أزمة المعارضة في الديمقراطية المنقوصة



الديمقراطية المنقوصة أخطر في اعتقادي من غياب الديمقراطية نفسها، في الوضع الديمقراطي السليم ليست هناك معارضة دائمة ولا توجد هناك أكثرية دائمة بمعنى أن إمكانية تسلم المعارضة شئون الإدارة أو السلطة ومحتمله وعلى المدى الطويل قائمة بلاشك وكذلك إمكانية تحول الأكثرية الى أقلية والأقلية الى أكثرية مسلم بها وقائمة بل هي معيار لتوازن القوى وعامل ضبط للقرار السياسي وتصويبه من أجل مراعاة الصالح العام للمجتمع والأمة.


أما في حالة الديمقراطية المنقوصة حيث لا يوجد تداول محتمل للسلطة يلوح في الأفق فيمكن توقع ما يلي :-
1 ndash; تحول المعارضة الى عقبه في حد ذاتها ويرتبط وجودها بكونها كذلك ولو تخلت عن معارضتها فقدت جوهرها وعامل الربط بين أفرادها.
2 ndash; فقدان الأمل لدى المعارضة في المشاركة في الإدارة والحكم يجعل من أفرادها ضحية سهلة للمغريات ووسائل الجذب لدى الحكومات ويصبح الانتقال الى الجهة الأخرى بديلاً محتملاً وقائماً.
3 ndash; تفقد المعارضة بعدها الأيديولوجي مع الوقت إذا لم تتح لها فرصة أداءها لدورها وممارسة هذا الدور وتصبح بالتالي معارضة بالفطرة بعيداً عن فكرة المعارضة الحقيقية التي تقوم أصلا على البرنامج السياسي الأيديولوجي ومحاولة تطويره بالممارسة، أو التراجع عنه واستبداله.
4 ndash; عندما يكون الخيار بين البقاء على ما هو قائم دون تحرك الى الأمام أو الانتقال الى جهة الأخرى جهة الموالاة. وكلا الخيارين فساد للسياسة التي تقوم أصلاً على الاحتمال وفن الممكن تحقيقه هذا في حد ذاته خسارة للمجتمع.


سئل احد اعضاء حزب المحافظين الحاكم فى بريطانيا فى اخر الحقبه التاتشريه اثناء الانتخابات قبل فوز حزب العمال الحاكم اليوم عن امله من تلك الانتخابات فأجاب انه يتمنى فوز حزب العمال وهو المحافظ العريق ولما سئل عن هذه الامنيه التى تبدو غير منطقيه رد قائلا لكى لاينسى العمال كيفية ممارسة الحكم الديمقراطى ولكى لاينسى المحافظون اسس المعارضه بالوسائل الد يمقراطيه، انظروا الى الوعى ايها الساده باهمية التغيير وضرورته لانه فى الاساس طبيعه دنيويه ولذلك فان عدم ادراك ذلك لايمنع وقوعه ولكن من الافضل للانسان والشعوب ان تمارس حقها فى المساهمه فى درجة التحكم فيه من خلال انظمتها السياسيه والاجتماعيه ولايتم ذلك الا عبر الممارسه الد يمقراطيه المفتوحه التى تتطلب دستورا ديمقراطيا ينص من بين خصائصه على حق تداول السلطه.ان الازمه المتكرره التى نشهدها تكرارا بين البرلمان والحكومه الكويتيه دليل على الطريق المسدود الذى تصل اليه دائما الديمقراطيه المنقوصه حيث لانظام حزبى يمكن الحزب الفائز من تشكيل الحكومه باغلبيه برلمانيه مريحه تمكنه من العمل وتسيير الامور كما فى النظام البرلمانى الحقيقى وليس هو نظام رئاسى منتخب تتداول فيه السلطه وتتعايش حتى مع المجلس ذو الاغلبيه المعارضه.


لذلك عدم اكتمال الحلقة الديمقراطية المتمثلة في إمكانية التداول السلمي للسلطة سواء برلمانيا عن طريق رئاسة الوزراء او رئاسيا كانتخاب الرئيس او الحاكم يجعل حتى من هذه الأبعاد الأخرى اللازمة للعملية الديمقراطية كالانتخابات ووجود الدستور وقيام الأحزاب لا تؤدى دورها بالشكل المطلوب والفعال ولذلك يصبح التكور حول الذات لحماية المصلحة الشخصية بعداً حاسماً لدى الأفراد في حين أن اكتمال العملية الديمقراطية بشكلها الطبيعي يجعل من المصلحة العامة مرتكزاً لا يمكن الحياد عنه أو تجاوزه للانتقال من هشاشة الدوله فى منطقتنا العربيه الى دولة الدستور الديمقراطى القويه التى لاتنفجر من تناقضاتها الداخليه الطبيعيه لترمى باحشائها الى الخارج وتعود جوفاء كأن لم تغن بالامس.

عبدالعزيز محمد الخاطر
كاتب من قطر
[email protected]