في العالم المتحضر، عند ما يكتشف المسئولين خطر فيروس ما، ونظرا لتقسيم المسؤوليات وتحكم القوانين بالعلاقات بين الجميع، حكام ومحكومين، مسؤولين وموظفين، نرى سرعة ردة الفعل، والبدء بأخذ الإجراءات اللازمة، منها معالجة المصابين بالتزامن مع البدء بحملة لتطهير المحيط وتعفيره لمنع عودة الجرثومة أو الفيروس للموقع أو للمحيط الذي تلوث، وأيضا القيام بالتطعيم إذا اقتضت الحاجة لتأهيل المجتمع لدفاع أفضل في حالة بقاء الجرثومة غير مكتشفة مكامنها في المحيط. هذه القاعدة، لا تنطبق على مجتمعاتنا في الشرق الأوسط عموما وفي العالم العربي خصوصا حيث لا يوجد تقسيم للمسؤوليات مثل ما هو في الغرب بل المسؤوليات كلها تعود إلى شخص واحد، أو هي مسئولية عدد من الأشخاص فقط، ونظرا لعدم وجود آليات وضوابط مناسبة للمحاسبة والعقاب التي تضطر الجميع على القيام بالواجب، يبقى على المسئول quot; المنفردquot; أن يتصرف وحسب ظروفه وتفهمه للأمر وقوة تحركه ترتبط بمدى معرفته بخطورة وأهمية الحدث، مما يعني ان قلة الخبرة أو كثرة الانشغال أو التساهل وعدم الإحساس بالمسئولية ولأي سبب يمكن ان يعطي فرصة للفيروس أو الجرثومة أن تأخذ وقتها لتلوث المحيط أكثر فأكثر حتى يمكن ان تكون نتيجة ذلك كارثية!( نعوذ بالله من الكارثة)

ومع احترامنا للمذهب الجعفري ولكل المذاهب الإسلامية وقبولنا ان التشيع، أحد ثاني أهم مذهب بين المذاهب الإسلامية، لكن استغلال السلطات الإيرانية الفعلية للمذهب الجعفري وتغييره الى مذهب صفوي بأهداف عدوانية، توسعي و دموي أحيانا، خلق هزة كبيرة في العقل العربي والإسلامي مؤخرا، والسبب يعود الى متابعة ايران لنواياها السياسية وزرعها لخلاياها التوسعية تحت ظل الدين الإسلامي الحنيف وهاهي تجمعاتها الطائفية quot;الصفويةquot; تلوث في أكثر من بلد وتسبب هزات سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية، تمت معالجة بعضها وفشلت الدول والشعوب في معالجة بعضها الأخر. و النموذج العراقي أمام أعيننا، الذي تمكنت فيه ايران من السيطرة شبه الكاملة على السلطة السياسية والاقتصادية وإلى حد كبير الثقافية، وهذا بالإضافة الى التأثير الذي خلفه هذا التدخل في دول عربية اخرى وبمستويات مختلفة.

ونظرا لما هدفت ايران من زرع خلاياها في المنطقة وتدخلاتها الطائفية فيها وهو الاستفادة من هذه الخلايا والتجمعات عند الضرورة مثل ما حصل في العراق، إذا، هذا الخطر، أي خطر التخريب الإيراني في الدول الخليجية تضاعف هذه الأيام بسبب ظروف المواجهة التي خلقتها السياسة التوسعية التي تنتهجها السلطات الحاكمة في ايران و وصول ايران في مواجهتها مع الغرب الى طريق يمكن ان نسميه اللا عودة وهددت بالاستفادة من كل أوراقها في المنطقة ولوحت حتى بتغيير أنظمة دون ان تسميها!

مقابل سياسة ايران هذه وتهديداتها وتحديها الخطير للجميع ولدول المنطقة التي طالبتها ومنذ نشأتها قبل 28 عام بسياسة معتدلة وبجيرة غير عدوانية وغير توسعية ومع وصول هذا التحدي للدول الكبرى والمواجهة بين ايران والغرب وما يمكن ان ينتج عن هذه المواجهة، مقابل كل هذا، ما نراه هو عدم اكتراث الدول العربية مجتمعة أو بعضها منفردة بما يجري في مجتمعاتهم، ناهيك عما جرى في العراق، حيث لم يعطوا الأهمية اللازمة لتأثيرات هذه السياسة ولمخاطر هذه الظروف. وكل ما تم من تدخل وتوسع إيراني حتى الآن. ما حصل في لبنان والعراق جاء نتيجة لهذا الإهمال والمرشحة له البحرين والكويت والمملكة والإمارات العربية المتحدة واليمن وسورية في المرحلة القادمة. هذا النشاط التبشيري السياسي التوسعي وصل ومنذ فترة غير قصيرة الى المغرب والجزائر ومصر والسودان و الى قلب إفريقيا، مثل ما سبق ذلك في بعض الدول غير العربية المجاورة لإيران أيضا، والله يعلم الى أين يصل في المستقبل ما دامت ايران تصرف مليارات من الدولارات سنويا لهذا الهدف وتستثمر هذه الأموال لشراء quot;صفويين جددquot; من العرب الذين يكمن لهم المئات والآلاف من تجار المذاهب من العراقيين الذين يعود معظمهم لأصول إيرانية، يشترون quot;تجار الشنط،quot; مثل ما اسماهم احد الباحثين الجزائريين، وهم بالدرجة الأولى من المحتاجين والفقراء الذين يبحثون عمن يرفع حاجتهم للمال، بعد ما ضاقت بهم الأرض العربية وبقيت حلال على غيرهم من الفيليبينيين والتايلنديين والهنود والبنغاليين وغيرهم، وهؤلاء أصبحوا قواعد تبشيرية إيرانية متحركة نشطة في مصر والمغرب العربي والسودان مثل ما فعلت قبل ذلك قواعد اخرى في الخليج العربي وسوريا والدول المجاورة لإيران من باكستان الى أفغانستان وتاجيكستان وأذربيجان وتركية.

ونظرا لخطورة المرحلة القادمة من التحرك الإيراني المحموم وخاصة في الظروف غير العادية الفعلية وإمكان المغامرات الإيرانية غير المحسوبة، ونظرا لوسع التغلغل الإيراني المباشر وغير المباشر في الدول الخليجية، بالإضافة لما اكتشف من أهداف إيرانية من هذا التغلغل بعد النموذج العراقي الذي هو أمام أعيننا، من الضروري ان تكون لهذه الدول خطط وقاية وعلاج على كل المستويات القصيرة والمتوسطة وبعيدة المدى، لكن المستعجل في الأمر هو خطة قصيرة المدى تضمن منع أي هزة داخلية في هذه الدول عندما يحتدم الصراع في المنطقة والمحتمل في الأشهر القادمة حسب رؤية المحللون الإستراتيجيون.
في هذه المرحلة، وعلى المدى القصير، على الدول الخليجية المستهدفة وبشكل عاجل، ان تتخذ الإجراءات اللازمة لدرء الخطر ومواجهة الاحتمالات والتقليل من تأثير الخلايا الإيرانية وخطورتها على مجتمعاتهم. على هذه الدول ان تفكر عما يمكن ان تقوم به الكتائب التخريبية الأخرى quot;لفيلق القدسquot; ولفيالق اخرى غيره، قيل أنها بدأت مأموريتها ومنذ فترة طويلة في هذه الدول حسب ما أعلنه احد أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني في الخليج تحت عنوانquot; الخلايا النائمةquot; والذي تم تأسيسها بواسطة أطباء وممرضات وتجار ومدرسين وتحت غطاء مراكز ثقافية وحسينيات ومساجد ومدارس و مستوصفات وغيرها، وهذا يضاف إلى العناصر المؤثرة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وعسكريا من بعض الخليجيين الذين يعودون لأصول فارسية مع تقديرنا لمواقف الأكثرية منهم، مع الأخذ بالحسبان المحاور المختلفة التي اتخذتها ايران للتخريب، ومنها، تزويد الخليج بالمخدرات وارتفاع عدد المدمنين في الدول الخليجية في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت نسبتهم في بعض هذه الدول quot; 4.5%quot; بينهم 40% من النساء! و هذه النسبة في المرحلة الحالية هي ضعف أرقام المدمنين في أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية! لتعلم الدول الخليجية أنها أكثر حساسية وتأثيرا بكثير وبالنهاية أكثر مهددة من العراق ولبنان مقابل الخطر الإيراني نظرا لانشغالهم بعيدا عن الثقافة والوعي الوطنيين خلافا لما يحمل العنصر ألصفوي المقيم في هذه الدول من طموحات في السيطرة وأهداف عدوانية مهما طال بعده عن وطنه، ومهما اشتد عدائه للسلطة الحاكمة في بلده، ولذا رفع مستوى الوعي والثقافة الوطنية والإحساس بالمسئولية للمواطن الخليجي وتجهيزه للمشاركة في حماية وطنه ومساندة السلطات المسئولة في تحركها لإيقاف المد الإيراني العلني وغير العلني لازم ان يكون جزء من أي خطة سياسية وأمنية قادمة.

[email protected]