تبدأ النهاية عندما لا نفهم بعضنا بالقدر الكافي، فنقرأ الآخر قراءة متعجلة
لا تنبهنا للتفاصيل، فنقترب بغباء ونختلف متفقين على فراق ومن ثم نبتعد بقسوة
فُتكتب النهاية المؤلمة لعلاقة كان يمكن لها النجاح لو قرأنا الآخر بطريقة متأنية صحيحة.
لهذا من الصعب أن نتواصل بحب فقط وبدون فهم عميق للشخصية واحتواء صادق حتى لا يحدث الخلل و ُيصيبنا القرب من الآخر بعدم الراحة فنكتشف أننا وقعنا في الاختيار الخاطئ.
فتأتي مثل هذه العبارات التي تقال عادة بعد الصدمة الأولى وُتكرر بعد اعتياد الصدمات المتلاحقة.
quot;لقد تبدلت أحواله بعد الزواجquot;، quot;ليس الشخص الذي أحببتهquot;
quot;صدمت فيمن اعتبرتها صديقة ُعمرquot;.. وهكذا.
فهل هذا صحيح ؟
هل هنالك طرف جاني وطرف مجني عليه.؟
طرف متلقي للعذاب و آخر ُمصدر له.؟
للأسف أننا نبذل مجهودا أكبر في التفكير عند التجهيز لوليمة عشاء أو عند التقدم لوظيفة أكثر مما نبذله عند اختيارنا لشخص مقرب أو تحليلنا لردود أفعاله سواء كان هذا الآخر زوجا.. صديقا..... زميل مهنة أو مكان quot;
المشكلة انه عند سيرنا في هذا الطريق قد نظلم ونجرح ولا نشعر بما سببناه لغيرنا وقد نتألم نحن أو نعاني ولا حياة لمن ننادي.
لذلك اغلب الصدمات تأتي عندما نرى بوضوح فيبهرنا الضوء ويلفتنا إلي ما جهلناه لسنوات وبدلا من أن يؤدي إلي فهم التفاصيل ومعرفة ما استعصى يسير بنا نحو الصدمة وظهور الخفي من القول والفعل ومن ثم الإنكار والرفض
فيستحيل التفاهم ونرفع شعار quot;البعد عنك غنيمةquot;
سبب آخر قد يجعلنا فاعلين في وضع كلمة النهاية وهو أننا نتوقع الكثير من الطرف الثاني، فنحّمله فوق ما يحتمل فنكون quot;أنانيين quot;
كذلك قد نرغب في اختصار علاقات متعددة في علاقة واحدة فتتداخل المشاعر وترتبك المسميات بداخلنا فيختلط العطاء بالحب..
التضحية بالواجب.. بالمفروض فنكون quot;متطلبينquot;
فيكون مطلوب من الصديقة أن تتحول إلى أخت
و الزوجة إلي عشيقة..صديقة..أم..أخت.. وصفات أخرى
و الأم تطالب أبناءها وبناتها أن يكونوا أصدقاء لها
فلا يستطيع أي طرف أن يلبي ما يريده الآخر حتى لو حاول تتحول العلاقة إلي مسخ ليس له محتوى صحيح ولا يوضع داخل إطار محدد من العلاقة، فيصبح عبئا على صاحبه وأمانة تنوء عن حملها الجبال.
على الرغم من أن كل علاقة مما سبق لها محتوى جميل مستقل بذاته ولا تحتاج إلى تدخل إنساني يشوهه.
كما أننا لا نحتاج إلي اختصار كل العلاقات في علاقة واحدة بل جميل أن يتواجد كل في موضعه ومكانته من القلب حتى تكتمل دائرة العلاقات حولنا وتحيطنا بسياج من الأمان والتوازن وتملأ الفراغات بما يناسبها من مشاعر.
وجملة النهاية الأجمل تلك التي قالها عبد الوهاب مطاوع:
أهلا بالحب والصداقة وعشرة العمر الجميلة وكل المعاني السامية التي تخفف من عناء الحياة وتزيد مساحة الصدق والجمال والوفاء فيها.
ومع السلامة لكل شيء آن أوان انتهائه.. وحل موعد إسدال الستار عليه فلكل شيء في الحياة بداية وله أيضا نهاية لا مفر منها...