كما قلت ستفاجأ كم هي بيروت أجمل على الطبيعة مما تبدو عليه على الشاشة،فلن تشاهد سمير جعجع وميشال عون ولن تتعثر بتصريحات جنبلاط،ولن تفك طلاسم تصريحات بقية السياسيين وأنت تتجول في شوارعها وستجد أنهم اختفوا فجأة وكأنهم ليسوا كل لبنان كما تصور لنا شاشات التلفزيون.
*******
بيروت على الطبيعة مدينة فرحة وخاصة فترة الأعياد ورأس السنة،فأشجار الميلاد وبابا نويل وحفلات الأطفال المجانية والزينات وتدافع الناس لشراء (الكادويات )وهدايا العيد هو المشهد السائد في لبنان على الطبيعة،واللبناني لا ينتظر الاذن من أحد ليفرح ويستمتع بيومه.تعوا ع بيروت 1
أحد اللبنانيين يقول :quot;أعمل طول الأسبوع ليل نهار،كي أصرف ما جمعته في (الويكند )على (الكزدرة )و(الضهرات )مع زوجتي وأطفالي،ثم أعود مرة أخرى للعمل وهكذا...
*******
السوليدير الذي نعرفه قبل حرب تموز لا وجود له،والمقاهي التي كانت مشتعلة بالموسيقى والأراجيل استبدلت بخيام المعارضة التي عسكرت فيه،بعض المقاهي أغلق وبعضها الآخر لا يزال يعافر من أجل الصمود والبقاء.
لكن اغلاق سوليدير لم يمنع اللبنانيين من اختراع (سوليديرا )آخرا في شارع الجميزة حيث المقاهي والمطاعم و(قهوة القزاز)التي يرفع المطرب صوته فيها بأغنية (راجع راجع يتعمر راجع لبنان )وهو قدر هذه المدينة ذات السبع أرواح،تقتل ثم تقوم من رمادها،وتعمر من جديد،
لكن ألا يحق لهذه المدينة مثل غيرها أن تظل معمرة وحية دون أن تجرب الموت بين وقت وآخر ؟
********
الزعبرة في الفواتير في المقاهي وأجرات السيارات ستصادفك بين فترة وأخرى،واذا اعترضت سينظر اليك الجرسون بطريقة ولسان حاله يقول :quot;ولو مدام انت كريمة ونحنا منستاهل quot;ولا يفهم أن الاعتراض ليس على بضعة دولارات ولكن الاعتراض على هذه (الميانة )على جيب الخليجي،وعدم تغير فكرة أنه كيس نقود متحرك،للجميع الحق في مشاركته بماله ومحفظته،وكأن عليه أن يعتذر عن ارتفاع سعرالنفط بدفع ضريبة من جيبه الخاص.
يا جماعة :الخليجيين مساكين..صدقوني
**********
رغم أننا بلّغنا بأن الثلج لم يسقط هذا العام،الا أنك بزيارة منطقة (فاريا) سترى أن الكمية معقولة وكافية لهواة التزلج للاستمتاع وممارسة رياضتهم المحببة،تذكرت دبي وارادتها التي لا تنتهي لصناعة المستحيل حيث زرعت الثلج وسط الصحراء ودججته بكل وسائل الراحة وأدوات التزلج،الا أن التزلج على الجليد في مكان مصطنع ومغلق هو يشبه التزلج داخل ثلاجة أو (فريزر)بعكس التزلج على الطبيعة حيث الشمس تحدث التوازن وتكسبك اللون البرونزي في جو طبيعي وصحي.
**********
في لبنان يمكنك أن تقضي نهارك في الثلج ثم تأخذ لك (كزدورة )فوق الجبال،ثم تلتهم سمك السلطان ابراهيم الشهي على البحر وكل ذلك في يوم واحد.
ولا أتذكر أنني زرت بلدا آخر يقدم لك ذلك
********
اذا كنت من هواة الثقافة،فبيروت تفسدك بالخيارات المتعددة،فلديك معرض الكتاب في البيال المنظم والفارغ -بعكس معرض كتاب الرياض الذي كان مزدحما بشكل كبير - والأنشطة المصاحبة له لعل أجملها أمسية احياء ذكرى الشاعر نزار قباني بمناسبة مرور عشر سنوات على رحيله والتي أحياها كل من الشاعر شوقي بزيع والموسيقار احسان المنذر الذي عزف أجمل أغاني ماجدة الرومي من شعر نزار،ثم القي شعره على شكل حوار بين رجل وامرأة من قبل ورد الخال وجهاد الأطرش،وفي المعرض ستشاهد الشاعر والاعلامي زاهي وهبي وهو يوقع كتابه الجديد والى جواره زوجته الحسناء رابعة الزيات التي تركت مولودهما الصغيروهو لم يتجاوز الأسبوعين لتقف الى جوار زوجها،والى جوارهما ستشاهد غسان شربل وهو يوقع كتابه الجديد quot;لعنة القصر quot;الذي كتب لي فيه على صفحة الاهداء :quot;الى شريكتنا في هموم الحبر quot;،كنا نتطلع لحضورأمسية شعرية للشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي لكنها ألغيت.
*********
جواد الأسدي أيضا كان يعرض مسرحيته quot;نساء السكسوفون quot;في مسرح بابل،والرسام المبدع جبر علوان كان يعرض لوحاته في نفس المكان.
*********
هذه هي بيروت كما تبدو بالعين المجردة،فن وجمال وفرح وحرية وحياة وثقافة
بخلاف ما نراه كل يوم على قنواتها التلفزيونية.
ريم الصالح
[email protected]
التعليقات