بنظير! أنا مملوكي سفح أمي جنكيز خان القادم عبر بلادكم، ثم اغتصبها الظاهر بيبرس، بقية فلول التاريخ، وأحرق قريتنا نيرون وخرّب الزرع والضرع، بعد أن فضّ بكارة كل بناتها!

بنظير! أذكر في طفولتي أنني كتبت القصائد لنيرون، ودعوت الرحمن أن ينصر الحاج محمد هتلر، وصلّيت ألف مرة ليرسل الله طيراً أبابيل على اليهود لترميهم بحجارة من سجّيل! ولكن الله استجاب لهم، وردّ دعاءي إلى ضلال!.

أذكر سيدتي، أنهم علموني أن أشتم الخلفاء وألعن كل قبائل المسلمين المنتشرة من سمرقند وشرقستان حتى بحر الظلمات، علموني أن ألعق دم الحسين، كما 'لحست' إيماني يكل شيء وتوقيعي على كل شيء!

بنظير! أنا ولدت في عداد زبانية علي بابا!! وقرأت كل قصائد أبو النواس، وضاجعت زبيدة وبوران!..

بنظير! أنا قرأت بيدبا وامتهنت مضاجعة النعاج والفالوت!!

بنظير! أتعرفين لماذا أنشُدك مزاميري ؟! لأنني أكره أن أقتطف من النصوص فأجتهد فيها، ولم استنطق الكتاب، فأكفر فيه!

بنظير! لماذا لم تضربيهم بعصا موسى، وتجلديهم بحكايا كلوديا شيفر عندما رفضت أن تحضر حفل استقبال أعده ميتران، لأنها قررت أن تقوم بمهمة لإنقاذ أطفال الغابات في بنغلادش! ولم تجد من النساء المسلمات من يرافقها،لحاجتهم إلى محارم، وفتاوى أولياء الأمر، ولم تستطع أياً منهن أن تقبل على ذلك إلا بعد انتهاء العدة بدعوى الحيض والترمل واليتم!hellip;فذهبت كلوديا شيفر مع ممرضات 'أخوات ' مماً 'لا يحضن ' ولا يحتجن إلى عدة!

بنظير! قتلوك، وهذه ديدن الشيوخ! ابن لادن أفتى أن تكون القنبلة الباكستانية الذرية ( السّنية ) في مواجهة القنبلة الإيرانية الشيعية!! فداحس والغبراء سيرة درجناها وسنة قتلنا بها الحسين والحلاج!

شيوخ المسجد الأحمر، أفتوا بتحليل العمل السياسي على الذكور، لانتفاء حاجتهم للعدّة :فأفتوا بقتلك!

اتهموك بالفساد لأنك امرأة لا ترتدين البراقع! قتلوك كما قتلوا أنديرا، ووالدك، والمهاتما، والقديسين! 'وآخر الأنبياء '!

بنظير! الشيوخ الذكور حملة اللحى المحنّاة أجمعوا على كلمة سواء ضدك وضد حسينة وخالدة ضيا حيث لا يليق ولا يجوز للمسلمين الأحناف أن تسود عليهم مارغريت تاتشر، وباندرانايكا وغولدا مائير، ومستشارة ألمانيا!

بنظير! كم كنت رهانا في مواجهة الطغاة ورصيدا على التغيير، وتصميما على الانتقال بشعبك المسلم إلى عصر الإنسان!

بنظير! لقد ألقى بك المشائخ في غياهب الجب، كما فعلوا بيوسف!

بنظير أنت كامرأة الفرعون التي أرضعت موسى في بلاط زوجها!

بنظير! إن من قتلوك سفحوا شرف شعبك وأحلامه، وأغرقوه في التيه والتلاشي، حتى لا يكون لأهلك قضية ينفرون إليها خفافاً وثقالا! فالفتنة تذهب بالجميع وتقصي الشعوب، وتزيل الأوطان عن الخرائط!

بنظير! إن الذين سفحوا نساء العراق، واغتالوا أطفال القدس hellip;وقصفوا رياض الأطفال في لبنان، وأحرقوا كنائس الأقباط في مصر، وحولوا مليار مسلم إلى أمة من الجياع الشّرد الهائمين بفعل فلسفة القدر المكتوب، وطاعة أولي الأمر!!

بنظير! عدت إلى شعبك تصححين المعادلة التاريخية التي كرست عبودية المسلمين للماضي والفقر والصبر والمرض والفتنة والذكورة، بدل المستقبل الآتي، وحتى يتمكن المسلمون من صنع الطائرة والحاسوب والقمر الصناعي والغوص في أعماق البحار، وارتياد أفلاك السماء، وعندها ترتحل نساؤهم إلى مجاهل بلدانهم في مهمات الإنقاذ والتسونامي وتعليم الأطفال، دون أن يرافقهم محارم ورجال فتوى الفوط النسائية والإرضاع وتطهير البقايا البشرية!

بنظير ياقيثارة النساء، وسيف الحق، وشمس الحرية!

بنظير! لقد قاتلت كما والدك ضد كل إمارات الفتوى والذكورة!

بنظير! عدت كي لا يستمر توظيف الفكر السياسي الإسلامي وأدواته وميليشاته، في إنتاج فتاوى الإرهاب والقتل والنفي ' والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر '!

بنظير! يريدون إقحام المسلمين في مواجهات مع ألف مليون هندي وألف مليون صيني على حدود بلادك، ثم في صراع مذهبي آخر يمتد من آخر سنيّ في الدنيا إلى آخر شيعي في أطراف الأرض!

بنظير! عدت كي لا تتحول باكستان إلى فأر إسلامي، بالفتنة والقتل والطغيان،كما تحولت أندونسيا من نمر إسلامي إلى فأر اندونيسي يهرب أمام نمور الآريين في تيمور! وكما إمارات العرب وجمهورياتهم الملكية التي اعتلاها خصية من ذكور فتحولت أوطاننا إلى مواقع الارتهان والمعادلات والبيعة!

بنظير! عندما كنت أشاهدك على التلفاز تعتلين المنابر، كنت أقول لماذا لا تعتلي نساء العرب سوى الهوادج، وعربات القصور! و'خوازيق' الذكورة! ولماذا لا تصلح المرأة العربية إلا ربة خدر، أو كائن ظل وعارضة للمفاتن، وعبدة تقبع في الأسمال والأصفاد!

بنظير! ما الذي تغير في مشايخنا منذ عهود 'يثرب، وبني ساعدة '، سوى أنهم استتروا عند احتساء المسكرات!

فشيوخنا يعاقرون النساء أكثر من ' أبو النواس' وراسبوتين وضباط المخابرات!

سيدتي! الإيمان الإسلامي عندنا 'علاقة عقدية ' بين الله والمسلمين : يغنيهم ويرزقهم من المال والأنفس والثمرات، فيردون له بالصلاة والطقوس!! ما أسهل' الإيمان '، إذا، وما أيسره!! وأما البقية الباقية من مؤمني الخوف والجوع والمرض فلهم الجنة، إن صبروا وصابروا، وما عليهم سوى الجوع وأداء الطقوس 'والحقد على كل شيء'!

هدى شعراوي،أم كلثوم، ونضال الأشقر، وجورجينا رزق وبلقيس الخالدة بشعر نزار،تغتصب على مداخل الحارات، وفي خلوات الاعتراف وزنزانات زوار الفجر!!

سيدتي! لقد استحضروا في بلادنا شاعر الوطن 'والحريم ' نزار، ليمثل بقرار ظني بتهمة الإساءة لنهود 'المحجبات ' فأثار غرائز المؤمنين الذين لولا شعر نزار لسكنت غرائزهم في عمائمهم،فما عادوا يباشرون!لولا 'أرداف' نزار 'ونهوده'،ولا ستعففوا في فروج المسلمات!! من يثير غرائز المسلمين عليه أن يتلقاها، والبادئ أظلم!!

بنظير! الذين قتلوك مشايخ يحرّمون الموسيقى، ومشاهدة الأفلام بكل لبوسها الشيطانية، لأنه يثير نصفهم الأدنى، أما نصفهم الأعلى، فوا عجبي أين استثمروه! والجواب بالتأكيد عند الفرس والإغريق، وسومر وأكاد، و مبدعوا العلوم والتكنولوجيا، وسادة الفضاء والمحيطات والذرة والطب والفيزياء والأوبرا والسيمفونيات والاستشراق، فقد صنع كل هؤلاء من أنصافهم العليا أمجاد الأمم كلها، وصنعنا نحن العرب والمسلمين بإنصافنا، ما يشهد عليه في الليل والنهار كل ما هو قائم اليوم على امتداد إمارات المسلمين والعرب!

سيدتي لقد ألغى العرب مراكز الثقافة في بيروت والقاهرة وحاضرة الدنيا في الكرخ والرصافة hellip;لأن العرب ببساطة قرروا أن يلغوا الثقافة hellip;

فكل العرب والمسلمين لا يدرسون اليوم إلا ثقافة النكاح وثقافة التصفيق وإقامة نصب اللات والعزى، وعبادة أخناتون وخفرع ومنقرع!!

بنظير! أركع أمام ضريحك، وألثم كل حبة تراب ضمت بحنان رفاتك، فلقد استشهدت كي لا تنتصر قوانين الحسبة وتواشيح الجن والعفاريت وثقافة الشيطان والطغاة!!

بنظير! ليكن استشهادك فعل ولادة جديدة لمحمد علي جناح مؤسس باكستان الوطني، ووالدك بانيها الديمقراطي! وكي يبعث في حوارينا ودساكرنا ابن خلدون وابن رشد والفارابي وابن سينا فيهزموا جيوش الظلام وطغاة الفتوى، وإمارات أولي الأمر!

من أجل كل ذلك فلنغني لبنظير!..فما زالت كل الأغاني ممكنة.. ممكنة.. ممكنة!

حبيب صالح

كاتب سوري : معتقل عدة مرات-من رموز ربيع دمشق