يبدو أن الحنين quot; العثماني quot; يداعب مخيلة الدولة التركية في الفترة الاخيرة، فهي تارة تعقد مؤتمرات تحرض على الطائفية والتحريض واخرى للتدخل السافر في الشؤون العراقية، وايضآ تتبنى تصريحات ومواقف علنية لتقف الى جانب طائفة عراقية على حساب الاخرى، حتى وصلت الى حد المطالبة بتوزيع المناصب ومراكز الحكم في العراق!! وهذه كلها سوابق لايمكن السكوت عليها والتهاون معها.

أخر ابتكارات هذا الحنين التركي، هو عقد مؤتمر لتدارس الوضع في مدينة كركوك العراقية، وقد دعي لهذا المؤتمر الكثير من الاشخاص بذات الوقت الذي تم فيه بقصد صارخ تغيب ممثلين عن الاكراد العراقيين. وليس هنا بصدد البحث في قضية مدينة كركوك، فهذه مسالة عراقية بحته تحل عن طريق الحوار والدستور والقانون والتوافق العراقي المحلي على صيغة ترضي جميع الاطراف. لكن الملفت للنظر في الموضوع هو الحق الغير شرعي ولاقانوني التي تمنحه لنفسها تركيا للتدخل في الشؤون العراقية وبهذا الشكل الغريب وفي مسالة حساسة مثل كركوك. تحت مبرر انها تحمي حقوق quot; التركمان quot; العراقيين. ولااعتقد أن التركمان العراقيين بحاجة الى تدخل تركي لحماية حقوقهم. فهم مواطنين عراقيين أصلاء قدموا الكثير والكبير من التضحيات الجسام و لهم كافة الحقوق المنصوص عليها في القانون العراقي ولايمكن باي حال من الاحوال تجاوز تلك الحقوق، حتى وأن بدت الصورة في بعض الاحيان تسير في الاتجاه الاخر. واعتقد التركمان يعرفون مثل غيرهم من الطوائف والقوميات العراقية الاخرى، أن تدخل طرف خارجي في مسالة عراقية من شأنه زيادة الاحوال سؤء وتشعب وتناقض وليس هو الحل الناجح على الاطلاق.

اما تهديدات وتلويحات تركيا لاكراد العراق بالتدخل العسكري وعدم التفرج على مايحدث الى حد التهديد بأحتلال مدينتي كركوك والموصل!! فاتصور أن ذلك يعتبر قمة التخبط وفقدان التوازن والرؤيا الواقعية عند الاتراك. وهم بذلك يحشرون quot; أنفهم quot; الى حد المجازفة بما لايحمد عقباه. وهم يوقعون أنفسهم في وهم الانفراد بأهلنا الطيبين في كرد ستان العراق. وهذه في واقع الامر قراءة تركيه فقيرة ومتواضعه للوضع العراقي. لانهم بداية يتعاملون مع الوضع العراقي الاستثنائي الصعب الذي يمر به اهل العراق الخيرين في الوقت الحاضر. وايضآ هم يتجاهلون مشاعر كل العراقيين من النجف و البصرة وميسان والناصرية والرمادي وحتى اربيل ودهوك وسليمانية.

أن اكراد العراق اليوم هم مثل الاخرين من طوائف وقوميات الشعب العراقي، قد دخلوا فعلآ في ساحة التقسيمات الداخلية والاستثنائية في البلد. لكن ذلك لايعطي الحق الى الاتراك او غيرهم ان يتعامل معهم وكانهم مواطنين من الدرجة الثانية. أو يمكن الاستفراد بهم دون بقية الطوائف والقوميات العراقية. فتلك التقسيمات هي داخلية بحته لكن مع الاغراب ومن هم خارج الحدود فالعراقيين صف واحد، حتى وأن بدت الصورة احيانآ غير ذلك بسبب الظرف الاستثنائي الذي يمر به العراق. فاكراد العراق دفعوا من دمائهم ومن التضحيات الكبرى طيلة عقود طويلة مايستحق ان ينظر له باحترام و تقدير كبيرين. ولذلك هم اليوم جزء أساسي من الخارطة العراقية السياسية والاجتماعية. وعند الكلام معهم يجب التذكر من تركيا او غيرها أن هولاء عراقيين أصلاء. واذا أستجدت امورآ اخرى لانتمناه فسيجد من يستهدف اكراد العراق صعوبة في التميز بين ابناء الجنوب والوسط والشمال العراقي. وسيجد ايضآ انه بكلامه مع اكراد العراق أنما يتكلم مع العراق كله. وبذلك ستكون مشكلة حقيقية على الاخرين أستيعابها وعدم الوقوع في شراكها.

محمد الوادي

[email protected]