في صباح ذاك الثلاثاء، أفاق الشعب على مفاجأة...تحولت إلى مواجهة في صباح ذلك اليوم، استذكر الناس عمامة فرضها جماعة فوق رؤوسهم منذ الصيف الماضي..
في الشهور السابقة، كانت تلك العمامة مثل التاج وضعها الناس على رؤوسهم فخراُ افتخر الناس بصمود و عزة...فرضتها تلك العمامة....رغم الغمامة التي حلقت في سماء البلاد..
حلت بالناس كارثة و مصائب...تحملوها وصبروا رغم الدمار...فالنصر كان جميلا..ونصر الله كان قريبا من الحدود..
فقد قال المقاتلون للأعداء: قسماً لن تمروا....
وهكذا كان...
هذا النصر شعر بالغرور المتزايد.. فأراد نصراُ آخر داخل الحدود....
وإذ اختلف البعض بتسميته نصر أم هزيمة أم تراجع...تحول الإهتمام إلى داخل البلاد..فالذي فقد السلطة على الحدود...أراد سلطة في الداخل..
بدأ العمل بهدوء..من إتهام إلى إعتصام إلى خيام..و العين على السرايا...
ساكنوا السرايا رفضوا الإنصياع..فقد وصلوا هناك من خلال صناديق الإقتراع...و الكلمة كانت للشعب..و الشعب فقط هو من يقرر...
فكان يجب أن يجعلوا الشعب يتكلم..يتحرك..يتمحور...
انهارت الدولارات على الناس ليتركوا منازلهم للسكن في خيام مواجهة السرايا..
لم لا..فالناس قد فقدت الكثير من بيوتها بعد مغامرة الصيف...
لم لا يقبضوا و يسكنوا حتى ولو في خيمة..فهم لم يعد يملكوا حتى خيمة في قراهم...
إعتبر الناس أن هذه العباءة التي تلفهم..هي خيمتهم
لكن طالت الأيام...وأصبح الحمل ثقيلا..أصبحت قائمة مطالبات الدولارات طويلة...فكان يجب التحرك بطريقة أخرى..اعتبروها الأقصر و الأسهل..
أفاق الناس صباح ذاك الثلاثاء و المشهد أسود...السماء ملبدة بغيوم سوداء...فكانت الصورة سوداء..و جاءنا الأسوأ..
هذه الديمقراطية لا تخدم....فهي لم تخدم مصالحهم..
فكان من الواجب إرهاب هذه الديمقراطية...أو استغلالها للإرهاب..
أرادوه إضراباُ بالقوة...بغض النظر عما لديك من مصالح واهتمامات...
عاد ذاك القسم من جديد..هذه المرة.ليس موجهاً للأعداء..بل للإخوة و الأصدقاء و الأقرباء..
قالوا للناس: قسماُ لن تمروا
وهكذا كان...
وجاء رجال الدرك و الأمن و الجيش لفض المشكلة...فوقعوا في فخ بين الطرفين:
هذا الطرف يود الذهاب إلى مصالحه و أعماله أو رحلة عمل..و ذاك الطرف يصر على رأيه: قسماً لن تمروا..
وكأن الشعار أصبح: بالنار..بالدم...تكون يا إضراب...
وانقلب ذاك اليوم إلى ثلاثاء أسود....
انقلبت كل الأقنعة عن الوجوه... و انقلبت الطاولة على اللاعبين..

ضاع نصر تموز يوم الثلاثاء الأسود...
و إنقلب العدو من خارج الحدود إلى داخل الحدود..
وسار التيار في الإتجاه المعاكس.. إذ فقد وطنيته و أضاع حريته...
عندها..شعر المواطنون أنهم كانوا يلتحفون بعباءة سوداء...تمت حياكتها عبر الحدود...
حاكت خيوطها فتنة رسمت بغباء...فكان مقاسها لا يناسب الوطن...
فهذا الوطن لا يلبس إلا عباءة واحدة...تأتي خيوطها من نسيج الأرز
هذه العباءة الوحيدة التي عرفها الوطن...ولن يلبس غيرها..
ومن جاء بأي عباءة أو لباس مستورد من خارج الحدود...
عندها..على الوطن أن يعلن إضراباُ شاملاُ عاماُ ضد هذه العباءة..
عندها..لن يفرض أحد على أي شيء لا يريدونه...
عندها..سيقول الشعب كلمته لأصحاب العباءة..لمن حاكوها..لمن صدروها..ومن استوردوها..ومن ارتدوها...
سيقول لهم الشعب..: قسماً لن تمروا...

أكثم التل

كاتب و صحفي أردني ndash; مستقل
[email protected]