بغض النظر عن المبررات التي ساقها وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لتفسير انفصاله عن تحالف 14 آذار فمن المؤكد ان ذلك سوف يقلب الخريطة السياسية في لبنان رأسا على عقب!

فلا الأكثرية سوف تظل أكثرية ولا الأقلية سوف تظل أقلية بل إن تركيبة الحكومة التي يقوم بتشكيلها سعد الحريري رئيس تيار المستقبل سوف تتأثر بكل تأكيد.

ومع احترامنا لحق جنبلاط في تغيير مواقفه السياسية استجابة لمعطيات طائفية أو حسابات اقليمية ودولية لكن كان من الأفضل أن يتشاور مع حلفائه في 14 آذار قبل إعلان هذا القرار.

فالرجل أعلن قراره في الوقت الذي دخلت فيه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية مرحلة توزيع الحقائب الوزارية بعد معالجة إشكالية quot;الثلث المعطلquot; مما دفع رئيس الحكومة المكلف لوقف مشاوراته والسفر في إجازة عائلية لفرنسا دون أن يحدد موعدا لاستئنافها.

فانفصال جنبلاط عن 14 آذار سوف يترتب عليه تغيير تركيبة الحكومة الجديدة التي تم الاتفاق عليها لتصبح 12 وزيرا بدلا من 15 للأكثرية، وعشرة وزراء للمعارضة وخمسة وزراء لرئيس الجمهورية وثلاثة وزراء لجنبلاط.

كما سيغير تشكيلة مجلس النواب اللبناني لتصبح 60 نائبا بدلا من 71 لتيار 14 آذار، و57 نائبا للمعارضة و11 نائبا لجنبلاط.

وهكذا فإن تيار 14 آذار سوف يفقد الأغلبية التي كان يتمتع بها في البرلمان والحكومة بموجب الانتخابات الأخيرة بينما سيصبح جنبلاط quot;رمانة الميزانquot; في التصويت على أية قرارات.

صحيح ان الرجل حاول طمأنة حلفائه السابقين بالتأكيد على أنه لن يتحالف مع كتلة 8 آذار الموالية لسوريا وسوف يظل مستقلا لكن انقلابه المفاجيء وسجله السابق الحافل بالتقلبات لا يوفر أية ضمانات.

فبعد سنوات طويلة من العداء لسوريا وإيران وحزب الله ونجاحه في إخراج القوات السورية من لبنان تحول إلى صديق لكل هؤلاء وسط انباء عن زيارة محتملة له إلى دمشق.

ومن الواضح ان جنبلاط قرر إعادة حساباته عقب أحداث 7 مايو 2008 وما واكبها من حصاره داخل قصره في بيروت وقصف مواقعه ومقار حزبه في جبل لبنان بالصواريخ.

ومع خسارة الجمهوريين في الانتخابات الامريكية ورحيل أصدقائه من المحافظين الجدد ومجيء إدارة أمريكية أكثر تساهلا مع إيران وسوريا ازداد شعوره بعدم الأمان.

ومن المحتمل ان يكون قراره الأخير استهدف الحفاظ على حياته في ظل التهديدات المتزايدة له بأنه سوف يلقى نفس مصير والده كمال جنبلاط وصديقه الشهيد رفيق الحريري.

عموما انقلاب وليد جنبلاط على حلفائه في 14 آذار ليس الأول من نوعه في تاريخه السياسي ولن يكون الاخير

عبد العزيز محمود