ذكرت فى مقال سابق دلائلى على أن الإسلام قد إنتشر ndash; ولو جزئيا ndash; بالسيف. ولقد إتصل بى صديقى العزيز الذى أنتظر مكالمته كل نهاية أسبوع، ليعلن عدم موافقته على طرحى. سألته سؤالا فحواه أن المسلمين فى الأراضى الفلسطينية قد قاموا بإحراق سبعة كنائس غداة تعليق للبابا بنديكيت! فهل إذا إعتنق باقى المسيحيون الفلسطينيون الإسلام غدا يكونوا قد أعتنقوه عن إقتناع أم بالإكراه! مثال واقعى آخر وليس إفتراضيا، فى مطلع الألفية الحالية قام المسلمون فى مصر بقتل وذبح واحدا وعشرين قبطيا فى قرية إسمها الكشح فى صعيد مصر وقاموا بحرق بعضهم أحياء! آخر الأنباء أن خمسة وثلاثون فى المائة من أهالى تلك القرية تأسلموا! فهل كان إسلامهم بالسيف والحرق أم بالحكمة والموعظة الحسنة؟* كذلك غضب منى أيضا صديق أحترمه لأننى ذكرت أن الإسلام قد إنتشر بالسيف وبالمدفع أيضا. وسقت دليلى على ذلك من إسلام أهل ألبانيا والقسطنطينية التى هى إستانبول الآن على يد الغزاة الأتراك المسلمون. وهو صديقى ولكن الحق صديقى أيضا والحق يعلو ولا يعلى عليه.

وبدون حتى أن نتجاوز لقضايا خلافية إنظروا لما يجرى فى العراق حيث القتل والذبح والتعذيب لمجرد أن إنسان شيعى أو سنى! الحقيقة أن البابا لم يتجاوز كثيرا فى إنتقاده غياب العقل فى العالم الإسلامى. تأملوا البلادة التى يستوعب بها العقل الإسلامى مقتل واحدا وعشرون مواطنا مصريا بدون أن يعاقب ولو فرد واحد على ذلك... وتأملوا بالأكثر بلادة العقل العربى والإسلامى وهو يقرأ ويشاهد يوميا أعداد القتلى فى العراق ودارفور... تأملوا هذا وتعجبوا لمن سيروا التظاهرات المتشنجة والغير عقلانية ردا على الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية وردا على تعليق لبابا روما... تأملوا ايضا أن الطالبان عندما quot;فتحتquot; إفغانستان تناقلت الأنباء خبر كتيبة طبية يابانية كانت تقدم خدماتها لأهل أفغانستان الفقراء وقتئذ! أيضا تأملوا وجود مستشفى إيطالى كان يقدم حدماته الطبية فى مقيشيو الصومال خلال كل ما يعم ذلك البلد quot;العربىquot; من فوضى وإقتتال! وهى ذات المستشفى التى قتلت إحدى العاملات الراهبات فيه ردا على تعليق بابا روما!

لا يعنى غير المسلمون أن يبحثوا فى الفرق بين جهاد الطلب وجهاد الدفع. لا يعنيهم أيضا أحكام رضاع الكبير ومدى صدقية حديث الذبابة. الذى يعنى به غير المسلمون هو عمل المسلمون ذاته. الرسالة التى يوجهها المسلمون اليوم للعالم إستدعت من العالم أن يتعرف على الإسلام تاريخا وأحكاما. فرح المسلمون لأن العالم وبالذات فى أمريكا أقبل على قراءة القرآن حتى صار أكثر الكتب مبيعا لتلك السنة. كان من الممكن أن يتقبل العالم الغير إسلامى ما جاء به القرآن وأن يتجاوز عن آيات العنف التى يزخر بها، وإعتبار أن أحداث سبتمبر المشؤمة كانت خارج السياق... إلا أن ما تبع تلك الأحداث أرغم العالم على التمعن فى تلك الآيات. توزيع المسملون للحلوى إحتفالا بقتل الأبرياء، أحداث بالى ومدريد ولندن بل ومصر والسعودية، وجود بعض الإرهابيين الغربيين ممن إعتنقوا الإسلام حديثا، أحداث حرق الكنائس فى باكستان ومصر والعراق وفلسطين، كل تلك الأحداث وجهت أنظار الغرب إلى أن الآيات العنيفة الواردة فى القرآن ليست مرتبطة بزمانها ومكانها ndash;مثل الآيات العنفية الواردة فى التوراة مثلا- وإنما هى ممتدة فى تأثيرها وإلزامها للمؤمنين من المسلمين لحد هذه الأيام!

من أفضل العبارات التى قيلت والتى توجز صورة الإسلام، وأكثرها إنصافا أيضا للمسلمين هو القول أن بعض الفاشيين قد إختطفوا الإسلام. فى شجرة الورد البلدى يظهر أحيانا فرعا نافرا شوكه كثير وقاسى يسمونه quot;نسرquot; وهذا الفرع إن لم يقطع فى حينه يحول شجرة الورد جميعها إلى quot;نسرquot; أى أوراق وشوك فقط لا تعطى زهرا... وللاسف فهذا ما يراه العالم اليوم من الإسلام quot;شجر نسرquot; لا يعطى ورودا وإنما شوكا فقط... كم من الأطباء المسلمين أعضاء فى منظمة أطباء بلا حدود!؟ كم من المسلمين تبرع من ملياراته لكى ينشىء منظمة خيرية إنسانية كمثل المنظمات التى يزخر بها الغرب، كمثلما فعل بيل جيتس وتافت الذين تبرعا بأكثر من خمسة وتسعين فى المائة من بلايينهما لمنظمات خيرية عالمية وليست عنصرية!؟

ويبقى السؤال معلقا فى رقبة جميع المسلمين، إن كان الإسلام شجرة تفاح فمن أين يأتى كل هذا الحنظل!؟

عادل حزين
نيويورك