من عاش في العراق يعلم جيدا ان زيارة مرقد الحسين في كربلاء لم تنقطع يوما من الايام سواء في العهد الملكي او في حكم صدام حسين وبالرغم من محاولات قمعها وبمختلف الاساليب واستمرت بعد الاحتلال.. وبشكل لافت للنظر هي تسيس هذه المناسبات من قبل وعاظ السلاطين والاحزاب الدينية الطائفية ومع الاسف الشديد دخلت الحكومة العراقية على الخط حالها حال البقية.. فبدا كل حزب يصرف مليارات الدنانير على شكل توزيع الطعام والشراب والاعلام واقامة السرداقات وتقديم الخدمات وبلا حساب.. مما دفع هذه الاحزاب الى التباري والتسابق في البذخ وطبخ الطعام والمشروبات بكل انواعها من الماء المعقم وحتى الببسي والميراندا والسفن اب و مشروبات اخرى كعصائر الفواكه التي لم يشربها الحفاة والجياع.. اما الفواكه التي توزع فتبدا بالموزوالتفاح وتنتهي بالخوخ والرمان..

اما الحلويات فتبدا بالبقلاوة والزلابية وتنتهي بالنستلة والحلقوم.. ومن المواقف المضحكة المبكية في احدى السنين قامت رئاسة جهاز المخابرات العراقية بطبخ الطعام وتوزيعه على المواطنين.. اما احد الاحزاب العلمانية في مدينة كربلاء فقد اقام عزاءا باحدي المناسبات الدينية حاله حال غيره من الاحزاب.. وهنا تدخل الحكومة والفضائيات حكومية وحزبية للتباهي بالزيارات المليونية ونقلها مباشرة مصحوبة بقراءة التعازي وبمختلف الاصوات والانغام.. وبتخصيص الاف العجلات والباصات لاعادة الزوار الى محافظاتهم بعد انتهاء الزيارة..ان اسال ما علاقة وزارة التجارة لتخصص اكثر من 500 باص وشاحنة لنقل الزوار وهذا ينطبق على الجيش.. قد يسال احدهم ويقول ما الضرر في ذلك ؟؟ ولماذا الاعتراض عليها ؟؟ اعتراضي لماذا تسيس هذه المناسبات وهي دينية بحتة ؟؟ ولماذا تتدخل الحكومة التي تمثل كل اطياف ومذاهب واديان الشعب العراقي في مثل هذه الفعاليات التي تخص طائفة معينة وربما تثير حفيظة بقية الطوائف وبلا مبرر يستوجب ذلك ؟؟ الامر الثاني الذي قد يلومني عليه البعض.. وهو ما المانع في ان ياكل الفقير والجائع اللحم والفاكهه والحلويات مجانا.. ؟؟ الاعتراض هو لماذا لاتحارب الحكومة والاحزاب الفقر والجوع ؟؟

وبدلا من ان يسرقوا قوت اغنى شعب في العالم وتجويعه انطلاقا من القاعدة التي تقول جوع كلبك يتبعك.. ان هذه الملايين الزاحفة على الاقدام لو كان لديهم عمل.. هل كانوا يتركون اعمالهم ليسيروا مئات الكيلومترات على الاقدام ؟؟ لكان من يمتلك اجرة السيارة لركبها دون الحاجة للمسير على الاقدام.. لماذا لاتقوم الحكومة والاحزاب الحاكمة بتوفير فرص عمل حقيقية وتحارب البطالة والبطالة المقنعة.. لم يمر العراق بفترة اتعس من الفترة التي اعقبت الاحتلال من تدمير ليس البنية التحتية فحسب انما تدمير الصناعة والزراعة التي يعتمد عليها المواطنون في كسب رزقهم بعرق جبينهم وحولوهم الى افواه مفتوحة تنتظر اللقمة الجاهزة التي يتصدق عليهم بها الاخرون.. الاسباب الحقيقية لهذه الزحوف البشرية الهائلة هي بسبب شعورهم بالياس والاحباط والمرارة من وزراء ونواب انتخبوهم لانقاذهم من الفقر والجوع والمرض فاذا بهم يتسلطون عليهم ويزيدنهم فقرا على فقر وجوعا على جوع بل من مصيبة الى مصيبة اكبر.. ولهذا نجدهم وحسب عقيدتهم يستنجدون بالقوى الروحية المتمثلة في ال البيت والرسول عسى ان ينقذوهم مما هم فيه من ياس ومرارة.. ولكن القابعون في المنطقة الغبراء لا يحسون بحالهم ولايدركون معاناتهم.. من كان يتصور ان حماية الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية والقيادي في المجلس الاسلامي الاعلى تقوم بسرقة مصرف حكومي وقتل حراسه الثمانية الابرياء ؟؟؟ اليس الدكتور شارك الحشود المليونية في عاشوراء الماضي في المسيرة الراجلة واكيد كان القتلة من ضمن حمايته.. كيف نبرر ذلك ؟؟ بالامس سقط 12 قتيلا من الزوار جراء تفجيرين استهدفتهم من عناصر حاقدة على البشرية وسبقها وفي مناسبات سابقة قتل الالاف من بسطاء الناس بحجة انهم زوار الحسين... وعاظ السلاطين يشجعونهم على الموت بلا مبرر على اساس انهم شهداء في سبيل الامام الحسين ورب العالمين في كتابه الكريم يقول ولا ترموا بانفسكم الى التهلكة.. والله اعلم كم سيقتل اليوم وغدا حتى حلول يوم الزيارة الجمعة القادمة

الزيارة المقبلة هي بمناسبة ولادة الامام الحسين (ع) وهي مناسبة المفروض بها ان تكون سعيدة مفرحة تعمها الافراح ولا نقول رقص وغناء ( لايروح يزعل وعاظ السلاطين ) على الاقل تقرا المواليد وتدق الطبول على سيد المرسلين وابن بنته بهذه المناسبة السعيدة بدلا من اللطم والبكاء وتعذيب الذات بالمشي في حر الصيف القائض وكما يقول العراقيون ( من الحر الزمال يبول دم ).. والمصيبة الاخرى هي قطع الكهرباء من مناطق بغداد وتحويلها الى كربلاء.. اي مصائب قوم عند قوم فوائد.. وهناك حقائق على الحكومة توضيحها اضافة للمخاطر الامنية.. هي المخاطر الصحية فوباء انفلونزا الخنازير والايدز والكوليراوالحصبة وضربة الشمس منتشرة ومن مسؤلية الجهات الصحية التحذير من المخاطر بدلا من الطمانة الكذابة.. خلاصة القول ؛-

من حق المواطن ممارسة طقوسه بلا تدخل من اية جهة كانت.. ولتكن عفوية وليس باسلوب انفعالي تهويلي لامبرر له موجه لخدمة طموحات واطماع شخصية تسيء الى المناسبة وتفرغها من مضامينها الحقيقية .

توعية المواطنين على المخاطر التي قد يتعرضون اليهاعدم تسيس هذه المناسبات المقدسة ولاغراض سياسية دنيوية رخيصة قد تزيد وتؤجج الفتنة الطائفية وتعرض الوطن للمخاطربلا مبرر او مسوغ.

محاربة الفقر والمرض والجهل من خلال محاربة الفساد والمفسدين وتوفير فرص عمل حقيقية في الزراعة والصناعة لكي يكسب المواطن عيشه بعرق جبينه لا بالاستجداء

القضاء على وعاظ السلاطين وان لم تتمكن فتحجيم دورهم على الاقل وحماية البسطاء من الاعيبهم .

ومن الاقوال التي كان ولازال يتداولها العراقيون والتي ذهبت مثلا يضرب لكل من يفكر بنفسه وبمصالحه قولهم ( ترة مايبجي على الحسين يبجي على الهريسة ) وهذا لايحتاج الى شرح توعية المواطنين البسطاء بان اللطم وتعذيب الذات لايحل مشكلة وانما النضال ضد اعداء الشعب وسكنة المنطقة الغبراء هو الحل.

ولابد لي من ان ادين كل التفجيرات التي تستهدف العراقيين اينما حلوا وارتحلوا وفي كافة انحاء العراق ومهما كانت الدوافع التي تدعونها واقول لهم ان اعمالكم جبانة وحقيرة وان دلت على شيء فهي تدل على جبنكم وخسة نفوسكم وعاركم لان مثل هذه الاعمال والجرائم لايقوم بها عراقي شريف.. و شلت ايادي كل من يؤذي العراقي.

على الدولة ان تدرك لاتوجد دولة في العالم فيها هذا العدد من مناسبات الوفاة والزواج والولادة بقدر ما موجود في العراق... تعطل فيها مرافق الحياة ومؤسسات الدولة والدوام وبشكل يعتبر تخديري ومقصود لفقراء ومعدمي الشعب العراقي وختاما لنرفع صوتنا عاليا وننادي.. وا حسيناه.. الغوث..الغوث... خلصنا من وعاظ السلاطين والحرامية والقتلة والفاسدين من الخائفين والمتوارين في المنطقة الخضراء.

نوري جاسم المياحي

[email protected]