأيين مستقلين من متخصصين في موضوع الأيدز يدحضا الاتهامات الرسمية. ولكن السلطات الليبية تجاهلت الدراسات العلمية ولا تقبلها كاثباتات في المحكمة.


وفي تطور غير متوقع تدخل احد ابناء الغدافي ليعلن للملأ انه يعتقد أن الفريق الطبي بريء. ولكن لم يتبع ذلك اي اجراءات للاستفادة من هذا التصريح الذي أتى من مصدر مقرب من العقيد ومن دكتاتور مستقبلي سيرث الحكم في ليبيا. لماذا لا يتبع ذلك اطلاق سراح المتهمين. وما حدث فيما بعد يشير الى حالة من التخبط والفوضى والارتجال والمزاجية التي تعاني منها ليبيا.

وتدخل العقيد العظيم وابدى استعداده لاطلاق سراح الفريق المتهم ولكن بشروط:

شروط العقيد:

-أولا اطلاق سراح المتهم الليبي بتفجير طائرة المسافرين بان آم 103 فوق قرية لوكاربي في سكوتلاندا والذي يقبع في السجن في لاهاي.

-ثانيا أن تدفع بلغاريا 6 مليارات دولار كتعويض وهذا يعادل التعويض الذي دفعته ليبيا لذوي ضحايا لوكربي.

بلغاريا رفضت هذه المطالب رغم التأييد لها من اميركا وبريطانيا.

ويقول صحفي ليبي لا يريد أن يظهر اسمه في مقال من هذا النوع خوفا من تعرض عائلته للانتقام من قبل قبضايات وبلطجيين النظام. قال الصحفي الليبي quot; وجد النظام فرصة نادرة لارضاء الشارع ويظهر كأنه يدافع عن حقوق المواطنquot; وأضاف الصحفي الليبي القول quot;حتى لو تم تسوية مالية هل سيستلم ذوي الضحايا أي اموال؟ ربما يتم دفع مبالغ زهيدة لذوي الضحايا والجزء الأعظم من الأموال سيسرقها النظام كما سرق ثروات ليبيا على مدى 37 عاماquot; هذا كلام رجل ليبي يكتب عن ليبيا بانتظام مقالات شبه محايدة وبحذر شديد ويعرف ليبيا معرفة دقيقة ويعيش الآن في بريطانيا.


مشكلة أشد خطرا:

ذكرت القدس العربي في عددها الصادر الجمعة 27 اكتوبر 2006 ان ليبيا تواجه مشكلة أكثر خطرا وهي ارتفاع نسبة المصابين بالأيدز في صفوف البالغين وهي أعلى نسبة في دول شمال افريقيا بسبب تدفق العمالة الافريقية من الجنسين من دول جنوب الصحراء. وقيام علاقات جنسية غير مشروعة مع مواطنين ليبيين ومواطنات ليبيات.

ومن الغرائب في العدالة الليبية ان المحكمة لا تقبل الاثباتات العلمية كدليل او شهادة.
والسؤال هل ستواجه الممرضات والطبيب فرقة الاعدام بالرصاص؟ هل يثق العالم بالعدالة الليبية؟

هل ستكون هناك سهاية سعيدة لاغلاق الملف كما يحدث في الافلام الهندية؟ أم سيبقى الملف مثل مسمار جحا.

نهاد اسماعيل ndash; لندن

التعقيب 19ديسمبر كانون الاول 2006-12-19 في نظري ان حكم الاعدام سوف لا ينفذ حيث ينتظر العقيد من العالم ان يتوسل اليه بالرحمة والمغفرة. يريد ان يكون مركز الاحداث ومركز الاهتمام العالمي. ل أحد يلوحه لأنه يشعر بالعزلة ولا احد يكترث له. وهذه فرصةله ليعود لمسرح العالمي. وستتم صفقة ما لتنقذ ماء وجه العقيد والعدالة الليبية.

نهاد اسماعيل

London، UK