تشتعل بيروت مساءا لليلتين متتاليتين. وإذا كانت الليلة الأولى قد اختلطت باحتفالات نهاية العام ورأس السنة فقد كان تأثيرها واضحا ليلة أمس وربما تمتد لليال أخرى.

يصدرعن حركة أمل بيان تنفي فيه علاقتها بالحادث، كما تنفي علاقتها جملة وتفصيلاً بما أوردته بعض وسائل الإعلام عن قيام عناصرها بتمزيق صور أو مشاركة أي من أنصارها في الإشكال، الذي حصل بمنطقة البسطة الفوقا في بيروت، حيث مزقت صورة مزدوجة للرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله زعيم تيار المستقبل سعد الحريري.

تيار المستقبل يصدر بيانا فيه الكثير من اللا تعقل في التعاطي مع الأمر، يهزأ فيه من تمزيق الصورة واضعا ممزقيها في إطار إتهامي حين يقول بيان التيار: quot;إذا كانت صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري سبباً لضيق صدر قوى حزبية معروفة، فاننا نفهم مع سائر اللبنانيين مصدر الضيق الذي كان يسببه وجود رفيق الحريري على قيد الحياةquot;.

نائب المستقبل عمار حوري أعاد الإشكال إلى quot;الإحتقان الكبيرquot; الحاصل في المنطقة وسواها من الأراضي اللبنانية وبالتالي لا يمكن quot;أخذ التوتر على أنه عابرquot;.

نائب حركة أمل عبد المجيد صالح يظهر تلفزيونيا ويرد التهمة ويقول إن حركة امل تدعو إلى احترام كل صور الشهداء والرموز السياسية والدينية على اختلافها.

تمتد المشكلة وتمزق الصورة مرتين وينتشر الجيش في المنطقة بشكل أكثف فهو متواجد أساسا. ويجيء المسعفون وسياراتهم ويهمون بنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات. يستدعي الجيش قواته الخاصة للوقوف بين المتنازعين بعدما امتلأت الشوارع والأزقة بآلاف من الشبان المتربصين.

صور الإشكال من قبل حركة أمل على أنه فردي لا يجب استغلاله سياسيا وتوسيعه. وكذلك فعل المستقبل الذي أعلن تأييده ودعمه للجيش في تطويق الحادث وفرض الأمن في مختلف المناطق اللبنانية.

يشتعل الإشكال غالبا ويضرب من يضرب ويمزق ما يمزق ويكسر ما يكسر وينتهي ببيانات متناقضة في الإتهام ومتفقة في فرض الأمن ومنع الإحتقان. تصريحات وبيانات تنأى وتنفي وتتهم وتؤيد وتدعم. ويحصل الأمر مجددا كل مرة فيستعاد السيناريو دائما كما حصل سابقا.

صور من هنا وصور من هناك تضج بها الجدران والطرقات.. مختلفة المشارب والمذاهب.. سياسية، دينية، دينية- سياسية.. ولا أحد منهم يزيل المسبب. ولا أحد منهم يجيب على سؤال يقول ببساطة إلى حد الغباء: لماذا الصور!؟

يبدو أن الجواب غير موجود بطبيعة الحال في ظل قداسة التعامل مع الصور بالنسبة لفريق والنفور منها بالنسبة للفريق الآخر، واستعادة هذا النفور لدى الفريق الأول تقديسا أشد لصوره والعكس بالعكس، رغم كل البيانات وquot;شتول الزيتونquot;.

ويبدو ان الشارع أوسع بكثير من كل البيانات والتصريحات السياسية وقد اقتات تشنجاتها وتغذى عليها مرارا وتكرارا. فلا جدوى بعدها من بيان ينفي من هنا أو يدين من هناك.

فالصورة أكبر تأثيرا من الكلمة.

عصام سحمراني
[email protected]
http://essam.maktoobblog.com/