المساهمون في الاعدام

لست معنيا بمكانيكيات المحاكمة ونزاهتها والدور الأميركي في اعدام صدام. منذ اللحظة التي قبض فيها على صدام في جحر كئيب كان مصيره النهائي معروفا سواء عدلا او ظلما.

ولكن أقول ما يلي للذين يتباكوا صدام الآن.

انتم الذين خذلتموه وسمحتم لنظامه بارتكاب الجرائم وشن الحروب على الجيران واحتلال دولة الكويت.

الصامتون على الجرائم هم شركاء في تغطية الجرائم. الذين سكتوا على جرائم النظام لأكثر من عقدين ونصف ساهموا في اعدام صدام.

سنحت لصدام حسين أكثر من فرصة قبل الغزو الأميركي للخروج من العراق مع حاشيته واصدقاءه وامواله. رفض ذلك واحتقر المبادرات التي فتحت له ولعائلته و50 من المقربين له بالخروج الى بلد آمن. لكنه أبى ورفض ودعمه في ذلك جوقة من المعجبين به وشجعوه على الصمود والبقاء وهاهم الآن ينعوا صدام ويصفوه بالشهيد.

هؤلاء ساهموا في اعدامه

الانظمة العربية التي بقيت صامتة على جرائم صدام لعدة عقود ساهمت في اعدامه
الجامعة العربية التي بقيت صامتة على جرائم صدام ونظامه ساهمت في اعدامه
المطبلون والمزمرون لصدام حسين ونظامه ساهموا في اعدامه.
المعجبون والساذجون الذي اعتبروه بطلا عربيا قوميا سيحرر فلسطين ساهموا في اعدامه.
عباقرة التحليل الاستراتيجي في الفضائيات وأعمدة الصحف المادحين لصدام ونظامه الدكتاتوري ساهموا في اعدامه.

نفس هؤلاء يعتبرون الارهاب ضد الشعب العراقي مقاومة باسلة

وهؤلاء لا يزالوا صامتين على مذابح دارفور. ولا يزالوا صامتين على جرائم يرتكبها النظام الليبي ضد شعبه لمدة 4 عقود. ولا يزالوا صامتين على انتهاك حقوق الانسان في الدول العربية والاسلامية وعلى السجون المليئة بذوي الرأي الآخر في الانظمة الثورية والوراثية. ومن المفارقات العجيبة ان يعلن معمر الغدافي حداد وطني لمدة يومين في ليبيا. نذكر جيدا أنه بعد القبض على صدام حسين في حفرة بائسة بأقل من 24 ساعة أعلن النظام الليبي عزمه عن التخلي عن برنامج تسليح نووي وهمي ليكسب العفو الأميركي ويتجنب نفس المصير. ويتساءل المرأ هل اعلان الحداد ليومين هو ردة فعل تشير لتعاطف زملاء الاستبداد مع بعضهم البعض في وقت المحنة.

ماذا سيحدث الآن:

لا أحد يتنبأ الغيب ولكن يمكن الجزم على ما سوف لا يحدث: سوف لا يعود الهدؤ والأمن للعراق. سوف لا يكون هناك مصالحة وطنية سريعة وسوف لا يتقلص العنف والارهاب.
والمرجح ان أعمال القتل العشوائي على أسس مذهبية وطائفية ستستمر. اعدام صدام سوف لا يغير شيئا على الأرض.

البعض يرى انه انتقاما وليس عدالة ولكن ما الفرق بينهما. النتيجة هي المهمة وهذه النتيجة غير حميدة وستبقى العراق مسرحا للعنف والقتل حتى ينتصر طرفا انتصارا حاسما ونهائيا على الطرف الآخر. اختفاء صدام من مسرح الاحداث سوف لا يجلب نهاية لفيلم العنف الماراثوني.

نهاد اسماعيل

لندن
nehad ismail، London، UK