الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟ ( الحلقة الحادية عشرة)

في quot;الحلقة العاشرةquot; من الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟ ذكرنا بعض المعلومات ويمكن تلخيصها في مايلي: أحداث مدينة دهب والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، تأكيدات محافظ سيناء على أنه لاعلاقة بين تفجيرات طابا وشرم الشيخ وتفجيرات مدينة دهب، توقيت العملية تم عشية الإحتفال بأعياد شم النسيم وأعياد تحرير سيناء، الخبراء الأمنيون يتحدثون عن ثغرات أمنية واضحة، تلك العمليات تحدث أضرار جسيمة بالإقتصاد المصري وبالسياحة أيضاً، العلاقة بين أعضاء تنظيم quot;الطائفة المنصورةquot; والتفجيرات.

قانون الطواريء وضرورة إنهاء العمل به، الإرتباط بين الفاعلين وبين بعض الجهات الأمنية أو من أبناء المنطقة، كيف ستتعامل الحكومة المصرية مع الحدث، هل سيؤدي الحادث الى مراجعة كاملة لإتفاقيات كامب ديفيد، النقلة النوعية في طبيعة منفذي الهجمات، رد إنتقامي على حملة الإعتقالات الواسعة بين صفوف بدو سيناء، لعب العامل الأمني وكراهية العرب للإسرائيليين الدور البارز في طرد السياح الإسرائيليين من شبه جزيرة سيناء.

وفي هذه الحلقة سنقوم بالتحليل وسرد لأهم الأفكار التي كتبت حول الموضوع رغم أنه لاتزال الأنباء متضاربة حول الجهة التي تقف وراء هذه الأعمال الإجرامية، وطالما أن وسائل الإعلام أصبحت من الكثرة فقد أصبح المشاهد في حيرة من أمره وماكان لهذا الأمر أن يحدث لولا أن المصداقية قد إنعدمت تماماً من بعض الجهات الإعلامية الرسمية كما أن هناك من له أهداف في توجيه الرأي العام العالمي نحو مايريد فمثلاً من يتهم القاعدة في تنفيذ الهجوم هو إسرائيل والدول الغربية أما باقي الجهات الإعلامية العربية فقد تتهم بعض التنظيمات المحلية والتي هي في صراع معها، إذاً أصبحت هذه الجهات تجير هذه الأعمال لصالح توجهات معينة وليس لإظهار الحقائق كما ينبغي أن تكون.

ومن تابع الأحداث فقد إتضح له عدم مصداقية بعض الجهات الإعلامية في التغطيات التي قامت بها وعلى سبيل المثال فقد ذكر أنها قنابل بدائية ثم بعد ذلك قيل إنها أعمال إنتحارية قام بها إنتحاريان على الأقل ومما يلاحظ أنه لاتوجد جهة واحدة مسؤولة تقوم بالتصريحات فمثلاً في بعض الدول تقوم وزارة الداخلية فقط ببث البيانات والتصريحات حتى وإن تأخرت إلا أنها تأخذ طابع فيه من المصداقية ما يجعل بياناتها يعتمد عليها بشكل كبير.

وبعد أقل من يومين حدث هناك وفي منطقة سيناء أيضاً هجومان إنتحاريان أحدهما في سيارة تابعة للقوات الدولية لحفظ السلام المتواجدة في سيناء للإشراف على تطبيق إتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية وأول الأخبار التي نسمعها هو الإتهام الصريح والمباشر للبدو من أبناء سيناء وفي هذا الإتهام تجني على عموم أبناء سيناء وكأننا ننساق وراء ماتتمناه القوى المعادية من بث بذور الفتنة بين أبناء البلد الواحد.

ومن الغريب في الأمر أن هناك جهات إعلامية بدأت بالحديث عن تورا بورا سيناء لتعيد للأذهان أحداث أفغانستان وكأنها تؤيدها وتربط بينها بين مايجري في سيناء وكأنها طبعة جديدة لطالبان تأوي رجال بن لادن والأكثر غرابة أنه تم الدمج بين توجه رجال دين وتوجه مهربي مخدرات وداعرات أي إعلام هذا الذي يشوه الحقائق فرجال الدين لهم توجه آخر غير توجه المهربين للداعرات الى إسرائيل.

ولتضخيم الأحداث هناك جهات إعلامية تتحدث عن الألغام المتقدمة والتي زرعت بطريقة إحترافية يستحيل تفكيكها دون حدوث خسائر في القوات المهاجمة وهنا نتسائل أين هو دور الدول المتحالفة في حربها ضد الإرهاب؟، وأين التعاون الدولي بهذا الصدد؟، أم أن مايحدث في سيناء إذا كان يخدم التوجه الصهيوني فلا بأس!، وعندما تعرض إسرائيل مساعدة مصر لمكافحة الإرهاب إنما تريد لتؤكد من طرف آخر على أن مصر غير قادرة على مواجهة الإرهاب أو أنها غير قادرة على السيطرة على سيناء.

ومن تشويه الحقائق ما يقال عن تحالف تجار سلاح ومخدرات وسلفيين جهاديين يلتقون في جبل الحلال مع المطاردين والفارين من أحكام قضائية وإعتقالات، ومهربوا الداعرات الروسيات لاسرائيل والسلفيون الجهاديون، والذين تشير بعض المعلومات الأولية إلى أنهم يشكلون تنظيما قويا عابرا للحدود مرتبط بفكر القاعدة، متخذا وجودا قويا له في قطاع غزة وهنا نود أن نتساءل لماذا يتم إقحام قطاع غزة بكل هذه الجماعات؟، بل إنها أكاذيب لايروج لها إلا من فقد صواب عقله.

ومن تشويه الحقائق ماقيل ومايقال عن جبل الحلال من أن صخوره وكهوفه شديدة الصعوبة على أي غريب عن المنطقة، ولا يعرف مسالكها ودروبها إلا بعض البدو، ليتم إقحام بدو سيناء وأنهم يعملون على إيواء مجموعات مسلحة قوية ويتم الترويج لهذه الأكاذيب بالتضخيم حجماً وكماً للألغام الموجودة في تلك المناطق، لدرجة أن حوالي أربعة آلاف ضابط وجندي وخبير متفجرات مزودين بإمكانيات فنية هائلة وتساعدهم طائرات مروحية وآليات وسيارات مدرعة وجيب، فشلوا في العام الماضي في ملاحقة العناصر المسلحة اللاجئة بالجبل والذين تعتقد أجهزة الأمن أنهم يجدون مساعدة لوجستية من بعض البدو في شمال سيناء ولم يقال أنهم يجدون مساعدة لوجستية من إسرائيل مثلاً، والهدف من ذلك هو إعطاء مبررات للحكومة لإعتقال المزيد من بدو سيناء.

ولإحكام السيناريو ضد أبناء البدو للإنتقام منهم تم الترويج لإمتلاك تلك العناصر على أسلحة حديثة والغام قيل انها من نفس النوعية التي أستخدمت في تفجيرات شرم الشيخ، وهي من نوعيات حديثة جدا غير متوفرة في مصر، ويعتقد أنه تم ادخالها عبر الحدود دون الإشارة الى إسرائيل ولو من باب الإحتمالات ولكن يتم ترويج معلومات يقال عنها مؤكدة بأن شيطان الجبل يأوي تلك العناصر المسلحة، وأنه تحول إلى طبعة مصرية للملا عمر، حيث لاذ بحمايته التنظيم السلفي من معتنقي فكر القاعدة، الذي يقوم أفراده بالعمليات الانتحارية في المنطقة فهل يوجد هناك تشويه للحقائق أكبر من هذا.

ومن تشويه الحقائق تبث التقارير عن أصول القبائل البدوية في شمال سيناء ووسطها معظمهم من أصول فلسطينية هجرت من صحراء النقب عام 1948، ولهذا نرى إستمرار القمع الأمني لهم وتجاهل عاداتهم وتقاليدهم، كما أن هناك نزعة جاهلية للتفريق بين بدو شمال سيناء وبدو جنوب سيناء ويتم ترويج إشاعات مفادها أن بدو شمال سيناء يحقدون على بدو جنوب سيناء بسبب إزدهار منطقتهم ليجدوا مبرر يمكن الإستناد إليه في تفسير جديد لعملية تفجيرات مدينة دهب الأخيرة وإحتمال تورط بعض العناصر الفارة من بدو شمال ووسط سيناء فيها.

ولكن لا أحد من المسؤولين يعترف بأن شبه جزيرة سيناء لا تزال في حاجة ماسة للتعمير والتنمية بالمشاريع الزراعية والصناعية التي تستوعب البطالة المنتشرة بين شباب سيناء، وليس بالمشاريع السياحية الهابطة والتي تهتم بالسياح الذين ينقلون كل موبقات بلادهم إليها والتي تتنافى وطبيعة وأخلاق البدوي السيناوي صاحب الأرض والمدافع عن العرض ليسجل إنخراطه في طابور الناقمين على السياحة والسائحين وممثلي الدولة أجمعين.

الأمر الذي يجعلنا بحاجة الى المزيد من القراءة والتحليل لندرك الإجابة على سؤال: هو مازال ماثل أمامنا: الإرهاب في سيناء هل هو بداية أم نهاية؟

مصطفى الغريب

شيكاغو