لست من الذين يصادرون الرأي الآخر في حقه عن التعبير أو إبداء رفضه لکل ما لايؤمن به أو يجده غير مساير أو متفق مع أفکاره، کما إنني لست مقتنعا بالمرة بمجتمع تسوده قيم أحادية الجانب و تکون الغلبة فيه دوما لرأي محدد يمثل حزب أو تيار سياسي أو فکري معين، بل لقد حلمت و لازلت أحلم بمجتمع تتجاذبه أطراف و أطياف سياسية فکرية و سياسية و ثقافية متباينة بطرق حضارية تتمثل روحها الاساسية في الديمقراطيةquot;الحقةquot;وليستquot;أشباzwnj;هquot;الديمقراطيات المصابة بالشلل أوquot;التشوهquot; الجزئي أو الکلي کما هو حال الکثير من الديمقراطيات السائدة في دول المنطقة سيما في تلک التي تعودنا بين کل حفنة أعوام و أخرى أن يطالعنا رؤسائها برغبتهم في التخلي عن الحکم لکنهم و نزولا عندquot;الالحاحquot;و quot;الإستجداءquot;الشعبي بهم لا يجدون مناصا من الإدثار بعباءة الحکم لبضعة أعوام أخرىquot;تتمددquot;تلقائيا حتى يهلquot;عزرائيلquot;بطلعته البهيةquot;إذا لم يکن هناک من إنقلاب عسکريquot;، فيقبض روحquot;الرئيسquot;القائد و الملهم و المجدد و المنظر و المفکر و quot;بتاع کلهquot;فتبکيه شلةquot;أنسهquot;بدموع لا تجف إلا بعد الإطمئنان من أن خليفته يسير على نفس دربهquot;الخالدquot; في إفقار و تجويع شعبه.


صحيح جدا أن هناک العديد من المآخذ على التجربة السياسية في إقليم کوردستان و صحيح أيضا أن هناک الکثير من التقصير المتعمد أو غير المتعمد في العديد من المجالات، وإن هناک مشاکل و أزمات متباينة يعاني منها الشارع الشعبي الکوردستاني، لکن کل ذلک لايمنع من الإقرار بحقيقة أن التجربة الکوردستانية تسير في الطريق الصحيح و إنها قطعت أشواطا مهمة و حساسة من عمرها في فترة قد تکون قياسية بالمقارنة مع ما حققته من إنجازات على الارض.


إن الحديث عن قضية الفساد في کوردستان موضوع يرتبط بواقع المنطقة قبل أي شئ آخر، فکل الدول المحيطة بکوردستان خصوصا تلک التي تتعامل معهاquot;تجاريا و سياسياquot;تشرئب بالفساد من قمة رأسها الى أخمص قدميها، کما إن الامم الامتحدة ذاتها التي تعاملت و تتعامل مع الحکومة الاقليمية هي الاخرىquot;منبعquot;للفساد الاداري و المالي ولعل قصص فسادها التي باتت تتواتر أکثر من اللازم، کافية للإقرار بأن المنظمة الدولية قد تکون بمثابةquot;قدوةquot;في تلقين أسس و مبادئ علمquot;الفساد الاداري و الماليquot;بصورة قد لاتجد لها مثيلا في أکثر البلدان فسادا حتى في ترکيا ذاتها، وبهکذا طوق محيط بکوردستان، ناهيک عن ما أحيک و يحاک من دسائس وفتن و أحابيلquot;مخابراتيةquot; مختلفة بالاضافة الى فواصلquot;الضغطquot;السياسيquot; وquot;الاقتصاديquot; وquot;العسکريquot;التي مورست و تمارس ضد هذه التجربة من قبل دول معينة، کل ذلک قد يعطي أرضية ملائمة و خصبة لشيوع و إنتشار الفساد في مفاصل الادارة الکوردية، ورغم إنني لست في صدد تبرير مايجري من فساد في کوردستان، لکنني لست أيضا في صدد طمس الحقائق الناصعة على الارض، فأولئک الذين يرفعون عقيرتهم من جراءquot;الغلاءquot;الفاحش أو الازمات المختلفة المتفاقمة في کوردستان، ليتکرموا بزيارة دولة مجاورة تنادي ليل نهار بدفاعها عنquot;المستضعفينquot; وquot;المحرومينquot;في حين أن الفقر المدقع يکاد يکون واقع حال غالبية الشعب المغلوب على أمره هناک والذي لسخرية القدر ينام على بحار من النفط و الغاز و خيرات أخرى کثيرة، ليزوروا ترکيا ويجدوا الفساد المستشري هناک والذي يضرب بأطنابه في کل زاوية و رکن ناهيک عن ظاهرة التضخم غير العادية و الحال المزرية لأوهن quot;ليرةquot;في العالم.


يتحدثون عن الکثير من الحالات السلبية في کوردستان، لکنهم ينأون بأنفسهم جانبا حين تتناقل وکالة أنباء مشهورة کرويترز نبأ توافد المسلمين و المسيحيين على کوردستان لکي ينعموا بحالة الطمأنينة و الإستقرار والتي قطعا لم تکن بسائدة لو لم تکن هناک أعين و عقول ساهرة و مثابرة على راحة و أمن المواطنين الکورد، مثلما أن هؤلاء يجدون أقلامهم تمتنع عن ذکر تلک الشرکات و المؤسسات العالمية التي باتت توافد على کوردستان لکي تسثمر أموالها هناک بعد أن تيقنت من أن الارض التي تقف عليهاquot;الادارة الکورديةquot;صلبة.


بالامس القريب هاتفني أحدquot;أصدقائيquot;من الذين أختلف معهم في الکثير من الامور لکنني أتفق في الخط الانساني العام الذي ربطني و يربطني بهم، وقال لي وهو يريد إثارة حفيظتي: بحسب المعلوماتquot;الموثوقةquot;التي وصلتني، فإن الجيش الترکي سوف يدک قلاع برلمانکم و حکومتکم الکوردية وسوف لاتجدون من جديد غير الجبال من صديق لکم، فضحکت من کل قلبي و قلت له بمنتهى الهدوء: حسنا إذا کان الامر کذلک فأرجو ان تتکرم بإخبار الجيش الامريکي کي لا يبني قاعدته العسکريةquot;الواسعةquot;في منطقة قرداغ قرب السليمانية، وقلت مستطرداquot;الظاهر أن الامريکان لا يعلمون شيئا عن الذي يجري في المنطقة و أن تلک التحذيرات التي أدلى بها أکثر من مسؤول أمريکي بخصوص مغبة التدخل الترکي فيquot;شمال العراقquot;هو مجرد کلام للإستهلاک المحلي وأن دعائم النظام الدولي الجديد قد أرسي في أنقرةquot; وکل الذي قاله quot;صديقيquot; تجلى في کلمات محددة لکن لها مغزى و وقع خاص: غريب أما أمريکا غبية أو quot;الکاکاتquot; قد(أشتروا بعقل أمريکا حلاوة)!

نزار جاف
[email protected]