قبل حوالي اسبوعين كتبت مقالا بعنوان quot;حملة اعلامية ظالمة ومضللة ضد الأردنquot; وقبل عدة ايام كتبت مقالا اخر بعنوان quot; النصر العسكري وخطابات عيدي أمينquot; والتي انتجت ردودا وتعليقات بعضها جاء مباشرة على عنواني البريدي الاليكتروني وبعضها على موقع ايلاف.

وتحدثت في المقال الأول عن الحرب الاسرائيلية ضد لبنان وصمود حزب الله وانجازاته وانتصاراته ضد اسرائيل الخ. وقلت على سبيل المثال quot;ومما لا يمكن التشكيك فيه هو مقدرة حزب الله على مقارعة اسرائيل والصمود أمامها واستطاع تحطيم اسطورة الجيش الذي لا يقهرquot;

وقلت أيضا: quot;. التواطؤ الاميركي البريطاني الاسرائيلي لا يخفى على أحدquot;

وأضفت:

quot;ولكن المفاجأة الأخرى هي اندلاع حرب اعلامية شرسة تستهدف الأردن والسعودية ومصر من خلال الفضائيات والتعليقات الصحفية وكيل الاتهامات ضد الدول المذكورة بالتقصير في دعم المقاومة بسبب علاقاتها الديبلوماسية مع الولايات المتحدة وبسبب اتفاقات سلام اردنية ومصرية مع اسرائيل.
quot;وحذرت من عواقب قطع العلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل لأن ذلك سوف لا يغيّر شيئا في المعادلة العسكرية وسوف لا تتحول اسرائيل الى دولة انسانية تؤمن بالسلام والمحبة والتعايش بل بالعكس ستأتي بالكارثة على الشعب الفلسطيني الذي سيكون الخاسر الأكبر من قطع العلاقات مع اسرائيلquot;.

وسبب الحملة الاعلامية الشرسة ضد الاردن والسعودية ومصر هو الاعتقاد الخاطيء ان هذه الدول شجعت اسرائيل على ضرب حزب الله والصحيح ان هذه الدول لم تؤيد quot;مغامرة حزب اللهquot; وحذرت الدول العربية الثلاثة المعنية من مغبّة المغامرات الغير محسوبة.
ولم تشجّع اسرائيل على الاعتداء على لبنان بل ادانت وانتقدت رد الفعل الاسرائيلي ضد الاهداف المدنية ّ وهذا موثق.

وجاءني عدد من الرسائل الاليكترونية والمكالمات الهاتفية و18 ردا على المقال جاءت على موقع ايلاف وغالبيتها يوافق ولكن عددا من الردود والايميلات التي وصلتني تحتوي على مزاعم ومبالغات رّددتها بعض وسائل الاعلام من صحف وفضائيات ومواقع اليكترونية.

وهناك خمس مغالطات ومفارقات خاطئة بحاجة لتصحيح:


المغالطة الأولى:
ان مصر والاردن والسعودية شجعت اسرائيل على ضرب حزب الله والقضاء عليه. هذا خطأ ولا يوجد أدنى اثبات لهذا الكلام. ما حدث هو ان الدول الثلاثة حذّرت من مغبة اشعال حرب بدون تنسيق وتشاور مع الحكومة اللبنانية.

المغالطة الثانية:
ان هذه الدول أعطت معلومات استخبارية عن حزب الله.
هذا خطأ ولا يستند على أي دليل وهو اعتقاد سخيف والسبب أن اسرائيل بقدراتها الفائقة وأميركا بعظمتها لم تستطع اختراق حزب الله ولهذا دهشت اميركا واسرائيل على القدرات العسكرية لحزب الله من صواريخ ومضادات للدبابات والدروع. واذا عجزت هذه الدول ذات الباع الطويل في مسائل الاستخبارات والحصول على المعلومات ان تخترق حزب الله، لا أدري كيف تستطيع دول عربية معروفة بقدراتها المحدودة ان تتمكن من الحصول على معلومات لم تستطع اميركا واسرائيل من الحصول عليها.

المغالطة الثالثة:
وهذا لا يمكن ان يصدقه الا ساذج بامتياز وملخص المغالطة أن الدول العربية الثلاثة شاركت بغرفة عمليات مع اسرائيل لتدير الحرب ضد حزب الله وعندما اكتشفت ان حزب الله سوف لا يهزم انسحبت من غرفة العمليات. هذا كلام سخيف من ناس متعلمين ومثقفين ويستعملوا الكومبيوتر.
وهذ ايضا خطأ ولا يستحق التعليق نظرا لسخفه وسذاجته. وجاءني رسالة اليكترونية من عدة أشخاص يؤكدوا ذلك كأنهم اكتشفوا سرا خطيرا.

المغالطة الرابعة:
وثمة مغالطة اخرى وهي ان الدول العربية المذكورة لم تقدم أي دعم للبنان.
خطأ: الاردن قدمت تسهيلات جوية ووضعت جزء من ميناء العقبة تحت تصرف لبنان. واخترقت الحظر الجوي وسمحت للطائرات اللبنانية باستعمال مطار عمان وقدمت مساعدات طبية وانسانية وارسلت فريق يتخصص ببناء الجسور وغير ذلك.

مصر قامت بتزويد مستشفى عسكري والسعودية اودعت مليار دولار تحت تصرف لبنان منها 500 مليون دولار منحة سريعة طارئة. والجامعة العربية طرحت مبادرات لاعادة بناء وتأهيل لبنان.


المغالطة الخامسة:
الدول العربية لم تدين الاعتداء الاسرائيلي. هذه اكذوبة كبرى. الاردن ادان اسرائيل في اللحظة التي قصف فيها مطار بيروت وازدادت لهجة الشجب والاستنكار كلما ازداد القصف. وفعلت ذلك ايضا المملكة العربية السعودية ومصر.

وأذيعت تعليقات جلالة الملك عبدالله الثاني على محطة السي ان ان واستنكر أيضا مشاريع كونداليسا رايس التي تجاهلت المشاكل الناتجة عن سياسة أميركا الخاطئة.

ولكن السؤال الذي لم يجب عليه مرددوا الشعارات وناشروا المغالطات هو ماذا فعلت الانظمة الثورية لمساعدة لبنان. وماذا فعل المليار ونصف مليار مسلم لعون لبنان.
وكل ما سمعناه هو خطابات رنانة مستقاة من أرشيفات احمد سعيد ومحمد الصحّاف.

أما المقال الآخر quot;النصر العسكري وخطابات عيدي أمينquot; جلب عددا من التعليقات غالبيتها مؤيد ولكن تعليقين او ثلاثة تستحق الاهتمام:

الأول من شفيق فياض:

وفي تعليقه أوضح الاستاذ شفيق الملابسات والظروف التي أدت الى الانسحاب السوري من لبنان ومحاولات النظام على استرجاع نفوذه في لبنان. وجاء تحليل شفيق فياض ليضيف الخلفية الدقيقة لما جاء في الخطاب الغوغائي الذي القاه بشار الاسد. شكرا للاستاذ شفيق.

وجاء تعليق من سام باللغة الانجليزية يحتوي على تهجم شخصي وافتراءات لا تستحق التعليق.

وآخر من عبد الباسط بيك يشتم أشخاص اشير لهم في المقال. ثم يتهم الآخرين باستعمال اسماء مستعارة. ربما هذا صحيح لأن البعض يخاف من المخابرات او لا يريد احراج حزب او جماعة ينتمي اليهم. ولكن تشويه الحقائق من خلال حق الرد يحتاج الى تعليق.

ان موضوع المقال يتعلق بخطاب انتهازي واستفزازي ألقاه بشار الاسد والذي وضع حزب الله في موقف حرج للغاية. المقال ليس عن رفعت الاسد وليس عن حافظ الاسد وعلى سبيل المقارنة فقط جاء ذكر الرئيس الراحل حافظ الاسد وشقيقه رفعت والقصد ان الرجلين لا يقعا في خطأ من هذا النوع.

ولكن سام وعبد الباسط بيك اعتقدا خطأ ان المقال هو ترويج لرفعت الاسد وعودته لسوريا. واذا كان هذا الاستنتاج صحيحا فلماذا لم يكن المقال يتمحور حول رفعت الاسد وبرنامجه السياسي ولماذا ترك ذكر اسمه في الثلث الأخير من المقال وجاء اسم رفعت بنفس الجملة التي احتوت اسماء المرحوم حافظ ونجله بشار.

وأشدد ان القصد هو ان رفعت الاسد طالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان قبل اغتيال الحريري وقبل صدور قرار مجلس الأمن 1559. وهذه حقيقة وليست ترويجا بل لاظهار حماقة النظام السوري الحالي ووقوعه في المطبات والاخطاء.


نهاد اسماعيل

لندن
nehad ismail، London، UK