مات الانكشاري القديم كزار حنتوش وهو في نوبة فرح غامر ،،مات اكثر الحالمين احتجاجا على زمننا المكسور كاعواد القش ،مات صانع السعادات الصغيرة التي توهم ذات ليلة انها تلوّن العالم باصباغ الاصابع المدرسية ...
كزار حنتوش يعرف ان موته سيكون فنطازيا ،وانه سيخرج للعالم شاهرا اوهامه واحتجاجاته لكي يجد قوتا لعياله من مواطني مملكة السعادة !!! كان يتوهم انه اسعد مواطن شعري ،وانه الوحيد الذي خوله الشعراء لاعلان الثورة على الظلم الكوني واعادة الاعتبار لكل يساريّ الشعر ومناضلي الثورات الرومانسية ............
المواطن كزار حنتوش ، الساكن الازلي في الجنوب ،والعاشق الاثير للمساحات والخجل الابيض ،يفرش لموته القابل والجاهز طقوسا من النعاس والوله والضحك ،يدرك ان العراق الشعري قد تحوّل الى عراق اخر من المرائر والاوجاع والحريات التي تبحث عن شوارع واحلام وفلسفات وحوارات ويوميات يتبادل فيها الناس الشتائم والسكاكين !!!
كان يبحث عن الحرية منذ ان تورط بالوعي السري !!خرج الى احتجاجه العلني مثل أي مواطن جنوبي،، لكن العالم كان يرحل اليه بالقطارات والطائرات والصواريخ عجولا طاردا مفخخا بالاوهام الوطنية !!!!عاد حنتوش الى صمته الفضي يرش على قصائده النعاس ،ويمنح روحه الفائرة شهوات من الحلم البعيد !!!!ربما ستأتيه الحرية على فرس ابيض !!تمنحه نوما عميقا وسكرة يانعة ولغة لاشتائم فيها ولا مكائد فيها ..........
كان قريبا من الجميع ،يعشقهم بهوس وشراهة ،،لايعرف كيف يكره احدا او يرمي حجرا او عقب سيكاره بوجه الشارع ،يكتب دون مقدمات او دون ان ترتعش اصابعه على طريقة اصحاب الوحي الشعري !!كان جاهزا للقصيدة مثلما هو جاهز للحياة وجاهز للموت ايضا !!!! لا اوهام له ، ولاكنوز عائلية يخشى فقدانها !! ما يملكه هو خطوات في الشارع المقابل دائما ، واوراق الاصدقاء المنثورة على بلاط غرفته الباردة ....
ان حنتوش الشاعر السبعيني الحالم الخارج عن كل حرائق الاجيال الشعرية وحروبهم الطويلة ،لم يفكر يوما بصناعة هيكل مقدس للشعر او يافطات علنية !!لانه يؤمن ان الشعر كائن سري قادر على التسلل في كل المواسم والامكنة ،،لاجغرافيا له ولا حيطان و لااجندات او احزاب ،، يكتب قصيدة مثل النشيد المدرسي ،مليىء بالانفعال والوجع والامل وغواية الروح ...
مات اخيرا هذا الانكشاري الذي تركه الجند القدامى بعد رحيلهم الاسطوري !!!تركوه عند شوارع الديوانية يمسح شوارعها وممراتها السرية !!!! ربما كان يعدّها للعابرين الذين جاؤوا دون خرائطه السرية !!ليتركوا يبابهم واواهامهم وحرائقهم ...
مات كزار حنتوش دون مقدمات !!ودون ان يطالب بحقوقه الشعرية !!مات حالما وهو يصفق لفرح زوجته التي شاطرته لعبة الركض الى الوهم الابيض دائما ...........
- آخر تحديث :






التعليقات