قد يكون العنوان أعلاه شعاراً جميلاً ولكن في الواقع العملي كان تحدياً حقيقياً عندما تم تطبيقه وأشرف عليه علم من أعلام العمل التطوعي والخيري في المملكة العربية السعودية أثناء حدوث الهجمة الصهيونية على لبنان في صيف عام 2006م.

عندما إندلعت الحرب السادسة كانت قلوب الملايين من البشر تهتز خوفاً وتعتصر ألماً وحُزناً على الضحايا الأبرياء ولاسيما أن الحروب الحديثة فاقت نتائجها كل التوقعات من حيث عدد الضحايا وحجم الدمار الناتج عن القوة التدميرية الهائلة للأسلحة الحديثة.

ملايين من البشر شاهدوا عبر القنوات الفضائية مدى قوة الهجمة الصهيونية على البشر والشجر والحجر والمباني والجسور والمصانع ومحطات الإرسال الإذاعية والتلفزيونية وغيرها في دولة لبنان الشقيقة، وكان لهذا الحدث أثاراً نفسية مؤلمة مست قلب كل عربي ومسلم ولاسيما أن قوى الشر تكالبت على أبناء المنطقة ولم يشهد لبنان دماراً بمثل هذا الكم والحجم لدرجة أن الأبراج السكنية العالية في الضاحية الجنوبية لبيروت كانت تهوي كأنها علب كبريت أو مجسمات كرتونية هشةَ.

إن الشعور العالي بالمسئولية للقيام بالواجب الذي إنطلق من أعماقه جعله يفكر ليل نهار منذ الوهلة الأولى ولاسيما أن الحرب بدأت وهو في قلب لبنان ومنذ تلك اللحظة بدأ يفكر بماذا يعمل وماهو الدور الذي يمكن أن يلعبه ويؤديه على صعيد العمل الإغاثي والتطوعي الخيري.

وإستمر الشعور بالمعاناة داخل عقل وقلب هذا القائد الى أن هداه الله ليرفع شعار quot;إعانة ذي الحاجة الملهوفquot; ليمسح دمعة محتاج ولهذا نتمنى عليه أن يشرح بقلمه قصة تلك المعاناة من خلال تجربته الذاتية في هذا النوع من العمل التطوعي.

من هنا كان التأثر بادياً على محيا هذا الأمير الشاب سليل الأسرة الكريمة وحفيد موحد الجزيرة العربية وعلى الفور بدءَ حملة مكثفة من الإتصالات بما يملك من علاقات جيدة ليقوم بدور إعتقد في قرارة نفسه بدايةً أنه يمثل نقطة في بحر ولكن بعد أيام قليلة من العمل المتواصل والمستمر حيث شكل فريق عمل لمساعدة ضحايا الحرب في لبنان.

هذا الفريق الذي تشكل ماكان يمكن أن يكتب له النجاح لولا توفيق الله ثم قدرةَ هذا القائد على إختيار عناصره بكل دقة وبما حباه الله من الفراسة في معرفة الرجال ومعادنهم فوقع إختياره على عدد محدود من الأشخاص ليقوموا بمهمة ليست سهلة على الإطلاق ولاسيما أن عدد منهم كان يتمتع بإجازته الصيفية السنوية.

نعود الى الفريق الذي تم تشكيله بفراسة وعناية فائقة منذ اللحظة الأولى ليشكل سيمفونية متناغمة لتحقيق هدف الفريق الذي تطابق مع هدف صاحب الفكرة ومبدعها ومبتكرها صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود.

لاشك أن الأفكار كثيرة وغالباً ماتكون بسيطة ولكن عند بدء التنفيذ والتطبيق من الناحية العملية تصبح عبئاً ثقيلاً تنوء بحمله العصبة من الرجال أولي القوة بل قد لاتتحملها الجبال من ثقل الأمانة ولكن عزيمة الرجال تتفوق دائماً على الأزمات وتصنع المعجزات.

كان هدف الفريق هو تجهيز مواد إغاثية سواء كانت طبية أو غذائية أو مستلزمات أخرى كثيرة لأن الهجرة الجماعية التي بدأت منذ اللحظة الأولى لإندلاع الحرب قد أخرجت مليون نسمة تقريباً من ديارهم هرباً من كثافة النيران والدمار الذي لحق بلبنان ولهذا كان لابد على قائد الفريق أن يكون على دراية كاملة بالتخطيط ومدى أهميته.

وبدأ قائد الفريق في عقد الإجتماعات المكثفة والعملية السريعة لتقدير الإحتياجات وتقدير عنصر الزمن ليكون سباقاً في إيصال المساعدات العينية وإنجاز المهمة في زمن قياسي وقبل أن تتحرك الهيئات الدولية أو الحكومية التي تعاني من البيروقراطية في أنظمتها الإدارية فكان يضع التوقيت اللازم للقيام بالمهمة وبالمشاورة مع أعضاء الفريق التنفيذي ليكون ملتزماً بما وضعه لنفسه من زمن ضمن جدول زمني متقن ومحكم.

ولايفوتنا في هذا المجال الحديث عن الهم الكبير لهذا القائد الذي بدا التأثر عليه واضحاً مما جعله يكتب مقالاً يشرح فيه بشكل عملي كيف سيقوم بإيصال المساعدات الى مستحقيها وعندما قرأنا المقال إتضح لنا مدى الإطلاع الواسع لهذا الرجل ومعرفته بجغرافية المنطقة ومناطق الحدود بين سوريا ولبنان حيث إقترح ثلاث نقاط لتكون البوابات لعبور قوافل المساعدات.

كما أن المشاعر الصادقة لهذا الأمير أبت إلا أن تعبر عما يدور في الوجدان بقصيدة نظمها بنفسه فهو الشاعر المرهف الحس الذي يتمتع بالوطنية العالية والإرادة القوية والشامخة التي تعلوا فوق القمم ليشحذ بها العزائم والهمم لأنها إشتملت على المعاني الحماسية والوطنية.

والهدف من هذا المقال هو إقتراح توثيق الحدث بكتاب يشرح فيه التجربة الإنسانية من خلال الممارسة والتجربة العملية لتعم الفائدة الجميع فأحد أهم أسباب النجاح هو التوثيق وكتابة التجارب وبهذا تكون الإستفادة من تلك التجربة ميسرة ولتكون نبراساً يهتدى به وخصوصاً مؤسسات العمل الإغاثي.

كما نتمنى على سموه الكريم أن يجيب على مايلي: لماذا إعانة ذي الحاجة الملهوف؟ ما الهدف من هذا الشعار؟ هل هذا العمل لتحقيق الذات؟ أم لرضى الله؟ أم لدعم العمل التطوعي؟.

مصطفى الغريب