قرار عدم قراءة تعليقات القراء على كتاباتي الذي أعلنته قبل مدة هو محصلة تحولات فكرية ونفسية أنتجها تضافر تغيير مكان العيش، ووجود روح في داخلي تنزع بقوة نحو التصوف والأفلات من قيود إستعباد شروط الحياة الروتينية، وتشتاق ألى الأنغمار في ملكوت الحياة والكون والله... في رحلة فكرية وروحية يلفها الغموض والمجهول والسعي من أجل البحث عن معنى أعمق لهذه الحياة.

بعد مجيئي الى أمريكا وتحول مكان عيشي من الشرق الى الغرب، تولد عندي حب جارف لقراءة تاريخ العلم وما أبدعه العقل البشري من أختراعات وأكتشفات، وكان من نتيجة هذا الأهتمام الجديد إعادة التفكير بالأولويات الضرورية للحياة، فأنا قادم من الشرق ومن العراق تحديدا هذا البلد المجنون بالشعر، وشخصيا أنفقت الكثر من عمري على قراءة الرواية الأدبية، والقضية لم تكن صدمة حضارية مثلما يحب ان يطلق عليها أصحاب الأفكار الجاهزة الببغائية، وانما هي عملية مراجعة لسنوات الهدر وبعثرة الزمن والعمر في المجتمعات الشرقية المتخصصة في تقديم الهامشي والمبتذل على الأساسي والغايات، والأستغراق في النرجسية وهيمنة مرض هلوسة الشعور بالعظمة !

فمن يستحق التحية والتثمين والأهتمام والكتابة عنه.. ليس أنا، وكذلك ليس 99% من أدباء وفناني وكتاب وصحافي العالم، وأنما الذي يستحق الحب والتقديس هم العلماء الذين صنعوا لنا الحضارة وقدموا لنا السيارة والكهرباء والطائرة والتلفزيون والهاتف والأنترنت والأدوية الطبية وغيرها من الأختراعات والأكتشافات التي أضاءت للبشرية طريق العلم والمعرفة والرفاه والراحة والسعادة.

لقد جعلتني نزعة التصوف في داخلي أستغني عن الحاجة الى أعتراف الآخر بي، فهذا الآخر الشرقي هو موضوعي الذي أشتغل عليه، وهو الذات المشوهة المتخبطة في فكرها ومشاعرها وسلوكها، وهو الذي لم يعش أنسانيته، ولم يعرف حقيقة الدين والله، وهو المجرم الوحشي بحق المرأة والطفل، وهو الحيوان الأيديولوجي المنقاد بحبل إستعباد الشعارات الغوغائية له، فماه حاجتي الى أعتراف كائن منهوك وفاقد لحس التمييز والبصيرة؟

ينقسم المعلقون على كتابتي الى عدة أقسام منها:

- قراء محترمون من مختلف المستويات ولهم آراء عقلانية قيمة ومتحضرة.

- ضباط مخابرات يحاولون التشويش وخصوصا من المخابرات السورية والإيرانية وعملائها.

- عناصر من ذوي التوجهات القومية والشيوعية والتيار الديني الظلامي، وكذلك من الأحزاب الكردية.

- بعض ذوي النفوس المريضة بعقدة الحقد والتي تجد ذاتها ومتعتها في ممارسة كل ماهو قبيح ومبتذل وحقير.

وبناءا على هذه الأسباب قررت عدم قراءة تعليقات القراء، وكذلك أشير الى أنني لاأكتب أية تعليقات بأسمي مطلقا.

لماذا أكتب؟
قد يتساءل البعض لماذا أكتب اذاً، وجوابي هو: أنني أمارس حريتي في متعة الكتابة والتعبير عن مواقفي، ومثلما أنا امارس حريتي أنتم كذلك بأمكانكم ممارسة حريتكم في إهمال كتاباتي وعدم قراءتها.

[email protected]