بينما تواصل الولايات المتحدة بناء حشد عسكري في منطقة الخليج حيث وصلت حاملة الطائرات quot;USS John C. Stennisquot; وبرفقتها قطع بحرية إلى المنطقة وانضمت إلى حاملة الطائرات quot;USS Dwight D. Eisenhowerquot; المتواجدة في المنطقة.وهى المرة الأولى التي تحشد فيها الولايات المتحدة حاملتي طائرات في المنطقة منذ غزو العراق عام 2003وقد اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية إيران بتقديم عبوات شديدة الانفجار أدت إلى مقتل أكثر من 170 جنديا أمريكيا وإصابة 620 آخرين في العراق خلال الفترة من عام 2004 الى تاريخه.

ويقول الجيش الأمريكي ان العبوات الناسفة الشديدة الانفجار والقادرة على تدمير دبابة أبرامز الأميركية تصنع في إيران وتهرب إلى العراق من قبل فيلق القدس الذي يتبع المرشد الأعلى علي خامينئي. وان عدداً من الضباط الإيرانيين زودوا الجيش الأمريكي بمعلزمات تفيد بأن إيران تزود إحدى المنظمات السياسية المحظورة في العراق، بالأسلحة والعتاد.و هؤلاء الضباط الإيرانيين كانوا قد اعتقلوا، خلال حملة شنها الجيش الأمريكي في ديسمبر الماضي، على مكتب عبد العزيز الحكيم، رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق، والذي يعد أعلى مرجعية للعراقيين الشيعة.

و أنه تم أيضاً، خلال الحملة على مكتب الحكيم، العثور على وثائق تشير إلى تزويد المنظمةالشيعية quot;المحظورةquot; بأسلحة إيرانية، فيما قالت تلك المنظمة إنها كانت تنوي استخدام تلك الأسلحة لأغراض أمنية.وقد عبرت صحيفة الاندبندنت بصدق عن الموقف بقولها quot; إن من يسمع كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين في العراق وهم يكيلون الاتهامات لإيران يعتقد أن الجيش الأمريكي في العراق يخوض مواجهات عسكرية ضد المليشيا الشيعية التي تدعهما إيران غالبا بالمال والسلاح بينما الواقع يقول إن المواجهة الفعلية هي مع المتمردين السنة الذين يستبعد أن تدعمهم إيرانquot;.. ونشرت الصحف الامريكية والبريطانية تقارير عن الاستعداد لشن ضربات جوية ضد طهران وما التعزيزات والحشد البحرى الا اعداد لمسرح المواجهة والتأكيد على ان أهداف الحملة قد حُُددت، كما أن الآليات العسكرية الضرورية للإغارة على منشآت نووية إيرانية جاهزة. مع عدم الاستهانة بتلك التسريبات، فاننى ارى انه لا حرب امريكية مع ايران. فالرئيس بوش يفتقد لنطاق واسع من الشعبية في الداخل حيث أشارت التقارير الامريكية الموثوقة أن إحصاءات ترجح أن شعبيته وصلت عند مستوى شعبية نيكسون قبيل تركه البيت الأبيض،فى اعقاب فضيحة ووتر جيت.


كما ان المواجهة مع إيران يجب ألا تقع دون دعم الكونجرس والحلفاء الرئيسيين في أوروبا، وعلى بوش ان يشاطر كل هؤلاء المشاركة في المعلومات الاستخبارية السرية بشأن نوايا إيران وقدراتها النووية إذا ما أراد أن يحظى بدعم لموقفه وعلى تلك الادارة أن تنتظر وتفكروتوازن بين خيارات وبدائل وهو امر لم نره حتى الان. بل ان مجلس الاستخبارات القومي الامريكى نشر تقييما يقول انه اذا كان الوضع في العراق يظهر عوارض quot;حرب اهليةquot; فان ايران ليست ابرز المسؤولين عن ذلك. لكن التقييم يؤكد أيضا أن quot;الدعم القاتل الذي يقدمه الايرانيون لمجموعات محددة من الناشطين العراقيين الشيعة من الواضح أنه يؤدي الى تكثيف النزاع في العراقquot;.


وقد خلص مجلس الاستخبارات القومي في تقييمه إلى أن الحرب المذهبية في العراق قد تستمر حتى لو أوقفت إيران بالكامل تورطها في العراق. ويعتقد الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، انتوني كوردسمان ان الاستخبارات الأمريكية قد quot;رسمت صورة اكثر دقة للتهديدquot; الايراني اكثر مما فعل الرئيس بوش.و هذه المواجهة الزاحفة مع إيران، ليست سوى مجرد حيلة يقوم بها البيت الأبيض لعدة أسباب: أولها أن أمام إيران إنذارا أمميا بتعليق نشاطاها النووي أواخر فبراير، لذلك فقد تكون هذه التهديدات الأميركية حافزة لإيران كي تلتزم بهذا الموعد.وثاني هذه الأسباب أن بوش يحاول، وسط الضغوط في الكونغرس لخفض قواته في العراق، تمهيد الطريق لفتح محادثات مع إيران لتحقيق الاستقرار في العراق وبالتالي المساهمة في سحب الأميركيين لقواتهم من العراق.


أما السبب الثالث فيكمن في الصراع على السلطة الذي بدأ يلوح في الأفق فى طهران وسط ظهور تقارير حول مرض المرشد الأعلى علي خامنئي، الأمر الذي قد يجر البلاد إلى أزمة هذا العام مما يساعد على قدوم بعض التيارات التي تعمل على تعليق الطموحات النووية الإيرانية وتجنب المواجهة مع واشنطن.الشيء المؤكد ان ما نراه من واشنطن لا يعطى الانطباع الا بشيئ واحد، امبراطورية حائرة وطريق مسدود.

د. عبدالعظيم محمود حنفى
خبير الدراسات الاستراتيجية
مدير مركز الكنانة للبحوث والدراسات
القاهرة ت 0020109336549