مرة أخرى تعود للواجهة قضية شغلت الجميع فترة ليست بالقصيرة، قضية كان من الصعب على أقرب المقربين من المرجع السيستاني التنبأ في حقيقة دعم مرجعيته من عدمها للإئتلاف من جهة، ومن كان يفتي

غريب حقاً أن يبحث أعضاء الإئتلاف على الدعم الحوزوي في الوقت الذي يحتفظ أغلبهم بمرجعيته الدينية أو السياسية بالأضافة إلى أرتباطاتهم الدولية والأقليمية، وهم لايتركون مناسبة إلا وتحدثوا فيها عن ثقلهم الجماهيري وسطوتهم العشائرية وأمتلاكهم أدوات النجاح لفك طلاسم العراق الأمنية والأقتصادية
ويقدم الدعم quot;المعنويquot; والتصريحات للإئتلاف من جهة أخرى.


يرمي البعض بحجر التكهنات والتهم على ولديه(( محمد رضا ومحمد باقر))، حيث يُلقى بتبعية الدعم المُعلن وفتاوى الانتخابات على الرجلين، ولم يصدر في حينه أي تعليق رسمي من مكتب السيستاني على تلك الأقاويل ومدى صحتها ومن يقف وراءها وما الغرض من بث الاشاعات بين صفوف المواطنين العاديين في وقت هم أحوج فيه إلى الشفافية والمصارحة وطرح الأمور كما هي بدون أي تزويق أورتوش!
يقولون دائما ان في التفاصيل تكمن الشيطايين، وقد يكون البحث عن تلك الشياطيين أو التفاصيل من الصعوبة بمكان في الوقت الذي تتشابك فيه المواقف وتتزاوج لتخرج بمولود مشوه أو ناقص، فالمواقف ضبابية غامضة لما يضج فيه العراق اليوم من تصريحات سياسية في المنابر والصالونات والفضائيات وأغلبها تدور في فلك التعمية والتمويه ودفع الشبهات والضحك على الذقون!

من جانبه ينفي المرجع السيستاني أن يكون عراب الإئتلاف، ويدعو في أكثر من مناسبة، وأيضاً على لسان مقربين منه، إلى ابتعاد المعممين عن السياسة ويوصيهم بالأهتمام بشؤون الدين والعامة، كما ان الرجل يسعى جاهداً لكي تكون مرجعيته الخيمة بل الشجرة وارفة الظلال التي سيتظل بظلها كل العراقيين.

وهل يحتاج الإئتلاف إلى دعم المرجعية؟

غريب حقاً أن يبحث أعضاء الإئتلاف على الدعم الحوزوي في الوقت الذي يحتفظ أغلبهم بمرجعيته الدينية أو السياسية بالأضافة إلى أرتباطاتهم الدولية والأقليمية، وهم لايتركون مناسبة إلا وتحدثوا فيها عن ثقلهم الجماهيري وسطوتهم العشائرية وأمتلاكهم أدوات النجاح لفك طلاسم العراق الأمنية والأقتصادية!

ومن الغريب حقاً أن يكون السعي وراء اجتذاب والحصول على فتوى من مرجعية النجف أمر أصبح من أولويات العمل السياسي وهدف من أهداف الإئتلافات والأحزاب المشكلة في العراق على أختلاف توجهاتها، وبالمناسبة فأن الوفاق ممثلاً برئيسه أياد علاوي، وهو الشيعي العلماني، كان أول من سعى إلى زج المرجعية في دهاليز السياسة وجرها إلى الواجهات الإعلامية من خلال زياراته المتكررة واعضاء حكومته إلى النجف، وكان آخرها الزيارة المأساوية التي نال خلالها ورجال حمايته ما لم يكن بالحسبان داخل صحن الأمام علي بن ابي طالب(رض).
وعلى نفس المنوال وبنفس الوتيرة المتصاعدة شهدت النجف خلال الأيام الماضية سلسلة زيارات قام بها أعضاء من الإئتلاف الموحد قيل إنها لإصلاح ذات البين، وإعادة المياه إلى مجاريها بين الصدريين وجماعة المجلس الأعلى، وقيل إن الزيارات تهدف إلى اعادة التيار الصدري إلى مجلس النواب، ولكن سرعان ما أنكشف المستور وظهر ان الأخوة مازالوا يسعون لخطب ود المرجع الكبير ليعمدهم بمياه المرجعية المباركة ويزكيهم أمام الجماهير وليبارك لهم أئتلافهم الجديد بفتوى جديدة تشابه فتوى الانتخابات السابقة التي أثارت الشكوك ووضعت علامة استفهام كبيرة حول دور المرجعية الحقيقي!.

المرحلة المقبلة : تمييز بين الغث والسمين

قد يكون من السهل على الإئتلاف الفوز بفتوى جديدة، ولكن ربما يكون من الصعب كسب قلوب الجماهير مرة أخرى خاصة وأن الاداء السيء والتلكؤ في حل مشكلات المواطن، وإنفلات الإرهاب من كل عقال قد تصدرت قائمة الشكاوى اليومية للعراقيين.

إن ما يميز المرحلة المقبلة كونها مرحلة مخاض حقيقي ستكشف أحقية من يحمل هموم المواطن العراقي بين كفيه ويسعى لحلها، ومن سيُمسك دفة القيادة ويوجه البوصله السياسية الوجهة الصحيحة حيث يريد أبناء هذا الشعب الجريح للتخلص من أنظمة الغاب الوحشية وبقايا الزمر المتعفنة في سراديب الظلام. وقد يكون لقوى الوسط الليبرالية، من الإسلاميين الديمقراطيين والعلمانيين الديمقراطيين، غير المتخندقين طائفيا قصب السبق في تحقيق ذلك رغم كل الصعاب التي تحيط بهم في أنصاف الحق والعلو على المصالح الشخصية والذاتية الضيقة والوصول بسفينة العراق صوب بر الأمان...

معد الشمري

إعلامي وصحافي
[email protected]