زيارة السيد يشار بيوکانت رئيس الارکان الترکية لمکان الحادثة الارهابية التي وقعت في أنقرة والتي ظهر فيها کالطاوس متمخترا ببزته و نياشينه العسکرية و توقعاته بالمزيد من الهجمات الارهابية و في مدن ترکية أخرى، کانت من أهم التصريحات التي تلت هذه الحادثة و من أکثرها خطورة و تأثيرا على المسار السياسي و العسکري للأحداث.
السيد بيوکانت، الذي يبدو انه مستعجل أکثر من غيره من القادة العسکريين الترك للجوء لخيار quot;الحسم العسکريquot;، بدا و کأن إستعجاله للأمور قد طغى على تصريحه الآنف الذکر الذي من الممکن جدا أن يؤخذ على عدة محامل:
أولها: ان أنقرة قد وضعت يدها على الخطط الارهابية المبيتة لحزب العمال الکوردستاني و هي على علم کامل بما سيقدم عليه هذا الحزب في المستقبل، وفي هذه الحالة يطرح سؤال ملح نفسه؛ وهو لماذا الانتظار الى لحظة وقوع الفأس بالرأس، و لماذا لا تبادر السلطات الترکية لقبر هذه المحولات في مهدها؟
ثانيها: ان الجنرال بيوکانت لا يعلم شيئا بالمرة عن القادم من الزمان و هو يلقي الکلام على عواهنه من دون أن يتدبر لما يقوله و ما يترتب على کلامه من نتائج و إستنتاجات، وهو بهذا يظهر کالعسکري الجاهل الذي يسعى بغطرسته العسکرية الفجة لإيجاد أکثر من موطأ قدم له.
ثالثها: ان رئيس أرکان الجيش الترکي يعلم واقعا بما سيجري و ستقع من حوادث إرهابية لأنها معدة في دوائر و أقبية ترکية خالصة وعلى طريقةquot;ضربني و بکى و سبقني وإشتکىquot;يتم إلصاق هذه الحوادثquot;الملفقةquot;بحزب کوردستاني يعاني الامرين من الموقف الدولي المجاملquot;نفاقا و زيفاquot;لترکيا.
الاحتمال الثالث، قد لايکون توقعه بعيدا بالمرة، سيما وأن الاصابع الترکية قد طفقت تنشط في الاقليم الکوردي وإن هناك معلوماتquot;موثقةquot; متسربة من إقليم کوردستان تفيد بضلوع أيادي ترکية في التفجيرات الاخيرة في الاقليمquot;من خلال جهات محسوبة عليهاquot; سيما ذلك الذي وقع بالقرب من وزارة الداخلية الکوردي، ومع تواتر الانباء عن کشف شبکة إيرانية إرهابية هدفها إثارة البلبلة و عدم الاستقرار من وراء تفجيرات و خطط لإغتيالquot;شخصياتquot;کوردية محددة من قبلquot;الاطلاعاتquot; أي الاستخبارات الايرانية نفسها وأوکلت لهذه الشبکة بهدف إثارة النزاع و الصراع بين الحزبيين الکورديين الرئيسيين، و بالتدقيق في حجم و نوع التنسيق الايراني ـ الترکي يکون من السهل إدراك التورط الترکي في هذه الالاعيبquot;الاستخباريةquot; القذرة التي تستهدف في أغلب الاحيان المدنيين الابرياء العزل. ويبدو أن کل من ترکيا و إيران تسعيان لأسباب قد تکون متباينة في مضامينها لکنها تلتقي في إتجاهاتها لإذکاء النار حول الاقليم الکوردي و قرع المزيد من طبول الحرب، وکلاهما يسعيان لجرlrm; quot;اليانکي الامريکيquot;الى تقديم تساهلات و تنازلات سياسيةquot;إستراتيجيةquot;بالنسبة لهما، وهو أمر ترى فيه غالبية الدوائر السياسية إستحالة حدوثه لاسيما في الظروف الراهنة البالغة التعقيد.
وفي هذا الخضم، يترقب الزعماء الکورد عن کثب هذه التطورات و بصيغة تبدو وکأن لسان حالهم يقولquot;نحن لهاquot;، فتجربة مقارعة الانظمة السياسية العراقية المتعاقبة على الحکم و الممتدة الى تأريخ تأسيس الدولة العراقية نفسها، قد منحت الکورد تجربة متمرسة في القتال و منازلة الجيوش النظامية وإلحاق هزائم و ضربات موجعة بها، کما أن الزعماء الکورد يرون أن التهاون في هذا الظرف التأريخي الاستثنائي قد يأخذ منهم زمام المبادرة ولذلك فإن التهيأ لمواجهة من المؤکد جدا أن يغرق في وحلها السيد بيوکانت لأذنيه، هو الصواب بعينيه. وسوف يدرك الجنرالات الاتراك أن تصريحات السيد مسعود البارزاني لم تکن هواء في شبك وانه کان يعني کل کلمة قالها.
صحيح ان الجيش الترکي سوف يندفع في البداية الى الداخل الکوردي و سوف يرتکب کعادته مجازر بربرية لإرعاب السکان، لکن وبعد أن تمر فترة محددة، سوف يدرك بيوکانت أنه و جيشه يقفان على أرض تقودهم الى بوابة الجحيم، ويومئذ سوف يدرك بيوکانت أي خطأ فادح قد إرتکب و قطعا سوف لن يقول له مرؤوسيهquot;عفرمن بيوکانت مملوك شجاعquot;!!

نزار جاف
[email protected]