المواطنون السوريون في العراق و لعبة الموت والنظام الفاقد المسؤولية
الحالة الخطيرة الني يعيشها المواطنون السوريون في العراق انتقلت من طور الوصف إلى جور العسف والعذاب الإنساني والتصفية والموت الذي ينتظرهم في كل لحظة همجية تأخذهم إلى المجهول دون سابق إنذار يلقون مصيرهم عزلا ً من كل شيء سوى من الإيمان بوطن وقيم ومستقبل يحدده انتماؤهم إلى هذا الوطن وهذا الشعب وهذه الأمة،الذي أصبح الإنسان فيها أرخص من أي سلعة تباع وتشرى على قارعة الطريق، وقد تكون من اللحظات الأكثر مأساوية في حياة الفرد والشعوب والأمم، اللحظة التي تمثل إجبارية الخيار وإجبارية المر وإجبارية الموت،لم يعد يملكون منها سوى الصراع مع المجهول والخوف وإجبارية النفي عن وطن هو جزء منه بل جزء معافى من الشعب السوري الذي أصبح فساد النظام أشبه بسرطان مخيف يفتك به،وعلى مدى أكثر من ربع قرن والمواطنون السوريون في العراق والمعروف أنهم ينتمون إلى المعارضة السورية ضد هذا النظام الوباء يشهد لهم تاريخهم ومواقفهم الوطنية بأنهم أبناء هذا الوطن ويحملونه في شغاف قلوبهم وحدقات عيونهم وطيات عقولهم رافضين المساومة على الوطن والمبادئ،متمسكين بالتغيير الوطني الديموقراطي السلمي في سورية رغم خطورة ظروفهم التي تلامس الموت في كل لحظة،وقد يكون هذا استثناء ً في تاريخ العمل السياسي الحديث بل والقديم معا ً، واستثناء ً عن موقف النظام ومنهجه وسلوكه ونظرته إلى المواطن السوري المجردة من كل مسؤولية والخالية من أية معايير إنسانية ولانقول وطنية أو قانونية.
في هذا الموقف العار من قبل النظام السوري الذي يرفض رجوع مواطن إلى وطنه إلا إذا باع نفسه ورضخ لإرادته وعاد ذليلا ً عبر البوابة التي تفقده ماتبقى من إنسانيته وكرامته،عبر البوابة الأمنية والتي تعني ماتعنيه بالنسبة إلى المواطنين السوريين الموجودين في االعراق، تعني نفس المصير الذي لاقاه رفاقهم الذين أجبرتهم ظروف العراق المعروفة من الرجوع إلى سورية، إلى السجون والذل والمهانة حيث وزعهم النظام وتحكم بحياتهم ورزقهم وجردهم من أبسط حقوق المواطنة التي تحترمها أكثر الدول المارقة والمتخلفة في العصر الحديث.
لعل موقف النظام السوري الواضح من مسألة رفض السماح للمواطنين السوريين بالرجوع إلى وطنهم يمثل قيمة النظام الحقيقية وعدم أهليته الوطنية وعدم شرعيته المستمدة من احترام حقوق المواطنة إذ يبقى استمراره هو خدمة أعداء الشعب والأمة، والأخطر من كل هذا هو دوره في المساومة على حقوق المواطنين السوريين في العراق وغيرها مع قوى الخارج والكذب والإستهانة بالمواطنين وتصويرهم على أنهم إرهابيين، يقدم المواطنين السوريين قربانا ً لمساوماته ومعارك الآخرين ووقودا ً بشريا ً للحريق المشتعل في هذا الشرق الكئيب، قد تكون هذه الكلمات كتبت تحت ضغط أخلاقي ووطني ووجداني وإنساني وهذا ليس عيبا ً،العيب في هذا النظام الخارج عن القانون والقيم الوطنية والإنسانية.
وأخيرا ً يبقى النظام عاريا ً وطنيا ً وسياسيا ً وقانونيا ً وأخلاقيا ً،وهذا يوضح استهتاره بقيمة المواطنة للفرد السوري أيا ً كان مسيحيا ً مسلما ً مؤمنا ً ملحدا ً كرديا ً عربيا ً آشوريا ً،بالمحصلة لايمثل المواطن السوري لهذا النظام سوى ورقة يلعب بها متى شاء ويمزقها متى شاء ويعطيها لأعداء الوطن متى شاء ويحرقها متى شاء، هكذا أعطى ويعطي المواطنين السوريين المنفيين عن وطنهم إلى هذه الجهة أوتلك ويقسم لهم على أنهم إرهابيين وقاعديين ويستحقون الموت!!!!!!!
وعليه لاأحد يتوقع جديدا ً أو صحوة ً لدى النظام كله من أعلاه إلى أسفله، يبقى الرهان الوحيد على هذا الشعب رغم كل ظروفه وكل بؤسه وكل فقره وكل صمته وكل خلط الأوراق أمامه، يبقى هو المنقذ الوحيد في وطن أهانه النظام وضرب بالقيم الوطنية عرض الجبال وطولها، وكسر الإرادة الوطنية بشكل مهين،من هذا الحطام سيخرج النور وتبدأ عملية التغيير لأنها الشرط الوحيد لعدم موت وطن بأكمله.
د.نصر حسن
01 -2007
التعليقات