هذا ما قاله لي أستاذ جامعي عربي زائر قدم إلى موسكو في مهمة علمية عندما جمعتنا الظروف لتناول الغذاء على طاولة واحدة في مطعم براغ الشهير في العاصمة موسكو في العام 1985 على ما أتذكر وكنا نتجاذب أطراف الحديث عن روعة وفخامة المكان.

في هذه الأثناء لاحظت أنه يأكل من الطبق الموضوع عليه بعض الأنواع من لحوم الخنزير الباردة مثل الجامبو، والبيكون المدخن وغيره من مشتقات لحوم الخنزير المصنعة، غير أنه كان يقوم بفصل اللحم عن الدهن الموجود في قطع البيكون المدخن فيأكل الدهن ويترك اللحم.

فتوقعت أنه لا يعرف أن هذه الأصناف الموضوعة على هذا الطبق مصنعة من لحوم الخنزير فأخبرته بذلك. إلا أنه أجابني بأنه يعرف ولذلك فهو لا يأكل اللحم وإنما يأكل الدهن فقط. وأضاف قائلاً أن quot;لحم الخنزير حرام أما الدهن فحلالquot; وأن الله سبحانه حرم علينا أكل اللحم فقط ولم يحرم أكل الدهن، ولم يمنع تربية الخنزير أو الاتجار فيه بالبيع والشراء. وأكد لي أن هذا من الإعجاز العلمي للقرآن حيث أن لحم الخنزير له أضرار كثيرة بينما أثبت العلم الحديث أن دهن الخنزير يحتوي على فوائد جمة، وأنه في كل مرة يسافر إلى دول أجنبية يشتري منها برطمانات المسلى المصنع من دهن الخنزير وتستخدمه أسرته في طهي الطعام فهم يحبونه جداً.

بعدما أكمل حديثة انتابتني الدهشة وقلت له أنني لم أسمع قط مثل هذا الكلام، لأننا نعلم منذ نعومة أظافرنا أن أخوتنا المسلمون لا يتعاملون مع الخنزير كحيوان بكامله البتة باعتباره حيوان نجس ومحرم بالتمام والكمال. فقاطعني قائلاً أن هذا الكلام غير صحيح وليس له سند شرعي وأن المشرع صرح بأكل لحم الخنزير في حالة الضرورة وأضاف أنه يفقه في علوم التفسير الكثير ما يجعله لا يكترث بسماع مثل هذه الأقوال، وأن الله سبحانه لم يخلق شيء ما في الطبيعة يحمل صفة النجاسة فالله طاهر وكل خليقته طاهرة.

تذكرت هذا الحوار وأنا أتابع بعض التقارير التي تتحدث عن انفلوانزا الخنازير وبعض التقارير الأخرى عن إعدام أعداد كبيرة من الخنازير. وفكرت إن كان الأمر كذلك فلماذا لا تشكل لجنة من رجال الدين، والعلماء، والمتخصصين في علوم التغذية والغذاء لدراسة الموضوع بجدية فلربما ساعد ذلك في توفير مليارات الدولارات التي تنفقها الدول العربية على استيراد الزيوت والمسلى المهدرج الطبيعي، والصناعي مثل المارجرين وخلافه من الدول الأوربية.


بالإضافة إلى توفير آلاف فرص العمل للشباب في تربية الخنازير في مزارع نموذجية في الصحراء الواسعة تشرف عليها الوزارات والجهات المعنية، الأمر الذي يسهم في تقديم حلول عملية للقضاء على مشاكل البطالة، ويتم استخدام الدهون في تصنيع المسلى ومستلزمات التجميل، والأدوية، وتصدر اللحوم ومشتقاتها للدول الأخرى.
[email protected]