إلى أنظار كل من يهمه إحقاق الحق في المقام الأول

لن تكون المصادقة على قرار إعدام صدام حسين من قبل رئيس الجمهورية هدية عيد رأس السنة بقدر ما ستكون صدمة كبيرة و ضربة قاضية لكل أهالي و ذوي ضحايا الجرائم الأخرى التي إرتكبها هذا المجرم بحق الكورد و العرب و غيرهم من القوميات الأخرى طوال سنوات حكمه، ستكون ذات وقع سياسي كبير على المستوى الداخلي، سيؤدي إلى زرع بذور الكراهية و إلى الأبد بين كل القوميات، لأن المصادقة على قرار الإعدام قبل إكمال كل مراحل و فصول المحاكمة بشكل عادل، و بكل الجرائم بدون إستثناء، سيفرح الأقلية المتضررة من جرائمه الذين هم ضحايا جريمة الدجيل، و سيزرع الحزن إلى الأبد في قلوب اللأغلبية من أهالي ضحايا جرائمه الكبيرة...


هذا من ناحية و من ناحية أخرى مسألة المحاكمة نفسها و المجرمون الآخرون الذين يستحقون نفس المصير مثل صدام و أعوانه.. المجرمون الأحرار، و الذين يشغلون مناصب حساسة في حكومة العراق الحالية..
فمن غير الممكن التحدث عن الحق و إحقاقه إن كنا نظلم أنفسنا، أو نسكت عن حق لنا، فإن تخاذلنا في السعي من أجل الحصول على حق لنا، إنما هو دليل على عدم قدرتنا على أن نطالب بالحق لغيرنا، فمن يتهاون في حقه الشخصي يتهاون في حق غيره، و من يظلم نفسه يسهل عليه أن يرى الظلم يقع على غيره و يسكت..
طوال حكم الطاغية صام حسين وقع الظلم على الكل بدون إستثناء، و حتى على الموالين له، و أقول الموالين له، و لا أقول المخلصين له، لأننا نعرف جميعاً أنه كان هناك من يعلن ولاءه لحزب البعث خوفاً على مصلحة أو لغاية أخرى لم يضر بها أحد.. quot;رغم أنني حتى هذه الفئة لا أثق بهم و أطمئن لهمquot;، غير أنني لا أصنفهم في نفس الخانة التي يصنف فيها مجرمون آخرون أخلصوا له طوال فترة حكمة، و كانوا يستميتون في الدفاع عنه و في خدمته...


هؤلاء الذين يتقلدون اليوم مناصب كبيرة و مهمة في الحكومة، و في الوزارات و غيرها، فالسؤال هنا هو: هل أن إعدام صدام حسين سينهي معانات الشعب العراقي بكل تفاصيلها و فصولها؟
أهم خطوة نحو إنهاء فصول الحزن العراقي هو إنهاء المحاكمة إلى آخر فصولها بكل حذافيرها، مع محاكمة كل المجرمين كباراً و صغاراً بدون إستثناءات، حتى تكتمل صورة العدالة العراقية في عيون العالم..
ثانياً: محاربة فكر البعث القومجي و القائم على إلغاء الآخر و رفضه، و قطع جذور البعث بشكل نهائي من ممارسات الحكومة الحالية من خلال إقصاء البعثيين القدامى عن مناصبهم و تقديمهم للعدالة..
هنا لابد أن نسأل: و هل كان صدام حسين و أعوانه الستة فقط المتهمون الذين يجب محاكمتهم مع المجرم حتى تتحقق العدالة؟


و هل كان صدام حسين متهم بجريمة الدجيل فقط لكي يستحق عليها حكم إعدام واحد و يعدم و ينتهي كل شيء؟
و هل أن حكم واحد بإعدام هذا المجرم يكفي لكي يتم إعدامه؟
و هل أن جريمة الدجيل كانت أكبر جرائمه حتى ينفذ به الحكم الصادر فيها فقط؟
إن مصادقة رئاسة الجمهورة على قرار إعدام صدام حسين بجريمة الدجيل سيبقى عاراً في جبين القضاء العراقي إلى الأبد..


و إن مسرحية محاكمة صدام حسين لن تكتمل كل فصولها مالم يحاكم كل أعوانه بدون اية إستثناءات، لأن المناصب الحالية التي يتولاها هؤلاء المجرمين لا تغسل ماضيهم و لا تنسي الناس جرائمهم..
و إن تطبيق حكم الإعدام بحق صدام حسين قبل إكتمال كل فصول المحاكمة، و قبل إكتمال أهم محاكمة منها و هي محاكمته بجرائم الأنفال سيبقى ذلك وصمة عار في جبين الحكومة العراقية..

فينوس فائق